2014/06/30

الانغماسيون وطرح العماد عون الجديد

د. ليلى نقولا الرحباني

من المفترض أن تحرّك مبادرة العماد ميشال عون الانقاذية، المياه السياسية الراكدة في لبنان وتخلق نوعًا من السجال الصحّي في وطن يتعرض للارهاب ولمحاولة إلغاء تتجلى في محاولة تغيير هويته وطمس دوره ورسالته، لكن الانغماسيون القدامى- كما يصفهم النائب عباس هاشم-  بدأوا الحملة السياسية بدون أن يقرأوا ما كُتب، أو لم يفقهوا ما قيل، إما لجهل أو سوء نية أو الاثنين معًا.

إن الطرح الذي طرحه العماد عون - كما العديد من الطروحات السابقة - تسجّل له أنه استبق الأحداث بوقت طويل، وحاول إخراج لبنان من أزمة كبيرة من خلال كسر المراوحة والجمود نحو خيار يكرّس الديمقراطية الحقيقية التي يفترض أن يعيشها لبنان في منطقة ملتهبة بالعنف والتكفير وخيارات الالغاء التكفيرية. وحتى لو لم يفلح الجنرال عون في إقناع الأطراف بمبادرته الانقاذية، فيكفي له شرف المحاولة لتخليص الوطن من مآسِ يستشرفها مبكرًا،  شأنه في ذلك شأن الطرح الذي طرحه في 22 تشرين الثاني 2004، حين قام بمبادرة انقاذية، دعا فيها الى مؤتمر وطني للحوار، يمهد لخروج سوري مشرّف من لبنان، يحمي لبنان وسوريا معًا من تداعيات التغييرات الاستراتيجية في المنطقة.
ولعل الأطراف نفسها التي رفضت المبادرة الحوارية آنذاك، هي نفسها التي ترفض اليوم، علمًا أن الأطراف الرافضة تلك دفعت أكثر من غيرها، ثمن الرفض والتعنت والشعور بفائض القوة ومحاولة الاستفادة من التطورات الاقليمية التي لم تأتِ لصالح أي من الأطراف الرافضة.

عام 2004، أدرك العماد عون مبكرًا أن التغييرات في المنطقة ستؤدي الى خروج الجيش السوري من لبنان، وحاول أن ينقذ لبنان الصغير من معركة شرق أوسطية ستطاله وتحاول تسخيره من خلال صراع الكبار على أرضه وبواسطة أبنائه، وهو ما حصل بالفعل، وأدى الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وحرب تموز 2006، وأحداث نهر البارد 2007 وهلمّ جرًا.... وكما الأمس كذلك اليوم، تعيش المنطقة ولبنان ارتدادات خطيرة نتيجة الحراك العربي، وما يحصل في سوريا منذ عام 2011، وما حصل في العراق، واعلان "دولة الخلافة الاسلامية" التكفيرية الرافضة لأي تنوع أو تعددية في هذا الشرق.

إن مواجهة ما تحاول "داعش" أن تقوم به، لا يكون بالشجب والاستنكار أو دفن الرؤوس في الرمال، فالواقع يشير الى أن لداعش مؤيدين ومناصرين على امتداد المشرق العربي، وحلم الخلافة لطالما راود الكثير من المسلمين العرب، واعلانه من "داعش" قد يدغدغ مشاعر العديد ممن يجهلون حقيقة داعش، ويعتقدون أن باستطاعة أبو بكر البغدادي أن يعيد أحلام الدولة الاسلامية التي سقطت بسقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى. وفي ظل هذا الخطر التكفيري الداهم، لا يمكن تحييد لبنان عن هذا الصراع الذي سيستعر في المنطقة إلا بإعطاء المسيحيين دورهم الحقيقي والفاعل في النظام، وهو ما يجعلهم يتمسكون بلبنان ويحمونه الى جانب المسلمين من سنّة وشيعة، وفي ذلك خدمة لمسلمي المنطقة ومسيحييها على حد سواء.
إن الظلامية والتكفير التي تهدد المنطقة، وإشعال الصراع الطائفي والمذهبي على الأرض، تحتاج - قبل كل شيء- إسقاط الرسالة والدور الذي يضطلع به لبنان في هذا المشرق، الذي يعيش فيه المسيحيون والمسلمون جنبًا الى جنب بشكل طبيعي، تمامًا كما أن محاولة إنشاء الدولة اليهودية الآحادية القومية والعنصرية، تفترض حكمًا إسقاط النموذج اللبناني القائم على التعددية الدينية والسياسية.
واقعيًا، تعيش المنطقة ولبنان بالتحديد أخطر أيامها على الأطلاق، وما حكي عن تهجير للأقليات وإذكاء نار الفتنة المذهبية بين المسلمين لمئة عام تشبه المئة العام التي تطاحنت فيها اوروبا بسبب الدين، بات أمام أعيننا ونارها تشتعل في بيوتنا، فهل يستفيق اللبنانيون ويكونون قدوة للإطفائي الذي يطفئ لهيب المنطقة أم يصبون الزيت على نار الفتنة الطائفية والمذهبية فيشعلون أنفسهم والمنطقة؟ التاريخ والتجارب اللبنانية، لا تبشر بأجوبة مطمئنة. 

