2025/05/09

الاتفاق مع اليمن: "إسرائيل" قلقة من "دبلوماسية الانسحاب" الأميركية

على وقع توقيع اتفاق ثنائي مع جماعة أنصار الله الحوثيّة في اليمن، والذي شكّل مفاجأة للطرف الإسرائيلي الذي بقي خارج هذا الاتفاق ولم يعرف به مسبقاً، ولم يتمّ إدراج التهديد اليمني لـ "إسرائيل" ضمنه، يتحضّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجولة شرق أوسطية، يزور فيها كلّاً من السعودية والإمارات وقطر، والتي من المتوقّع أن يعقد فيها صفقات كبرى، ويوقّع العديد من العقود الاستثمارية.

 

في ولايته الثانية، أعاد دونالد ترامب إحياء وتعزيز سمة مميّزة طبعت الدبلوماسية المعتمدة في رئاسته الأولى: الانسحاب من الالتزامات. ويمثّل نهج ترامب في تلك الدبلوماسية انفصالاً حقيقياً عمّا اعتمدته الإدارات الأميركية السابقة والتي قامت على بناء التحالفات الثابتة والحرص على تأمين مصلحة الحلفاء، والمشاركة المستدامة في المعاهدات الدولية.

 

 يمكن تعريف هذه الاستراتيجية بتطبيق ترامب الانسحاب الاستراتيجي من الالتزامات ضمن معايير ثلاثة:

 

- الأول: الانسحاب الأحادي من الاتفاقيات العالمية (خاصة تلك المتعدّدة الأطراف) لتحقيق ما يسمّيه مصلحة أميركا في عالم يستغلّ الولايات المتحدة ويحصل على أموال طائلة من دون تحقيق مكاسب للأميركيين.

 

- الثاني: التهديد بالانسحاب من المفاوضات كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب.

 

- الثالث: الانسحاب من الالتزامات الأميركية السابقة بالتحالفات ومن العمل على تأمين مصلحة الحلفاء والشركاء الاستراتيجيّين.

 

تعتمد هذه الاستراتيجية على سياسة "حافة الهاوية"، وهي سياسة براغماتية تهدف إلى الضغط على الخصوم والحلفاء، لتقديم تنازلات ومكاسب ولتغيير شروط معاهدات يراها الأميركيون غير عادلة.

طبّق ترامب هذه الاستراتيجية الدبلوماسية في ولايته الأولى، فانسحب من اتفاقيات المناخ، ومن العديد من المعاهدات الاستراتيجية مع الروس، كما انسحب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تمّ توقيعه خلال عهد أوباما عام 2015، وهدّد بالانسحاب من حلف الناتو في حال لم يقم الحلفاء بالمساهمة العادلة في تحمّل الأعباء.

 

في ولايته الثانية، جدّد ترامب التزامه بدبلوماسية الانسحاب من الالتزامات التي ـــــ برأيه ـــــ لا تفيد المصالح الأميركية، فأكّد أنّ المساعدات الأميركية لأوكرانيا ليست مجانية، وبالفعل علّق حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار في آذار/مارس 2025، وهدّد بالانسحاب من الحملة العسكرية وتقديم الدعم لأوكرانيا، إلا في حال وافق الأوكرانيون على توقيع صفقة المعادن، والتعهّد بالتوصّل الى اتفاقية سلام مع الروس.

 

وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث توصّل الأميركيون وحكومة زيلينسكي إلى توقيع اتفاقية المعادن التي منحت مكاسب استثمارية كبرى للأميركيين في الأراضي الأوكرانية من دون أن تقدّم أيّ ضمانات أمنية لأوكرانيا كما كان الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي يشترط لتوقيع الصفقة.

 

 وفي أيار/مايو 2025، فاجأت إدارة ترامب الجميع بتوقيع اتفاق مع جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن. وقالت الخارجية العمانية في بيان، إنّ اتصالات أجرتها مسقط مع الأطراف المعنية أسفرت عن تفاهم سيتوقّف بموجبه كلّ طرف عن استهداف الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية.

 

ووفقاً للبيان، فإنّ الاتفاق يضمن سلامة السفن الأميركية وليس كل السفن من ضربات الحوثيين، كما أنه لا ينصّ على وقف ضرب "إسرائيل" من الأراضي اليمنية.

 

وشكّل هذا الاتفاق صدمة في "إسرائيل"، إذ نقلت هيئة البثّ الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين أنهم "فوجئوا بإعلان ترامب". كما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول إسرائيلي كبير أنّ إدارة ترامب "لم تخطر تل أبيب بهذه الخطوة".

