2019/08/26

لماذا توسّع اسرائيل عدوانها في المنطقة؟

وسّعت اسرائيل من رقعة الاستهداف لقوى المقاومة في المنطقة، فبعد أن انحصر استهدافها سابقًا في غزة وسوريا لفترة طويلة توسعت رقعة الاستهداف لتصل الى العراق ولبنان.
بالتزامن مع غارات اسرائيلية على منطقة عقربا في سوريا، واستشهاد شابين لبنانين فيها، سقطت طائرة مسيّرة وانفجرت أخرى في الضاحية الجنوبية، كما قامت طائرات مسيّرة باستهداف مواقع الحشد الشعبي على بعد 15 كلم من الحدود العراقية السورية يوم الأحد.
وكان الحشد الشعبي قد تعرض لعدّة عمليات سابقة، قامت خلالها طائرات مسيّرة باستهداف مراكزه، وتفجير مخازن الصواريخ الخاصة به، وقد المح نتنياهو الى مسؤولية اسرائيل عن تك العمليات.
وفي لبنان، لم يتأخر السيد حسن نصر الله في الرد على العدوان "الاسرائيلي" بخطاب حدد فيه استراتيجية حزب الله للرد على العدوان الاسرائيلي، والتي تتجسد في شقين:
- الاول، يتجلى في الرد على العدوان على الضاحية الجنوبية، وذلك بالتعهد باسقاط الطائرات الاسرائيلية المسيّرة التي تخترق الأجواء اللبنانية.
الثاني، الرد على اغتيال كوادر حزب الله في سوريا، والذي سيكون بقتل الجنود الاسرائيليين المرابضين على الحدود مع لبنان، وتوعدهم السيد نصرالله قائلاً "قفوا على قدم ونصف وانتظرونا".
ولا شكّ ان التصعيد الاسرائيلي، وتوسيع جغرافية المواجهات التي انخرط فيها الاسرائيلي مباشرة، تدفع الى التساؤل حول أسباب التصعيد وهل هو مرتبط بالانتخابات الاسرائيلية فقط؟
بداية، لا شكّ ان القادة الاسرائيليين لطالما استخدموا الحروب الخارجية لمصالحهم الانتخابية، ونتنياهو هو من أكثر من استخدم هذه السياسة، واعتماد التهديد الأمني كورقة انتخابية رابحة. ولكن، قد يكون توسيع رقعة الحرب الى لبنان مضرًا أكثر منه مفيدًا لنتنياهو في انتخاباته الداخلية. إذ يدرك الاسرائيلي جيدًا أن الذهاب الى حرب مع حزب الله ليست نزهة، وان التصعيد قد يدحرج الأمور الى مواجهة غير محسوبة النتائج ولا يُعرف مداها، لذا فإنه ليست من مصلحة نتنياهو أن يدفع الى حرب مع لبنان، تكون كلفتها كبيرة مقابل نتائج غير مضمونة.
وعليه، يبدو الاسرائيلي اليوم مدفوعًا الى التصعيد في المنطقة بسبب التطورات الميدانية والسياسية، والتي يرى أنها تشكّل خطرًا على أمنه القومي، وهي تتجلى أولاً في قلب المعادلات في سوريا، والتقدم الميداني لمحور المقاومة من خلال الهجوم الذي يشنّه الجيش السوري وحلفائه على إرهابيي جبهة النصرة، والتقدم العسكري الذي يبدو أنه مستمر بالزخم ذاته حتى تحرير كامل إدلب. وثانيًا، في الترتيبات الأميركية التركية على الحدود الشمالية الشرقة لسوريا، والتي يبدو أنها في نهاية المطاف سوق تقضي على حلم الكونتون الكردي - الذي كانت تدعمه اسرائيل وتعوّل على استثمار نفطه.
من جهة ثانية، إن إطلاق ناقة النفط الايرانية من جبل طارق بدون شروط، بالاضافة الى وجود وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في اجتماع قمة مجموعة السبع، يعطي مؤشرًا قويا الى أن احتواء ايران وإخضاعها يبدو أصعب مما تصوره ترامب ونتنياهو، وإن الاوروبيين سيسعون الى الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران بالرغم من كل التحديات.
وهكذا، وإنطلاقًا من كل ما سبق، يبدو الاسرائيلي محرج بالتطورات المتسارعة، وهو يريد أن يرفع من وتيرة هجومه للفت نظر المعنيين، وتهديدهم، بأن أي تسوية في المنطقة لا تأخذ بعين الاعتبار مصالحه وأمنه لن تمر، وأنه سيستمر بالتصعيد حتى لو تدحرجت الأمور لتغيّر مسار الأمور برمتها.