2014/06/29

التغيير الجيوسياسي التركي... المستحيل الذي بات معقولاً

د. ليلى نقولا الرحباني

في واحد من أهم المؤتمرات الأكاديمية الدولية، الذي عقد في اسطنبول الاسبوع الماضي، تحدث أحد الأكاديميين الأتراك شارحًا سياسة بلاده الخارجية، معتبرًا أن التدخل التركي في سوريا كان بهدف حماية المدنيين، ومعترفًا بفشل السياسات التي اختارتها بلاده لتحقيق هذا الهدف، ملقيًا اللوم على سياسة الرئيس الأميركي باراك اوباما وعدم رغبة الغرب في التورط أكثر في الصراع في سوريا.
وهكذا، يعكس ذلك الأكاديمي التركي محاولة تصوير تركيا- أردوغان لنفسها للخارج، خاصة الغرب، بأنها حريصة على الاهتمام بحقوق الانسان، وحقوق المدنيين، متغاضين عن مشاكل عدّة أوقعت تركيا نفسها فيها، نتيجة للغرور الأردوغاني وأهمها على النطاق الاقليمي ما يلي:
- فشل سياسة تركيا في سوريا، وخاصة فشل محاولات التدخل العسكري العديدة التي بدأت منذ نشوب الأزمة في سوريا، وخاصة مع انكشاف الدخول العسكري التركي المباشر في جسر الشغور، امتدادًا الى تدمير حلب وسرقة مصانعها، وتأمين منفذ لبيع النفط السوري المسروق، وأخيرًا وليس آخرًا، الهجوم على كسب وتهجير الأرمن والعلويين منها.
- تداعيات فشل السياسة التركة في سوريا على الداخل التركي نفسه، هذا ناهيك عن القلق الذي يجتاح الاتراك في المناطق الحدودية مع سوريا، بسبب تغلغل الشبكات الارهابية وانتشار المسلحين وتركها فريسة للتسيب الأمني. ولعل ما حصل مع الاتراك في القضية السورية، يشبه - الى حد ما- ما حصل مع اللبنانيين في أمرين:
أولاً: خطر الارهاب: ففي يوم من الأيام، تغنّى وزير الداخلية السابق مروان شربل، بأن القاعدة تمر في لبنان ولا تستقر، في أسخف تصريح لمسؤول سياسي على الاطلاق، فها هي القاعدة قد عششت في لبنان، وباتت ترسل انتحارييها لقتل الأبرياء، وتخطط لاغتيال مسؤوليين سياسيين وقادة أمنيين، وكما في لبنان كذكلك في تركيا، التي لن تكون بمنأى عن الارهاب، والتي يتم التعتيم في اعلامها على اعتقال العديد من الشبكات الارهابية، وعلى محاولات تفجير هنا أو هناك يتمّ احباطها.
ثانيًا: مشكلة النازحين السوريين: فكما يعاني اللبنانيون من تفاقم مشكلة النازحين السوريين، والكلفة الاقتصادية التي ترتبها على لبنان، بالاضافة الى مزاحمة اليد العاملة السورية لليد العاملة اللبنانية، يتحدث الاتراك اليوم عن نفس المشكلة، ولعل من يزور المدن التركية الكبرى اليوم وخاصة المدينة القديمة في اسطنبول، يشعر أنه مدينة عربية وليس تركية، فالباعة ينادون على بضائعهم باللغة العربية، والموظفون في المحال معظمهم سوريون، واليافطات تستخدم اللغة العربية.
- فشل السياسة التركية في العراق، فتركيا التي حاولت الابقاء على العديد من الأوراق في العراق، أهمها مع الأكراد في الشمال، ومع بعض زعماء القبائل السنية، ومع تركمان العراق، وجدت نفسها في مواجهة أعداء ثلاث على الساحتين السورية والعراقية: الحكومة العراقية والدولة السورية و"داعش".
- فشل سياسة تركيا الكردية: إذ يظهر من تطور الأحداث أن الاكراد بصدد تعزيز حكمهم الذاتي مستغلين تخلي الجيش العراقي عن كركوك، وقيام البشمركة بالسيطرة عليها، واعلان الاكراد ضمها الى منطقتهم وإنهاء مرحلة من النزاع عليها مع الحكومة المركزية في العراق استمرت سنوات. وهنا، تجد تركيا نفسها بين خيارين أحلاهما مرّ: قبول ضم كركوك لكردستان، أو تركها فريسة داعش وحكمها الشرعي التكفيري.
هذا، يضاف الى أزمات تركيا مع كل من مصر، وصراعها على تزعم العالم السنّي مع السعودية، واختلافها مع طهران حول الازمة السورية، وخشيتها من استقلال كردستان وتحفيز أكراد تركيا على الاستقلال، وتدهور العلاقات مع أميركا والغرب بعد أحداث حديقة جيزي، وتوتر علاقاتها مع اسرائيل بعد حادثة مرمرة واذلال السفير التركي في تل أبيب، والبرودة في علاقاتها مع الروس بعد ضم القرم وغيرها.
وهكذا، تخسر تركيا سياسيًأ، ولكن لا شكّ أنها تعيش مرحلة انتعاش سياحي يمكن ملاحظته بسهولة، وهو ما يمكن أن يبقي الاقتصاد التركي متماسكًا، لكن، ماذا لو قرر الارهاب الضرب في الداخل التركي؟ ليس بعيدًا أن يشهد القرن الحادي والعشرين تغييرًا جيو سياسيًا لم يستطع أن يحصل في القرن العشرين بعد الحرب العالمية الاولى.

2014/06/26

دولة داعش... تهديد لمن؟


د. ليلى نقولا الرحباني- الثبات
كما كان متوقَّعاً، يحاول الإرهاب أن يتمدد في المنطقة، فها هو يضرب في لبنان وسورية والعراق، محاولاً أن يضرب اللبنانيين في صميم وجودهم وحياتهم وأمنهم، مُنهياً فترة استقرار سياسي انعكس استقراراً أمنياً، اعتقد معه اللبنانيون أنه سيطول.

وهكذا، بدأت التطورات تفرض على لبنان والمنطقة التحسُّب للعواصف المتطرّفة التي قد تقتلع مجتمعات بأكملها، وقد تغيّر وجوه دول وحدود أخرى، ولعله قد يكون من المفيد النظر إلى تطورات المنطقة بشموليتها وليس في كل بلد على حدة، فالمسيحيون على سبيل المثال لن يبقى لهم في هذه المنطقة أي وجود أو أي دور في ظل تصاعد التطرُّف الديني، واشتداد غلواء الصراع المذهبي السُّني - الشيعي، ولا حتى في الصراع السُّني السُّني الذي يزداد حدّة، والسُّنة والشيعة سيجدون أنفسهم بين فكّيْ كماشة التطرف الديني وصور نحر الأعناق، والكلام الطائفي البغيض.

وبالنظر إلى الصراع الدائر في المنطقة، يمكن لنا ملاحظة خطورة ما يلي:

أولاً: الترحيب باحتلال "داعش" أقساماً من العراق، والمسيرات المؤيدة لـ"داعش" في كل من:

أ‌- طرابلس - لبنان، ورفع أعلام "داعش"، علماً أن استغلال بعض المشايخ للتوقيفات التي قام بها الجيش اللبناني على خلفية الاقتتال الذي حصل في طرابلس، باتت تنذر بالقلق، خصوصاً على أبواب رمضان، وفورة الخطب النارية التي سترافقه.

ب‌- جنوب الأردن، وتحديداً في منطقة معان القريبة من الحدود السعودية - الأردنية، حيث يشير الخبراء إلى أن لـ"داعش" مؤيدين في المملكة، يُنتظر أن يتم تحريكهم للتخريب داخل الأردن، علماً أن عمّان لم تنسَ بعد التفجيرات الإرهابية التي قام بها "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" عام 2005.

ثانياً: محاولة "داعش" السيطرة على معظم المعابر الحدودية بين العراق وسورية، وبين العراق والأردن، وبين العراق والمملكة العربية السعودية، فقد أعلنت تقارير صحفية أن مسلحين من تنظيم "داعش" تمكّنوا من السيطرة على معبري طريبيل والوليد الحدودييْن في محافظة الأنبار، بعد أيام من إعلان سيطرتهم على معبر القائم على الحدود العراقية - السورية، كما حاول التنظيم السيطرة على معبر عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى عودة "داعش" للقتال في شمال سورية على الحدود السورية التركية.