 

جسّد اتفاق ترامب مع جماعة أنصار الله اليمنية، تكريساً حقيقياً لدبلوماسية الانسحاب الأميركي من الالتزام بمصالح وأمن الحلفاء، وكرّس أولوية المصالح الأميركية على حساب الجميع، الخصوم والحلفاء، على حدّ سواء، ومنهم "إسرائيل".

 

لا شكّ أنّ هذه الاستراتيجية الأميركية الجديدة تشكّل تهديداً لمستقبل وأمن "إسرائيل". لقد اعتمدت "إسرائيل" دائماً على الدعم الأميركي غير المشروط، والذي أمّن لها مظلة بحيث عملت الإدارات الأميركية على تحقيق مصالح "إسرائيل" حتى لو أضرّت بمصلحة أميركا العليا. أما الآن، فالسياسة التي يعتمدها ترامب في العالم باتت تعتمد على منطق "الربح" ـــــ

 

"الكلفة" للأميركيين من دون احتساب الكلفة على الحلفاء، وبالتالي بات على "إسرائيل" كما أوروبا أن تتكيّف مع فكرة أنّ الدعم الأميركي ليس مضموناً دائماً.

  

2025/05/01

قناة السويس: هل لمصر مصلحة في إعفاء الأميركيين من الرسوم؟

في موقف غير مألوف، طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مصر وبنما السماح للسفن التجارية والعسكرية الأميركية بالمرور عبر قناتي السويس وبنما مجانًا، وقال إنه كلّف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمتابعة الأمر.

 

لا شكّ، تأتي هذه الطلبات الجديدة لدونالد ترامب من ضمن أهداف عدّة مرتبطة بتعزيز الاقتصاد الأميركي، وتعزيز التصنيع وذلك عبر جعل البضائع المصنوعة في الولايات المتحدة أكثر إغراءً للمستهلكين في العالم، وعبر تقليص كلفة الصناعة والتجارة والنقل، وفرض التعرفات على البضائع المستوردة من الخارج، وتقليص كلفة الشحن على البضائع الأميركية الخ....

 

كيف يمكن أن تقارب مصر هذا الطلب؟

- المقاربة الاقتصادية/ السياسية:

قد لا يكون لقيام مصر بإعفاء السفن الأميركية من رسوم المرور تأثير اقتصادي كبير، فالسفن التي تحمل العلم الأميركي تشكّل أقل من 1% من أسطول الشحن العالمي، حيث تُسجّل معظم السفن المملوكة للولايات المتحدة تحت "أعلام الملاءمة" (مثل ليبيريا وبنما وجزر مارشال) لتجنب ارتفاع التكاليف.

 

زد على ذلك، أن السفن الأميركية التي تمر عبر قناة السويس تعد نسبة "ضئيلة جداً" من حركة مرور قناة السويس، وتتألف بشكل رئيسي من السفن العسكرية وحاملات الطائرات، لذا فإن مجموع ما ستخسره مصر من الإيرادات من إعفاء السفن التي ترفع العلم الأميركي هو حوالى 40 مليون دولار (بحسب ميزانية القناة في عام 2024).

 

وفي حسابات الربح المادي أيضاً، تعدّ مصر من أكبر الدول المتلقية للمساعدات الأميركية السنوية، خاصة العسكرية منها، والتي تقدّر بقيمة 1.5 مليار دولار سنوياً، وعليه فإن الإعفاء من رسوم المرور في قناة السويس، يعدّ قيمة بسيطة نسبياً في مقابل ما يحصل عليه المصريون من مساعدات من الإدارات الأميركية.

 

وعليه، قد تجد الحكومة المصرية من مصلحتها أن تمنح ترامب هذا الاستثناء للسفن التي ترفع العلم الأميركي، باعتبار أنه، من الناحية الاقتصادية، الموارد التي تتقاضاها مصر من تلك السفن قليلة جداً مقارنة بالأرباح السياسية والاستراتيجية التي يمكن أن تجنيها مصر من منح ترامب هذه "المعاملة التفضيلية".

 

- المقاربة القانونية:

تبقى هناك بعض العوائق القانونية، حيث تعمل هيئة قناة السويس بموجب "القانون الرقم 30 لسنة 1975"، الذي يحظر السياسات التمييزية، ويستمد قوانينه ونظامه من اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، والتي تعد حجر الزاوية في القانون الدولي الذي يحكم عمل ومرور السفن في قناة السويس. مع العلم أن مصر كانت قد أكدت التزامها باتفاقية القسطنطينية بعد تأميم القناة من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1956.