وهكذا، يبدو أن تنظيم "داعش" يحاول تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي ضد الشيعة، لمحاولة شدّ العصب الشعبي، محاولاً الاستفادة من التناقضات السُّنية السُّنية، ليهدّد وجود الدول السُّنية في المنطقة، والتوسّع على حسابها، علماً أن اختلاط العوامل القبلية والانقسامات الداخلية في كل من السعودية والأردن يجعل من قدرة "داعش" على التغلغل كبيرة، مستفيداً من حرمان وتهميش وإغراء الخطاب المذهبي.

كما يُلاحظ استفادة "داعش" من تراخي الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة، ومن مساندة مبطَّنة له من السعودية وتركيا، اللتين تنتظران التطورات لتحقيق مكاسب في العراق، وبالتالي تأمين حصة وازنة في مستقبل المنطقة، والأهم يستفيد "داعش" من "التريُّث" الأميركي في التعامل مع خطر إرهابي بهذا الحجم، ومن قرارات أوروبية بالسماح بشراء النفط المسروق من سورية، ما جعلهم يؤمّنون له التمويل اللازم لمواصلة الإرهاب.

ومن مراقبة كل هذا الحراك الدائر في المنطقة، وحركة الأطراف الإقليميين، يصح التساؤل: هل فعلاً يهدد تعاظم وجود "داعش" وتحقيق دولته الإيرانيين والشيعة بشكل عام، أم أنه يتوسع على حساب العرب السُّنة، ليُثبت دولته على أنقاض دولهم المتهالكة، التي تعاني من فقدان الشرعية، ومن تهميش بعض المجموعات وعدم تنمية مناطقها؟

واقعياً، دخلت المنطقة في مرحلة من اللا يقين، فما يحصل، والتهديد الذي يشكّله "داعش" لكل من السعودية والأردن، ومحاولته التوسع صوب حدودهما، يعيد المشهد - مع اختلاف رموزه - إلى ما يشبه أواخر العام 2010 وأوائل العام 2011، حيث انهارت الأنظمة المتحالفة مع السعودية تحت وطأة الشارع، لصالح حكم ثيوقراطي آخر، كما أن تأسيس دولة لـ"القاعدة" ليس شيئاً مستحيلاً، فقد تشهد المنطقة العربية دولة لـ"القاعدة"، شبيهة بأفغانستان التي تحوّلت يوماً إلى دولة لـ"القاعدة"، بمباركة - أو على الأقل غضّ نظر - أميركي، فهلّ يدرك المسؤولون العرب - خصوصاً السُّنة منهم - خطورة وجود دولة لـ"القاعدة" في محيطهم؟ إن ما يحصل يشي بأن معظمهم لم يتحسّس الخطر بعد.

2014/06/22

العراقيون يمسكون بمستقبل الشرق الأوسط

د. ليلى نقولا الرحباني
ما أن حصلت التطورات الأخيرة في العراق، وتمّ اسقاط الموصل من قبل "داعش" مدعومة بقوى عراقية، منها من تبقى من بعثيو صدام حسين، وبعض العشائر، بالإضافة الى الخيانة التي حصلت في الجيش العراقي، حتى غاب المشهد السوري عن واجة الأحداث ليحلّ مكانه أخبار العراق والارهاب المتفشي فيه.
وقد يكون المحور الداعم للارهاب في العراق، المهزوم في سوريا، قد استطاع أن يضرب ضربته الاولى ويستفيد من عنصر المباغتة والصدمة، لكن الخطر الذي استشعره الشعب العراقي، جعله يعود فيمتص الصدمة ويستوعبها، ويبدو أنه سيعود ليسيطر على الوضع الميداني في ظل وعي عراقي شامل بضرورة مكافحة الارهاب، وعدم السماح بتقسيم العراق.
بالمبدأ، يحق للحكومة العراقية أن تقوم بطلب التدخل العسكري لمساعدتها على مكافحة الارهاب وإعادة المناطق العراقية الى كنف الدولة، إذ أن شرعية التدخل العسكري في القانون الدولي، تحدده أطر ثلاث:
الاولى: إذا كانت الحكومة طالبة التدخل، تمارس صلاحياتها كحكومة شرعية وفق القواعد الدستورية للدولة، فالتدخل في هذه الحالة هو "عمل شرعي" جاء بناء لطلب الحكومة الشرعية.
الثانية: تدخل دولة الى جانب دولة ثانية بموجب معاهدة دفاع مشترك، على سبيل المثال، تنص على حق الدفاع الجماعي عن النفس وهو حق تكفله المواثيق الدولية وميثاق الامم المتحدة. 
الثالثة: حالة الحرب الاهلية: لقد دافعت الدول دائمًا عن حقها في التدخل لمساعدة سلطات صديقة خلال حرب أهلية ما، واعتمدت في هذا الإدعاء على أن الحكومات تمثل الدول السيدة، وبالتالي من حق الحكومة أن تستدعي قوات أجنبية الى داخل أراضيها لمساعدتها في اشاعة الاستقرار مهما كان تأثير هذا التدخل على الوضع السياسي المستقبلي للدولة.
وبالرغم من كل هذه الاسباب التي تعطي القدرة للحكومة العراقية لطلب التدخل، إلا أنه - برأينا- من الأفضل ألا يتمّ التدخل العسكري في العراق، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن أي تدخل أميركي مفترض، سيكون عبر بعض الضربات الجوية يقوم بها الأميركيون بواسطة طائرات بدون طيار، ما سيزيد التبعية العسكرية للدولة العراقية وسيكبدها مبالغ هائلة بدون فائدة ميدانية كبرى على الأرض، فتحقيق الانتصار لا يكون من الجو، بل بواسطة التقدم البري مترافقًا مع ضربات جوية وقصف مدفعي.
ثانيًا: إن أي تدخل ايراني عسكري مباشر، سيزيد المذهبية في العراق، وسيعطي ذريعة لبعض الدول الخليجية لتبرر تدخلها - وهو تدخل سابق للتدخل الايراني- لكنها ستعمد الى تبرير زيادة دعمها للمسلحين بحجة أنها تواجه التمدد الايراني العسكري في العراق.
ثالثًا: والأهم، أن لدى الشعب العراقي القدرة والصلابة والعزم الكافي للتصدي للارهاب، واسترداد ما اقتطع من أرض العراق، وهو ما ظهر من خلال الحشود الشعبية التي تطوعت للدفاع عن العراق، والتي باتت تشكّل رافدًا أساسيًا يرفد الجيش العراقي بدعم شعبي، يحصّنه ويقويه في مواجهة الارهابيين.
إن قيام العراقيين بأنفسهم بالتصدي لكل محاولات تقسيم العراق، ولكل محاولات الارهابيين السيطرة على أجزاء من العراق، سيزيد من عزم هذا الشعب ويزيد لحمته ويخفف من انقساماته، فأمام الخطر الوجودي يجب ان تنتفي كل التباينات الطائفية والمذهبية.
في النتيجة، يقاتل العراقيون اليوم، كما فعل السوريون من قبلهم، يقاتلون للدفاع عن أنفسهم وقيمهم وووطنهم في المقام الأول، ويقاتلون للدفاع عن الشرق الأوسط بأكمله في المقام الثاني. بيد العراقيين اليوم مصير المنطقة، فإن سُمح بتقسيم العراق، لن تسلم دولة من التقسيم، وإن إنهار العراق تحت ضربات الارهابيين، لن تبقى المنطقة على حالها، وسيسود الظلام والتخلف كافة المناطق العربية... لذا، على جميع الدول العربية، دعم العراقيين في حربهم على الارهاب، التي باتت معركة مصير ووجود، ومَن يهلل اليوم لانتصار "داعش" سيبكي نفسه غدًا، ولسان حاله سيقول" "أكلت يوم أكل الثور الابيض".