 

وتنص الاتفاقية على وجوب بقاء القناة مفتوحة لجميع السفن "من دون تمييز بين أعلامها" في السلم والحرب، وتُحظر المعاملة التفضيلية أو الإعفاءات من الرسوم لدول محددة، خاصة في المادة الثانية عشرة التي تنص: "لا يجوز للدول الموقّعة السعي للحصول على مزايا أو امتيازات إقليمية أو تجارية في عمليات القناة".

 

واستمر التزام مصر بتلك الاتفاقية حتى خلال فترة توقف القناة عامي 1967 و1975، حيث استمر تأكيد مصر لحياد القناة والتزامها بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة والتي ترعى عمل القناة على الرغم من توقف العمل في القناة بسبب الحرب وتداعياتها.

 

المشكلة القانونية هنا، قد تدفع بمصر إلى التريث في منح الأميركيين هذا الاستثناء أو الاعفاء من الرسوم، ليس بسبب الإشكال القانوني فحسب، بل لأن من الممكن أن تعمد دول أخرى الى طلب "معاملة تفضيلية" أسوة بالولايات المتحدة الأميركية، وهو أمر لن يستطيع المصريون تلبيته، لأنه يقوّض المصادر المالية التي يحصلون عليها من قناة السويس سنوياً.

 

في النتيجة، القانون الدولي يحظر منح إعفاءات ومعاملة تفضيلية، ويشير إلى أن الإعفاءات الممنوحة لدول محددة غير قابلة للتنفيذ قانونيًا بموجب اتفاقية القسطنطينية، ما يعني أن منح الأميركيين معاملة تفضيلية يعني انتهاك مصر لالتزاماتها بموجب المعاهدة.

 

لكن، بالرغم مما سبق، فإن سيادة مصر التامة على القناة، واستناداً إلى حق الدول السيادي في التصرف بالإيرادات وتوقيع اتفاقيات ثنائية تحفظ مصالحها الاستراتيجية ومنح امتيازات لبعض الدول دون أخرى، قد تدفع المصريين الى إعطاء ترامب ما يريده من معاملة تفضيلية للسفن الأميركية، وهو ما سيعلنه انتصاراً لسياسة "أميركا أولاً" التي يقوم بتنفيذها، لأن كلفة عدم القيام بذلك والاصطدام بترامب قد تكون كبيرة جداً.

  

2025/04/24

حلّ "تبادل الأراضي" في أوكرانيا: ما الذي سيخسره الروس؟

تعثرت المفاوضات الغربية حول أوكرانيا، والتي كان من المزمع عقدها في لندن بين وزراء خارجية عدد من الدول لبحث السلام في أوكرانيا، وتم خفض تلك المحادثات إلى مستوى المسؤولين، وذلك بعد رفض الأوكران مناقشة خطة الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.

 

وبالرغم من إصرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاستمرار في المساعي لحلّ الأزمة، فإنه من غير المتوقع تحقيق اختراقات كبيرة في المدى المنظور، وذلك لأن التنازلات الإقليمية المطلوبة من أوكرانيا كبيرة جداً، ما يعني إعلان خسارة الحرب والأرض، وبسبب عدم قبول الأوروبيين بالخطة الأميركية للسلام، وخسارة المجهود الحربي والسياسي والاقتصادي بعد سنوات ثلاث من القتال مع الروس.

 

وكانت نيويورك تايمز قد كشفت عن حجم التدخل الأميركي والغربي في الحرب الأوكرانية، في مقال بعنوان "الشراكة: التاريخ السري للحرب في أوكرانيا" (المنشور في 29 آذار/ مارس 2025) والذي سلط الضوء لا فقط على مساعدة لوجستية غربية وإمداد بالسلاح، بل على شراكة عسكرية تامة سرية وواسعة النطاق في الحرب الدائرة في أوكرانيا.

 

ويكشف التحقيق، الذي يستند إلى أكثر من 300 مقابلة في بلدان متعددة، أن الولايات المتحدة لعبت دورًا أكثر فعالية وانخراطاً في العمليات العسكرية الأوكرانية مما أُقر به سابقًا، شمل ذلك التخطيط الاستراتيجي، وقيادة العمليات وتأمين الدعم المباشر، واتخاذ القرارات العسكرية، وذلك من مركز قيادة في فيسبادن، ألمانيا، المعروف باسم "فرقة عمل التنين". ويكشف المقال أنه على الرغم من النجاحات المبكرة، أدت الخلافات الداخلية داخل قيادة أوكرانيا واختلاف الرؤى الاستراتيجية إلى انتكاسات، أبرزها الحملة الفاشلة لاستعادة باخموت عام 2023.