2014/06/19

المصالح السعودية – التركية .. تقاطُع وتصادُم

د. ليلى نقولا الرحباني
في خطوة لافتة، تقدَّم الجيش السوري ميدانياً هذا الأسبوع، فسيطر على مواقع استراتيجية هامة، أهمها مدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي، وبعض مناطق ريف حمص الشمالي. تأتي أهمية السيطرة على كسب، لموقعها الجغرافي المحاذي للأراضي التركية، والتي شكّلت عمقاً جغرافياً استراتيجياً للمسلحين، ورافداً بشرياً ولوجستياً لهم، وهو ما أكّدته التقارير الصحفية التي أشارت إلى وجود سيارات تركية عسكرية استخدمها الجيش التركي المتدخّل في سورية عسكرياً، بالإضافة إلى سيارات إسعاف تركية استخدمها المسلحون لنقل جرحاهم إلى الداخل التركي.
وهكذا، تستمرّ الإشارات الميدانية والتقارير العسكرية والصحفية بتأكيد التدخُّل العسكري التركي المباشر وغير المباشر على خط المعارك في سورية، منذ بداية الأزمة ولغاية اليوم، فتدخُّل الجيش التركي بدأت ملامحه الواضحة تظهر منذ بدء المعارك على الحدود بين البلدين، وأهمها معارك جسر الشغور، ثم مروراً بالقصف التركي للطائرات العسكرية السورية التي كانت تقوم بضرب معاقل المسلحين، وصولاً إلى منطقة كسب، التي ظهر جلياً تدخُّل الأتراك العسكري المباشر فيها، بالإضافة إلى تأمين الدعم للمسلحين وتسهيل مرورهم، وتأمين متطلباتهم اللوجستية، وتأمين ملاذ آمن للمجموعات الإرهابية لتتحصّن، تمهيداً للانقضاض على الأراضي السورية.
رغم كل هذا التدخل العسكري التركي الواضح، بالإضافة إلى التدخل السياسي لأنقرة، الذي تمظهر بإيواء المعارضة السورية وتأمين الملاذ والدعم السياسي والمالي لها، أضف إلى ذلك التقارير المؤكدة التي تفيد باستفادة - إن لم يكن تشجيع ومشاركة - تركية من نهب المصانع السورية في حلب، ثم نهب النفط السوري في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة بعد إعلان الاتحاد الأوروبي رغبته بشراء النفط المسروق الخ... رغم كل ذلك، كان لافتاً توجيه الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً الاتهام إلى السعودية بأنها الدولة الإقليمية الأكثر استمراراً في عدائيتها لسورية بعد "إسرائيل"، رغم أنه لم ينفِ عدائية كل من تركيا وقطر لدولته.
وفي محاولة تفسير هذا التصنيف، يمكن لنا تصوُّر الأسباب الآتية:
فشل مشروع "الإخوان المسلمين" في المنطقة، وترنُّح أصحاب هذا المشروع وسقوطهم رغم بقاء بعض ركائزه على قيد الحياة، لذا لا يملك مشروع "الإخوان المسلمين" سوى أن يمدّ اليد لإيران لتنقذه من الموت المحتّم، وبما أن إيران باتت خشبة الخلاص الوحيدة لمشروعهم، يحاول الرئيس الأسد أن يعطي الإيراني فرصة لمحاولة تعديل الموقف "الإخواني" من الحرب الدائرة في سورية، ما سيؤدي حكماً إلى تفكك الجبهة المعادية بأكملها.
يعرف الأسد أنه في ظل صراع "إخواني - وهابي" يتجلى اقتتالاً مسلَّحاً في سورية، ومعارك إلغائية في كل من مصر وتونس واليمن وغيرها، يجب عدم فتح المجال لهذين المحورين بالالتقاء على مصلحة واحدة، كما حصل سابقاً حين تكاتفا للنيل من الدولة السورية في بداية المعارك، بل من مصلحته ومصلحة المحور المقاوم أن يزيد الشرخ بينهما وتوسيع هامش الاقتتال.
 يدرك الأسد أن ما قامت به "داعش" في العراق كان بدعم تركي وسعودي معاً، لتقاطع مصالحهما ضد الحكومة العراقية، لكن لكل منهما منطلقاته في دعم المجموعات المسلحة في العراق، فالسعودية تريد أن تستعيد الساحة العراقية بعدما خسرت في سورية، بينما تريد تركيا أن تدفع الولايات المتحدة إلى التعاون والتنسيق معها لمكافحة الإرهاب، ما يعيد الاعتبار إلى دور تركيا في الترتيبات الإقليمية الجديدة، ويعطي دفعاً أميركياً لأردوغان وحزب "العدالة والتنمية" في مواجهة خصومه الداخليين، بعدما تبيّن أن الأميركيين غير بعيدين عما يحصل في تركيا منذ حزيران 2013 ولغاية الآن.
بكل الأحوال، وبغض النظر عن حجم العداء السعودي أو التركي لسورية أو مركزيته، يبقى أن المنطقة اليوم، وبعد سيطرة "داعش" على أجزاء واسعة من العراق، لن تشهد اقتتالاً طائفياً سُنياً شيعياً فحسب كما يريد البعض، بل ستشهد المنطقة العربية بأكلمها اقتتالاً أشدّ بين "الإخوان" و"الوهابيين"، وأبرز الدول المتأثرة فيه ستكون الأردن، والمملكة العربية السعودية، وباقي الدول الخليجية.

2014/06/14

هل يؤدي تقسيم العراق الى تقسيم السعودية؟

د. ليلى نقولا الرحباني
يعيش العالم حالة من القلق والذهول، إزاء التطورات التي حصلت في العراق خلال الأسبوع المنصرم،  وسيطرة الارهابيين على مناطق واسعة من العراق، وتهديد بغداد، وإطلاق تهديدات طائفية ومذهبية للمكونات العراقية الأخرى. وإن كان القلق الذي ساد العالم، مختلف عن دواعي القلق والألم الذي يسود في العراق، إلا أن الدول المجاورة للعراق، تتباين في نظرتها لتطور الأحداث العراقية، إنطلاقًا من مصالح وهواجس تحكم كل منها. وبكل الأحوال، لا ينفصل ما يحصل في العراق اليوم، عن الاشتباك السعودي الايراني في المنطقة، والمرشح الى مزيد من التفاقم.
- بالنسبة لايران:
واقعيًا، لقد أتى احتلال العراق من قبل الاميركيين عام 2003 لمصلحة ايران الاستراتيجية، فقد قضى الأميركيون على حكم صدام حسين المناوئ للسياسة الايرانية والذي أقام معها حربًا امتدت ثماني سنوات، وشكّل حاجزًا أمام امتداد النفوذ الايراني في المنطقة. ثم ما لبث أن ساد تفاهم "غير معلن" بين الأميركيين والايرانيين خلال فترة الاحتلال الأميركي للعراق، على دعم العملية السياسية ومحاولة الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار.
أما اليوم، فيسود القلق في ايران من تمدد "داعش" في المحافظات السنية العراقية، لما في ذلك تأثير على نفوذ الحكومة العراقية، وتهديد للمكونات العراقية الأخرى، لذا لن تسمح ايران باختلال موازين القوى في العراق بشكل يؤدي الى اقتطاع أجزاء عراقية لإقامة دولة "داعش". علمًا أن ما حصل في العراق، يبدو بشكل كبير، ردّ على التقدم الذي تحرزه المفاوضات الايرانية مع الدول الست بخصوص الملف النووي الايراني، كما ردّ على التقدم الذي يحرزه محور المقاومة الدعوم ايرانيًا في الداخل السوري.
- أما بالنسبة للسعودية:
كانت السعودية أول المتحمسين للغزو الاميركي للعراق، لكنها سرعان ما وجدت أن ايران تمتلك النفوذ الأكبر فيه، وتدريجيًا بدأت الرياض تشعر بالاستياء من حرمانها من قوة تأثير هامة داخل هذا البلد.

تعتبر السعودية العراق ساحة من ساحات التنافس في الصراع الإقليمي الاكبر مع ايران، ولطالما اتهم المسؤولون السعوديون الولايات المتحدة صراحة ب “تسليم العراق إلى إيران” وزيادة نفوذها في المنطقة، وأعربوا عن استيائهم من أن قدوم حليفتهم الولايات المتحدة الى المنطقة جعل ايران دولة اقليمية هامة وفاعلة. أما اليوم، فقد يكون الموقف السعودي مشابه للتصريح العلني الذي عبّر عنه رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل، الذي حمّل حكومة المالكي المسؤولية عن تمدد داعش، والأهم قوله صراحة: "من السخريات المحتملة التي قد تقع هو أن نرى الحرس الثوري الإيراني يقاتل جنبًا إلى جنب مع الطائرات الأميركية بدون طيار لقتل العراقيين.. هذا شيء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل.. إلى أين نتجه؟"
هذا الموقف العلني، والسكوت الرسمي، والتقارير التي أشارت الى عبور مئات المقاتلين السعوديين الحدود التركية - السورية للانضمام الى داعش قبل أيام من الهجوم، بالاضافة الى تركيز الاعلام السعودي على أن ما حصل هو "ثورة شعبية" قام بها العراقيون وبعثيو صدام، قد يشي بدور سعودي ما في التشجيع إن لم يكن في التمويل والتحشيد.
وفي تحليل الموقف السعودي، يمكن التكهن بأن ما جرى في العراق قد يكون مرده الى أسباب عدّة أهمها:
- كسب المزيد من أوراق التفاوض الإقليمي، فالقتال على أبواب بغداد يعوّض الخسارة التي منيت بها المجموعات المسلحة المدعومة من السعودية على أبواب دمشق.
- رسالة الى الحليف الأميركي بأن تخطي السعودية في التفاهمات الاقليمية التي يحاول عقدها، هو أمر صعب ومكلف جدًا، وأن السعودية تملك الكثير من الأوراق الإقليمية التي تستطيع أن تلعبها في الوقت المناسب وتقوّض من خلالها كل التفاهمات التي تقام بدون الأخذ بمصالحها بعين الاعتبار.
- كسب نقاط إضافية في الصراع مع ايران، وتوجيه رسالة قاسية لها، خاصة بعدما ظهر أن ايران لها تفضيلاتها بما خصّ حركات الاسلام السياسي السنّي، إذ تبين أنها تفضل التحالف مع الاخوان المسلمين - تركيا- على حساب التيار الوهابي السياسي في المنطقة.
- لطالما خشي النظام السعودي عودة الارهاب الى ضرب السعودية كما حصل في السنوات الممتدة بين 2003 – 2007. لذا، يرى بعض المتشددين في القيادة السعودية، أنه في حال تجدد الصراع الطائفي في العراق، وبالرغم من خشية السعودية من تأثير الفوضى في العراق على أمنها الإقليمي،  فان تدفق الجهاديين من السعودية الى العراق قد يخفف الضغط عن العائلة المالكة، وبالتالي قد يكون من المفيد تحمّل بعض التداعيات.
في المحصلة، يبدو أن المحور المدعوم سعوديًا، قد حقق نقاط هامة لصالحه على الساحة العراقية، ولكن الأسئلة التي تتبادر الى الذهن، هي ما يلي:
- ماذا لو أدّى الوضع الى تقسيم العراق، وتأسيس دولة لداعش على الحدود السعودية، هل سيكون الداخل السعودي بمأمن من التمدد الارهابي؟
- ولنفرض، أن تقسيم العراق أدى الى دويلة سنية غير داعشية، كما يشير بعض الاعلام  الخليجي، ألا يخشى السعوديون على وحدة السعودية، بأن يكون تقسيم العراق ملهم لمطالبات مماثلة لتقسيم السعودية التي  تتكون من محافظات مختلفة التقاليد والعادات والثقافات والتاريخ، والتي يعاني بعضها من درجات كبيرة من التهميش والفقر؟ هل نسي السعوديون السيناريوهات التي وضعها الاميركيون بعد 11 أيلول لتقسيم السعودية بعدما اتهموها برعاية الارهاب وتوليده من خلال تشكيل ثقافة ملاءمة لنموه وبيئة حاضنة له؟.
- ألا تخشى السعودية من توسع ظاهرة سيطرة القبائل المحلية في العراق وتقويتها ما قد يؤدي الى تحريك القبائل في السعودية، فتقوم بعض القبائل السعودية العريقة التي لديها فروع مشتركة وامتدادات في العراق بتحدي سلطة آل سعود ومطالبتهم بمزيد من الامتيازات السياسية والحقوق الاقتصادية في البلد؟.
لا شكّ، إن ما يحصل في المنطقة ككل، والعراق بالذات، يشي بتطورات خطيرة على جميع الدول في منطقتي الشرق الأوسط والخليج، والمستقبل بات مجهولاً، وعلى الجميع الوعي وإدراك أخطار الجنون الارهابي المتنقل بين سوريا والعراق، والذي يهدد بالامتداد الى اوروبا والعالم.