 

وبعد انتخاب دونالد ترامب، وخشية إدارة بايدن مما سيتخذه ترامب من قرارات حول أوكرانيا، انتقلت مهمة قيادة هذه الغرفة العسكرية إلى حلف الناتو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2024، إضافة الى الدعم العسكري والمالي الواسع الذي منحه بايدن لأوكرانيا في أيام ولايته الأخيرة.

 

وعلى هذا الأساس، فإن التهديد الذي يقوم به ترامب لأوكرانيا، لا يجد آذاناً صاغية لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، إذ إن عدداً من الدول الأوروبية أبدى استعداداً تاماً لاستكمال المهمة ودعم أوكرانيا "حتى النهاية" ومهما "تطلب الأمر."

 

وتعرض خطط السلام الأميركية مقترحات متعددة جميعها رُفضت من قبل الاوكرانيين، فعلى سبيل المثال، اقترح مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف أن يكون مصير أوكرانيا كمصير برلين بعد الحرب العالمية الثانية، بينما اقترح نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس أن يحصل تبادل للأراضي بين الطرفين.

 

وبعد أن فشل الاقتراح الأميركي السابق حول تقسيم أوكرانيا إلى مناطق نفوذ شبيهة ببرلين مع انتشار قوات أوروبية في أقسامها الغربية، وجرى رفضه من قبل جميع الأطراف، بمن فيهم الروس الذين لا يريدون انتشاراً عسكرياً غربياً على حدودهم، يبقى العرض الأميركي الساري حالياً هو "فكرة تبادل الأراضي.

 

فما الذي يمكن أن يخسره الروس في عرض كهذا؟

1. التخلي عن شبه جزيرة القرم (غير مرجّح على الإطلاق): خط أحمر روسي.

 

من غير الممكن إطلاقاً أن يتخلى الروس عن شبه جزيرة القرم، إذ تُعتبر جزءاً من الأراضي الروسية التي جرت خسارتها بخطأ تاريخي حديث العهد، وتُعتبر ذات أهمية استراتيجية للروس نظرًا لوجود قاعدة أسطولها في البحر الأسود في سيفاستوبول.

 

2- الأقاليم الأربعة: دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون

 

قد تُضطر روسيا للتخلي عن فكرة ضم "كامل هذه الأقاليم" خاصة الأجزاء التي لم تحتلها أو تدمجها بالكامل، والاكتفاء بالمناطق الخاضعة للسيطرة الروسية الكاملة حالياً. وقد تتضمن التسوية تخلّي الروس عن طموح السيطرة على هذه الأراضي مقابل الاحتفاظ بمناطق أخرى (مثل شبه جزيرة القرم أو أجزاء من دونباس)، وهو اقتراح قد يقبله الروس مرحلياً مقابل رفع العقوبات المفروضة على روسيا.

 

3- كورسك وبيلغورود

 

وهي الأراضي داخل روسيا التي يقول الأوكران إنهم ما زالوا يسيطرون عليها، ويقول الروس باستعادة السيطرة عليها.

 

من المستحيل أن يقبل الروس ببقاء القوات الأوكرانية داخل أراضيهم أو التنازل عن أي جزء من الجغرافيا الروسية مهما كانت الإغراءات الأميركية. هذا خط أحمر روسي آخر لا يمكن التفاوض عليه.

 

وبالرغم من أن العروض المطروحة أميركياً قد لا تناسب الطموحات الروسية، إلا أن الروس يتركون للطرف الأوكراني رفضها من دون أن يقوموا بإثارة حساسية دونالد ترامب باعتبارهم الطرف المعرقل للسلام.

 

وعليه، من غير المرجح أن تقبل روسيا أي اقتراح يتضمن التنازل عن الأراضي التي ضمتها بالفعل، أو أن تتخلى عن القرم أو عن أراضٍ في كورسك وبيلغورود، إلا إذا مُنيت بهزيمة عسكرية كبيرة، وهذا سيناريو لم يكن متوافراً بالأساس قبل وصول دونالد ترامب ولن يكون متوافراً في ظل الإدارة الأميركية الحالية.

  

2025/04/14

ترامب الرأسمالي: حروب لخدمة "الطبقات الوسطى"؟

منذ مجيء الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008، وضع الرؤساء الأميركيون نصب أعينهم، هدف تحسين الوضع الاقتصادي وإنعاش الطبقات المتوسطة التي تضررت بشكل كبير من تلك الأزمة.