2014/06/12

ايران نحو المهمة الدولية الكبرى!!

د. ليلى نقولا الرحباني
قام الرئيس الإيراني حسن روحاني،بزيارة تاريخية الى تركيا، كانت مقررة في وقت سابق- أو هكذا بدا على الأقل- منعته من المشاركة في حفل تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي في مصر واكتفى بارسال مندوب عنه الى الاحتفال المصري. ولقد كانت الزيارة الايرانية لتركيا، استكمالاً لزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى طهران في كانون الثاني من عام 2014، علمًا أن تصريحات روحاني وصفت الزيارة بأنها تمثل "منعطفًا تاريخيًا"، للعلاقات مع تركيا بـ "الجارة والصديقة" ذات "المكانة الخاصة" لدى ايران.
وبالرغم من التباين في المواقف من الحرب في سوريا بين تركيا وايران، إلا أن العلاقات بين البلدين لم تنقطع في أي وقت من الاوقات، علمًأ إن حركة ايران الاقليمية في آسيا الوسطى والزيارة التاريخة الى تركيا، تشير فعليًا الى "خيارات استراتيجية" كبرى اتخذتها ايران في سياستها الخارجية مع الرئيس روحاني، ومنها ما يلي:
- تركيا: الزيارات المتبادلة بين البلدين والتي تهدف الى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين من مستواه الحالي البالغ 15 مليار إلى 30 مليار دولار.بالاضافة الى ايراد بند تجارة الغاز الطبيعي بين البلدين على جدول البحث بين الوفد الإيراني والمسؤولين الأتراك لجهة خفض سعر الغاز الإيراني بهدف منافسة الغاز الروسي والآذري.
- أفغانستان: تطورت العلاقات بين البلدين بعد دخول الناتو الى افغانستان واطاحة نظام طالبان، وكما في تركيا كذلك في افغانستات، حيث تربط الجارتين الافغانية والايرانية علاقات سياسية بالاضافة الى العلاقات الاقتصادية القوية. وبالرغم من أن مستوى التبادل التجاري لم يتخطَ مستوى 1 مليار دولار عام 2013، إلا أن مستوى التنسيق الامني والسياسي بين البلدين، يجعل من ايران لاعبًا قويًا  في السياسة الأفغانية، وفي التأثير على الانتخابات الأفغانية القادمة، لا بد لدول الناتو من التعاون معه، تمهيدًا للانسحاب من أفغانستان.
- آذربيجان: بعد فترة من القطيعة والاتهامات المتبادلة بين البلدين، وخشية ايران من علاقات اذربيجان الوطيدة مع الولايات المتحدة واسرائيل، واتهام آذري لطهران بتقويض الاستقرار، ودعم أرمينيا في نزاعها مع اذربيجان حول اقليم ناغورنو كاراباخ، تبدلت العلاقات بين الاثنين بعد مجيء الرئيس روحاني. كانت اللقاءات التي عقدها الايرانيون والآذريون على هامش منتدى دافوس في كانون الثاني المنصرم، مناسبة لكسر الجليد، وأدت الى قيام الرئيس الاذري بزيارة ليوم واحد الى طهران، في نيسان 2014، التقى خلالها المرشد علي خامنئي، و الرئيس روحاني وبعض المسؤولين الايرانيين، وتعهد خلالها بعدم السماح باستعمال أراضي بلاده لضرب ايران، بالاضافة الى توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين، والاتفاق على تطوير العلاقات الثنائية وإعادة بناء الثقة المتبادلة.
- باكستان: بالرغم من تراجع العلاقات بين ايران وباكستان في السنوات الماضية، وتراجع التبادل التجاري بين البلدين من 1.3 مليار دولار الى 400 مليون دولار فقط، أعلن السفير الباكستاني في طهران عن اتفاق تمّ بين البلدين، خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني الى طهران في أيار الماضي، لرفع مستوى التبادل التجاري الى 3 مليار دولار كمرحلة اولى ثم الى 5 مليار دولار كمرحلة ثانية.
- تركمنستان: تعتبر ايران الشريك التجاري الثاني لتركمنستان بعد روسيا، وقد اعلن في شباط الماضي، خلال زيارة وزير الخارجية التركماني الى طهران، عن اتفاق بين البلدين لرفع التبادل التجاري من 5 مليار دولار الى 10 مليار دولار، وعن رغبة تركمنستان باستيراد التكنولوجيا ذات التقنية العالية من ايران.
إن ما تقدم بالاضافة الى اعلان ايران عن عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجال التعاون الجمركي، مع نحو 30 دولة من الأعضاء، في حركة عدم الانحياز، منها  العديد من دول آسيا الوسطى، يشير الى أن ايران تتحضر للقيام بدور استراتيجي كبير في تلك المنطقة، بالاضافة الى دورها في منطقتي الخليج والشرق الأوسط. هذه الأدوار ستتعاظم  بالتأكيد بعد توقيع الاتفاق النهائي بين ايران والدول الست حول برنامجها النووري، ما قد يجعلها تضطلع بمهمة دولية كبرى وهي: ضامن الاستقرار والتوازنات الدولية في المناطق الثلاث المذكورة أعلاه، فأين العرب من كل ذلك؟.