 

لم يحصل تدهور وضع العائلات الأميركية والطبقات المتوسطة في الولايات المتحدة الأميركية بين ليلة وضحاها، بل عبر مسار زمني متدرج. فالعقود الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى السبعينيات من القرن الماضي، كانت عصراً ذهبياً للطبقة الوسطى الأميركية، إذ قادت الولايات المتحدة قطاع التصنيع العالمي مع منافسة خارجية ضئيلة.

 

كانت مرحلة السبعينيات بداية التحوّل، فقد تأثر الاقتصاد الأميركي بأزمات النفط والركود التضخمي، وصعود المنافسة الصناعية العالمية. بعدها، أدى مجيء ريغان والسياسات التي اتبعها في الثمانينيات إلى تحوّل كبير في النظام الاقتصادي الأميركي.

 

أدّت العولمة التي انطلقت بقوة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إلى مسار كارثي بالنسبة إلى الصناعات والأجور والطبقات المتوسطة الأميركية لم يعد بالإمكان وقفه، عمّقته بقوة الأزمات الاقتصادية والفقاعات المالية خلال القرن الحادي والعشرين.

 

إذاً، هي مجموعةٌ من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، أدّت إلى تآكل الطبقات الوسطى في الولايات المتحدة الأميركية، نذكر أبرز تلك الأسباب:

 

1) التقدم التقني والتكنولوجي، الذي أدّى إلى تغيّر في وجهة التصنيع وحلّت الآلات مكان العديد من الوظائف متوسطة الأجر. أدى هذا إلى هوّة وظيفية، تشبه الهوّة بين الفقراء والأغنياء، حيث ازداد عدد الوظائف عالية المهارات والأجور، وكذلك الوظائف منخفضة المهارات والأجور، مع تناقص الوظائف بينهما.

 

2) العولمة وسعي الشركات للربح

 

مع العولمة، ازدادت الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وأدّت هيمنة وول ستريت على السوق إلى تحويل التركيز من الاستثمار طويل الأجل في العمال إلى الربح قصير الأجل.

 

أدى سعي الشركات إلى الربح الكبير، بالتزامن مع تحرير التجارة العالمية، وإنشاء مناطق تجارة حرّة، إلى انتقال الوظائف إلى الخارج حيث تكون العمالة أرخص. وهكذا، خسر العمال الأميركيون وظائفهم، خاصةً في قطاع التصنيع، بسبب انتقال المعامل إلى الخارج، ومنها المكسيك (بعد توقيع اتفاقية نافتا) وإلى آسيا بشكل عام والصين لاحقاً، حيث الأجور أقل، والشروط أسهل.

 

3) تحرير الاقتصاد والسياسات الحكومية

 

خلال عهد الرئيس رونالد ريغان، حصل تحوّل في بنية النظام الأميركي الاقتصادية، إذ قام بتحرير الاقتصاد، وخفض الضرائب على الشركات والأثرياء وتقليص الإنفاق الاجتماعي وتخفيض الدعم للأسر(حضانة، إجازة مرضية، مساعدات مدرسية، إلخ)، وهي السياسة نفسها التي اتبعتها مارغريت تاتشر في بريطانيا واستمر فيها الرؤساء الأميركيون بعده.

 

بالإضافة إلى ذلك، بدأ مع ريغان ما يسمى "فجوة التعليم" حيث بات التعليم العالي مكلفاً جداً، وأصبح الأميركيون أقل قدرة على الحصول على شهادات جامعية من دون الوقوع في فخ الديون. مع العلم أن العمل في السوق المعولم بات يشترط الحصول على شهادات جامعية عالية.

 

4) عدم تناسب الأجور مع ارتفاع الأسعار

 

لم تقم الولايات ولا الحكومات الفيدرالية، بتحسين الأجور لمواكبة التضخم وارتفاع أسعار السكن، والدراسة الجامعية، والرعاية الصحية، ورعاية الأطفال الخ...

 

وتذكر العديد من التقارير أن الأسر الأميركية حالياً، حتى تلك ذات الدخل المزدوج، تكافح لتحقيق الاستقرار الذي كان يمكن أن يوفره دخل فرد واحد في الأسرة قبل 50 عاماً.

 

5) تراجع النقابات العمالية

 

بالرغم من تشديد التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه برني ساندرز على ضرورة تفعيل النقابات العمالية، وإدراج ذلك في برنامج الرئيس جو بايدن عام 2020، فإن نسبة الأميركيين المنتسبين إلى النقابات تبلغ أقل من 10% من العمال، فيما كانت هذه النسبة أكثر من 30% خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

 

في النتيجة، يبدو أن السياسات التي يقوم بها ترامب سواء حرب التعريفات الجمركية لحماية وتعزيز التصنيع المحلي، أو طرد العمال غير الشرعيين لتوفير فرص عمل للأميركيين، أو غير ذلك من السياسات، تهدف الى إنعاش الاقتصاد الأميركي وخلق فرص عمل، وتعزيز الطبقات المتوسطة.

 

وبالرغم من رغبة ترامب في تعزيز وضع الشركات الكبرى عبر تخفيض الضرائب، لكن سياساته الحالية تبدو أكثر توجهاً نحو تعزيز الطبقات المتوسطة وإعادة الولايات المتحدة – بقدر المستطاع-إلى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين حين شكّلت الهيمنة الأميركية فرصة لرفاهية الأميركيين بدل أن تكون عبئاً عليهم بتكاليفها الكبيرة، فهل ينجح في ذلك، أم يكون عليه التخلي عن الهيمنة في سبيل تخفيض التكاليف؟

  

2025/04/09

هل استغلّ الأوروبيون أميركا أم العكس؟

في تصريحات مثيرة للجدل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن أوروبا عاملت الأميركيين معاملة سيئة. وخلال لقاء في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال ترامب "إن الاتحاد الأوروبي سيئ للغاية معنا، إنهم لا يأخذون سياراتنا، ولا يأخذون منتجاتنا الزراعية، ومع ذلك، يرسلون ملايين السيارات سنوياً لنا، مرسيدس وBMW، ونحن لا يمكننا بيع سيارة أميركية واحدة إلى أوروبا. لن يكون الأمر كذلك بعد الآن، لن ندع ذلك يستمر".

وحين سأله المراسل عمّا إذا كان عرض الاتحاد الأوروبي إعفاءً كاملاً من التعريفات الجمركية على السيارات والسلع الصناعية، كافياً، أجاب ترامب: "لا، لا يكفي، تم إنشاء الاتحاد الأوروبي لخداع الولايات المتحدة واستغلالنا، ويجب أن يدفعوا عن الاستغلال الحاضر والماضي".

المساعدات الأميركية لأوروبا تاريخياً

نبدأ مع خطة مارشال، والتي تُعرف رسمياً باسم "برنامج الإنعاش الأوروبي"، وقد طبّقتها الولايات المتحدة الأميركية في أوروبا الغربية لمساعدتها على النهوض بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تمّ ضخ مليارات الدولارات في البنى التحتية والتعافي الاقتصادي.

عسكرياً، أنشأت الولايات المتحدة وحلفاؤها حلف شمالي الأطلسي، لتأمين الحماية للأوروبيين، وكرادع ضد الاتحاد السوفياتي. وبالإضافة إلى دفع ما يقارب 75% من موازنة الحلف بمفردهم، نشر الأميركيون جنودهم في أوروبا في قواعد عسكرية في مختلف أنحاء القارة الغربية، ولاحقاً في أوروبا الشرقية. ويقدّر عدد الجنود حالياً بمئة ألف عسكري أميركي في أوروبا.

أما تجارياً، فأوروبا هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة؛ إذ يتبادل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من تريليون دولار من السلع والخدمات سنوياً، وتعدّ الشركات الأميركية من أكبر المستثمرين في أوروبا.

لكنّ ترامب يقول إن الأميركيين يخسرون تريليوناً و 900 مليار دولار في تجارتهم مع الاتحاد الأوروبي، في وقت يقدمون لهم الدعم العسكري والحماية في حلف "الناتو".

استفادة الأميركيين من أوروبا

دفعت الولايات المتحدة الأموال الطائلة، وأسهمت في نهضة أوروبا، لكن ذلك يعدّ من الأكلاف التي يفترض بالدول التي تطمح إلى الزعامة العالمية دفعها لأجل تحقيق القبول بالقيادة العالمية.

أدّت خطة مارشال إلى إنعاش الاقتصاد الأوروبي، لكنها جعلت الأسواق الأوروبية مفتوحة للأميركيين، وأسهمت في تعزيز مستوى الدخل الأوروبي لتحفيز الاستهلاك، هذا بالإضافة إلى حصولهم على عائدات ضخمة على استثمار خطة مارشال من خلال التجارة والاستثمار طويلي الأجل، ويمكن الإشارة هنا إلى ما قاله الرئيس الأميركي هاري ترومان، حين أكد أن المساعدات الأميركية في تحقيق ازدهار أوروبا ضرورية ليس فقط لشعوب أوروبا، بل أيضاً لصحة اقتصاد الولايات المتحدة.