2014/06/08

النظام السوري ليس جمعية خيرية

د. ليلى نقولا الرحباني

تشهد مناطق عدّة في العالم انتخابات إما رئاسية أو عامّة، وخاصة تلك المناطق الملتهبة التي تعيش اقتتالاً أو أزمات داخلية أو ارهابًا مجنونًا. من أفغانستان التي لم تعرف الاستقرار منذ دخول الناتو اليها لطرد طالبان وإقامة الديمقراطية فيها بدل شريعة القاعدة، الى العراق الذي يشهد ارهابًا غير مسبوق تغذيه دول اقليمية وعالمية، الى مصر التي استطاعت أن تطرد رئيسين في أقل من سنتين، الى اوكرانيا التي تعيش حربًا أهلية حقيقية في أقاليم واسعة من الشرق الاوكراني، وصولاً الى سوريا ولبنان، حيث شهدت سوريا انتخابات رئاسية بينما يعيش لبنان الفراغ الرئاسي بانتظار التوافق الاقليمي.
وفي خضّم هذا المشهد الانتخابي المتنقل بين دول غير مستقرة، يمكن إبداء ملاحظات عدّة على المعايير المتبدلة في مسارات الدول الغربية، المنادية بالحرية والديمقراطية:
- في وقت تعيب فيه المعارضة السورية وداعموها على السوريين اجراء انتخابات في ظل اقتتال وتهجير وعدم قدرة العديد من المناطق السورية على التصويت، يبارك الغرب الانتخابات في اوكرانيا التي تعيش حربًا أهلية، وعدم قدرة العديد من المناطق في الشرق الاوكراني على الانتخاب. علمًا أن الدولة السورية تقول أن المناطق التي يسيطر عليها الارهابيين بشكل كامل، قد نزح اهلها أما الى الداخل السوري الآمن، أو الى دول الجوار، وعليه، يمكن للنازحين السوريين من كل المناطق التصويت في الداخل السوري أو في لبنان أو في الاردن، بينما عدم تمكّن الناخبين السوريين المتواجدين في تركيا من التصويت، مرده الى الدولة التركية وليس الى عدم رغبة الدولة السورية في منحهم حق الاقتراع.
- بالرغم من كل الارهاب المتفشي في افغانستان، والتهديد باستهداف المدنيين الذاهبين الى الانتخابات من قبل القاعدة، رحب الأميركيون والغربيون بالانتخابات الرئاسية التي جرت على وقع المخاوف الأمنية، والتي ستشهد دورة ثانية في منتصف الشهر الجاري، ولم يطالبوا - كما فعلوا في موضوع الانتخابات السورية- بتأجيل الانتخابات سنة أو سنتين، لأنهم ببساطة يريدون التخلص من الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الذي يرفض توقيع الاتفاقيات الأمنية التي تمس بسيادة أفغانستان، مطالبًا بتعديل بعض بنودها ومنها ما يعطي الحصانة للجنود الأميركيين من الملاحقة القانونية ، ومنها ما يسمح لمن تبقى من الجنود بعد الانسحاب، بالتحرك لمقاتلة الارهابيين، بدون العودة الى الدولة الأفغانية.
- ظهر جليًا من خلال المواقف العربية المنددة بالانتخابات السورية، والمرحبة بالانتخابات المصرية التي أوصلت المشير عبد الفتاح السيسي الى الحكم، الى أن تلك الدول التي لطالما عُرفت باسم محور الاعتدال، تعيد انتاج محورها، وتهدف الى إعادة إحياء دور مصر كدولة رائدة في موازين القوى الإقليمية بقرار وبدعم عربي. علمًا أن محور الاعتدال السابق الذي كان يدفع نحو السلام مع اسرائيل في مقابل محور المقاومة الذي كان يريد إعادة الأرض العربية مقابل السلام، عاد بعد الحرب في سوريا الى انتاج محورين، مع فارق جوهري وأكيد، هو أن المحور المقاوم الذي كان يمانع في اعطاء اسرائيل سلامًا مجانيًا، قد دخل الآن في قيادة حرب عالمية على الإرهاب، أدخله فيها الغرب وبعض العرب، فكان على قدر المواجهة.
في النتيجة، وبالرغم من اعلان الدول الداعمة للمعارضة السورية، عن عدم اعترافها بالانتخابات السورية التي سمحت بتكريس الاسد رئيسًا لسبع سنوات قادمة، وبالرغم من الرد الأميركي على تلك الانتخابات باعلان سوزان رايس أن الولايات المتحدة ستقدم أسلحة "فتاكة" للمعارضة السورية "المعتدلة"، لكن الأكيد أن ما اعلنه الرئيس الأميركي باراك اوباما في خطابه الشهير في أكاديمية "وست بوينت" العسكرية، من أن الدعم والاسلحة التي تقدم للمعارضة السورية سيكون لمقاتلة الارهابيين وليس الجيش السوري، الذي بات حاجة لجميع الأمم لمقاتلة الارهاب المتنقل، والذي يُخشى من أن يشكّل جسرًا جويًا معاكسًا الى مواطنه الأصلية في اوروبا وأميركا، بعد أن عمدت تلك الدول الى تشكيل جسور جوية لإرساله الى سوريا.
وهكذا إذًا، لن تمر سوى أيام حتى تتناسى الدول الغربية حديث الانتخابات السورية، في اعتراف ضمني بنتائجها، ولن تمر سوى أسابيع أو شهور حتى يقتنع الغرب بأن التنسيق مع الجيش السوري أفعل وأضمن من دعم معارضة "متآكلة" لمحاربة الارهاب، وأنه بحاجة للتنسيق الأمني والاستخباري معه. ولكن الأكيد أيضًا، أن النظام السوري لم ولن يكون في أي يوم من الأيام جمعية خيرية.

2014/06/04

أوراق بوتين الاستراتيجية إلى "النورماندي"

د. ليلى نقولا الرحباني - الثبات

يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين وبعض قادة الدول الأوروبية، كهولاند وكاميرون، آخر هذا الأسبوع في فرنسا خلال المشاركة في الاحتفالات بالذكرى السبعين لإنزال النورماندي، وقد يكون هذا اللقاء مناسبة لطرح وجهات النظر بعد الأزمات المستفحلة بين روسيا والغرب على خلفية الأزمتيْن السورية والأوكرانية.

ويأتي بوتين إلى فرنسا متأبّطاً العديد من الملفات الحيوية الهامة التي يمكن أن يواجه بها خصومه خلال المحادثات، بعد أن كان الأوروبيون ومعهم الولايات المتحدة الأميركية قد اعتقدوا خطأ أن باستطاعتهم إحراج الرئيس الروسي والضغط عليه، متوهمين أن روسيا - بوتين تماثل روسيا - يالتسين، حيث قام الغرب بتطويق روسيا اقتصادياً؛ بإنهاك اقتصادها، وجغرافياً؛ باستدراج دول أوروبا الشرقية السابقة للدخول إلى الاتحاد الأوروبي، واستراتيجياً؛ بتفتيت يوغسلافيا وتأجيج الثورات الملوّنة في الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي.