وهكذا، وفي خضم الحرب الباردة، استطاع الأميركيون من خلال تحالفهم مع الأوروبيين بناء شبكة عالمية من القواعد العسكرية والتحالفات السياسية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وردعه، بالإضافة إلى تعزيز تفوّقهم وهيمنتهم العالمية، وفرض الرأسمالية في الأسواق العالمية، وتحوّل الدولار إلى عملة احتياطية عالمية، بعدما حوّل نظام بريتون وودز (1944) الدولار الأميركي إلى عمود فقري للتجارة الدولية.

وفي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أسهم الأميركيون في إنشاء الاتحاد الأوروبي، لتعزيز قوتهم ونفوذهم العالمي، وحصلوا على "الشرعية" للهيمنة الأحادية العالمية عبر الأطر العالمية المتعددة الأطراف التي لعبت لصالح تكريس نفوذهم العالمي، خصوصاً في ظل توسع "الناتو" واستخدامه كأداة عسكرية للهيمنة الأميركية.

في النتيجة، لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في المساعدة على إعادة بناء أوروبا وتأمينها، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ قدّمت للأوروبيين المساعدات الاقتصادية والحماية العسكرية، وأسهم الدعم الأميركي لأوروبا في تحقيق ازدهار واستقرار ونمو اقتصادي مطرد. لكن، في المقابل، حقق الأميركيون مكاسب استراتيجية واقتصادية وزعامة عالمية من وراء ذلك.

من الناحية الاستراتيجية، كان الاستثمار الذي قامت به الولايات المتحدة في أوروبا إحدى أنجح مبادرات السياسة الخارجية الأميركية في القرن العشرين، ولاحقاً في القرن الحادي والعشرين أيضاً حيث سار الأوروبيون وراء الأميركيين في مشاريعهم الخارجية، منها قضايا الشرق الأوسط، الحرب الأوكرانية، الثورات في القوقاز والبلقان، رفض التوسّع الصيني وغيرها.

  

2025/04/04

"يوم التحرير" الأميركي: هل يقود الى أفول الهيمنة الأميركية؟

منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2025، وسّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتماده على التعريفات الجمركية كوسيلة في سياسته الخارجية، مستهدفاً المنافسين الاقتصاديين، مثل الصين، وأيضاً حلفاء رئيسيين، مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي واليابان.

 

وفي ما سمّاه "يوم التحرير"، فرض ترامب تعريفات جمركية جديدة وواسعة النطاق، وشملت الإجراءات فرض ضريبة بنسبة 25% على السيارات المستوردة، و20% على جميع الواردات الأخرى، مع نسب أعلى استهدفت شركاء تجاريين محددين: %34 على الواردات الصينية، و%24 على الواردات اليابانية، و%20 على واردات الاتحاد الأوروبي.

 

يصوّر ترامب تعريفاته الجمركية على أنها تصحيح لعقود من الممارسات التجارية غير العادلة، زاعماً أن العولمة أضعفت القوة الصناعية الأميركية، وأن هذه التعريفات ستجبر الشركات على إعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة من خلال جعل الواردات باهظة الثمن، وأن هذه الإجراءات ستعيد إحياء قطاعات عدّة داخل الولايات المتحدة ما يقلل الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية.

 

والسؤال المحوري يبقى: كيف تؤثر هذه الإجراءات في هيمنة أميركا على العالم؟

في كتابه "العالم في حالة كساد: 1929-1939"، الصادر عام 1973، كان تشارلز كيندلبيرغر أول من تحدث عن نظرية "الاستقرار عبر الهيمنة"، واعتبر أن "الفوضى الاقتصادية والكساد الكبير بين الحربين العالميتين يعودان جزئياً إلى غياب قائد عالمي ذي اقتصاد مهيمن".

 

ووفقاً لتلك النظرية التي طوّرها روبرت جلبين في ما بعد، يعتمد الاستقرار الدولي على وجود قوة عظمى مهيمنة تقود النظام العالمي من خلال توفير السلع العامة (مثل الأمن، والاستقرار المالي، وقواعد التجارة الحرة). وتستفيد القوة المهيمنة من هيمنتها تلك، حتى لو تحملت تكلفة غير متناسبة لتوفير الأمن والسلع العامة. وهكذا، فإن التكامل بين الحماية والإنتاج يعني أن الحفاظ على النظام المهيمن يبقى مفيداً للقوة المهيمنة.

 

 ووفقاً لنظرية تراجع الهيمنة، فإن الهيمنة مؤقتة، ومحدودة بذاتها، وذاتية الهزيمة. تنمو الدول "المستفيدة مجاناً"، وتضع المزيد من الضغط على القوة المهيمنة، في حين تُدير الدولة القوية النظام الدولي وتوفر السلع العامة كعبء من أعباء وتكلفة الهيمنة.

 

ويقول جيلبين إن جميع القوى العالمية المهيمنة ستسقط حتماً في النهاية، لأن "التوسع" سيتجاوز "الفوائد" في مرحلة معينة، واعتماد الحمائية قد يقوّض المكاسب النسبية للمهيمن. ولهذا، فإن القوة المهيمنة المفرطة في الالتزام "ستكون أكثر ميلاً إلى التنازل عن سيطرتها على المناطق المتنازع عليها والتركيز على إدارة انحدارها السياسي والاقتصادي من خلال خفض الإنفاق الدفاعي والسعي إلى اتباع سياسات مالية ونقدية راديكالية". وبالتالي، سيحصل تغيّر في توزيع القوة في النظام، فتصعد دول أخرى وتتحدى القوة المهيمنة.

 

يحدد جيلبين 3 أسباب لتراجع الهيمنة

1. التكاليف الداخلية: العجز المالي والنفقات العسكرية المفرطة (حرب أوكرانيا، وحروب إسرائيل في الشرق الأوسط)

 

2. صعود منافسين في الساحة الدولية: الصين على سبيل المثال

 

3.عدم الرضا عن النظام الدولي، وهو ما شهدناه في يقظة الجنوب العالمي التي حصلت بعد حروب الغرب الجماعي، سواء في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط (2022- 2025).

 

وكما يبدو، تحاول الإدارة الأميركية الحالية أن تقوم برد فعل دفاعي ضد هذه التحديات، لكن هذه الإجراءات قد تسرّع من تقويض الهيمنة بدلاً من تعزيزها، إذ إن الحفاظ على الهيمنة وتعزيزها يتطلب التمسك بالقيادة متعددة الأطراف وتوفير المنافع العامة للدول (مثل استقرار النظام الاقتصادي والأمن وغيرهما) والحفاظ على تحالفات قوية عبر التمسك بحلف الناتو والتحالف عبر الأطلسي.

 

وهكذا، يصبح أمام الولايات المتحدة، وللتعامل مع تكاليف الهيمنة الباهظة، ولئلا تخسر هيمنتها على العالم، السير في خيارات ثلاثة هي:

 

1. تجديد هيمنتها عبر الابتكار، كما فعل رونالد ريغان في الثمانينيات. يمكن للولايات المتحدة أن تجدد هيمنتها من خلال الابتكار التكنولوجي والاقتصادي، بدلاً من الاعتماد على القوة العسكرية أو الاقتصاد التقليدي فحسب، ما يعزز الميزة النسبية للدولة، ويسمح لها بالسيطرة على الصناعات الحيوية وتشكيل المعايير العالمية.

 

2. الانكفاء الحمائي الذي يقوده ترامب، وفيه مخاطرة بفقدان النفوذ العالمي رويداً رويداً عبر فقدان الثقة بالنظام الذي أرسته الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية وعزّزته بعد تفكك الاتحاد السوفياتي

 

3- التكيف مع تعددية الأقطاب، ولكن من الصعب على الأميركيين القبول به في الوقت الحاضر، حتى لو كان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد قال أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي إن العودة إلى عالم متعدد الأقطاب لا بدّ منه، وإن وجود قوة أحادية في العالم ليس بالأمر الطبيعي، وهو كان نتيجة لنهاية الحرب الباردة.

 

وبناء عليه، تشير سياسات ترامب الجمركية إلى تحول الولايات المتحدة من الهيمنة الليبرالية التي تنتفع وتقدم منافع للنظام إلى محاولة الهيمنة القسرية على العالم، أي من القيادة إلى الإكراه، إذ تتم الهيمنة عبر التهديد باستخدام القوة وبالحروب التجارية والعودة إلى الحمائية. هذه السياسات قد تقدم مكاسب قصيرة الأجل، لكنها تعرّض الهيمنة الأميركية للخطر على المدى الطويل، وقد تدفع إلى نظام عالمي أكثر فوضوية على المدى المتوسط.