وبالرغم من أن الغرب نجح إلى حد ما في سياساته السابقة، وبالرغم من أن الرئيس فلاديمير بوتين كان قد اختار التعاون مع شركائه الأوروبيين والأميركيين، إلا أنه منذ القضية الليبية واحتيال الغرب لأخذ موافقة الروس على قرار مجلس الأمن، ثم الإطاحة بمعمر القذافي والمسّ بالمصالح الروسية في شمال إفريقيا، ثم هرولة الغرب إلى محاولة الإطاحة بالنفوذ الروسي في كل من الشرق الأوسط والبلقان، فُرض على بوتين السير بسياسة هجومية - دفاعية عن مصالح روسيا الاستراتيجية في العالم، مدركاً أن ما فرضه عليه أسلافه ليس قدَراً، وأن روسيا ما زالت تملك الكثير من الأوراق الاستراتيجية القادرة على لعبها، ومن هذه الأوراق ما برز خلال الأسبوعين المنصرمين كردٍّ على العقوبات الأوروبية المفروضة على الروس، وهي ما يلي:

- ضم القرم، وما تلاها من عدم استقرار في أوكرانيا، بالإضافة إلى التهديد الروسي بقطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا، وبالتالي عن أوروبا، التي تعيش قلقاً غير مسبوق نتيجة الأزمة، إذ من المفترض أن يتم ملء خزانات الغاز في أوكرانيا في حزيران وتموز وآب لكي يستطيع الأوروبيون أن يتحضّروا لموسم الشتاء المقبل، علماً أن ضمّ القرم، وبروز روسيا كأسد كاسر يؤدّب كل من يحاول المس بأمنه وأمن مواطنيه، هو ما دفع الرئيس الأميركي إلى محاولة طمأنة حلفائه الأوروبيين، وتأكيده في وارسو أن الالتزام الأميركي بأمن بولندا وأمن حلفائه في أوروبا الوسطى والشرقية يشكّل حجر زاوية لأمن الولايات المتحدة، وهو ثابت لا يُمسّ.

- وضع خطوط حمر صارمة في سورية، وفرضها على الأميركيين، وهو ما ظهر من خلال خطاب الرئيس باراك أوباما في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية.

- توقيع روسيا والصين اتفاقاً تبلغ قيمته 400 مليار دولار على مدى ثلاثين عاماً، تمد روسيا بموجبه الصين بالغاز اعتباراً من عام 2018، على أن يرتفع حجم الشحنات تدريجياً ليبلغ 38 مليار متر مكعب سنوياً، وفي هذا الاتفاق التاريخي فوائد اقتصادية هامة للبلدين، يرفع تعاونهما الاقتصادي، بعد أن كان التحالف السياسي قد فرض نفسه منذ بداية الأزمة السورية خصوصاً، حيث بدا أن البلدين يتكلمان "لغة واحدة"، بالإضافة إلى التقارير التي ذكرت الصين وروسيا بصدد إبرام صفقات تسليح جديدة، إذ تنوي وزارة الدفاع الصينية شراء عدد كبير من مقاتلات "سو-35"، ومنظومات "أس-400" للدفاع الجوي، وصواريخ جوّالة مضادة للسفن، من الروس.

- توقيع الروس مع بيلاروسيا وكازاخستان اتفاقية الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، على أن يُفتح الباب لانضمام أرمينيا وقرغيزيا في المستقبل القريب، ويُعدّ هذا الاتحاد المُنشئ حديثاً أكبر سوق موحّدة في منطقة رابطة الدول المستقلة، التي تملك إمكانات صناعية وعلمية وتكنولوجية ضخمة، وموارد طبيعية هائلة. وبموجب الاتفاقية تلتزم دول الاتحاد الجديد ضمان حرية البضائع والخدمات ورأس المال والقوة العاملة في حدود الاتحاد، وأن تعمل على تنسيق سياساتها في القطاعات الحيوية للاقتصاد، مثل الطاقة والصناعة والزراعة والنقل.

إذاً، يذهب بوتين إلى النورماندي متأبِّطاً أوراقاً استراتيجية هامة، منها الجديد ومنها القديم، في المقابل، يتأبّط الأوروبيون أوراق الفشل في سياستهم الشرق أوسطية، ودخول ليبيا في أتون حرب قاتلة، وقلقهم من تفشي الإرهاب في أوروبا وانقطاع الغاز، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانعدام البدائل، والأهم قلق من عودة الإرهابيين الذين تمّ تصديرهم إلى أوروبا، ولهم في مثال حادثة المتحف اليهودي في بروكسل عبرة هامة

2014/06/01

هل بات مصير لبنان بيد الدولة السورية؟

د. ليلى نقولا الرحباني

شهدت المنطقة المحاذية للسفارة السورية في بيروت اكتظاظًا هائلاً في اليوم الذي أعلنته السفارة السورية في بيروت، يومًا لإجراء الانتخابات السورية في لبنان، ثم عادت ومددت الى اليوم التالي نتيجة الاقبال الهائل على صناديق الاقتراع، حيث تسببت الطوابير الكبيرة للناخبين المقبلين على الانتخابات بازدحام سير شديد ومشهد مهيب من البشر الزاحفين الى صندوق اقتراع.

فعليًا، تلك هي المرة الاولى التي يتآلف فيها اللبنانيون عن قرب مع الحجم الحقيقي للوجود السوري في بلدهم، وقد تكون بلدات مثل عرسال أو بلدات أخرى في البقاع وعكار، قد عرفت مدى كبر هذا الحجم، لكن باقي اللبنانيين، لم يستطيعوا أن يقدّروا مقدار الحجم الهائل الهائل التي تشكّلها أرقام المفوضية العليا للاجئين والتي تتحدث عن ما يزيد عن مليون لاجئ، بينما تتحدث أرقام الأمن العام اللبناني عن مليون وثلاثماية ألف، عدا من نزحوا بطريقة غير شرعية، أي لم يمروا عبر المعابر الرسمية بين البلدين.
وبغض النظر عن العدد الفعلي والحقيقي لأرقام اللاجئين السوريين في لبنان، فقد شكّلت التصريحات الغاضبة والداعية لترحيل السوريين، من قبل بعض القوى السياسية في 14 آذار، مفاجأة للبعض، إذ أن هؤلاء أنفسهم كانوا يكيلون الاتهامات لأخصامهم بالعنصرية، كلما تحدثوا "عن تنظيم النزوح السوري الى لبنان". وقد يكون السبب الفعلي لهذه "الصدمة الآذارية"، هو التقارير السابقة المختلفة، سواء الدولية أو البحثية الداخلية، والتي عملت عن قرب مع اللاجئين السوريين، والتي أجمعت "جميعها" على أن الغالبية العظمى من النازحين هم معارضين للنظام السوري.
وفي تقييم للمشهد السوري الزاحف الى سفارة بلاده للتصويت، وتباينه مع كل تلك التقارير السابقة، يمكن لنا إبداء السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول: أن يكون فعلاً الغالبية العظمى من النازحين هي في الأصل معارضة للنظام السوري ولكن تبدّل الحال بعد سنوات ثلاث من الاقتتال، فكانت أسباب الزحف الى الاقتراع ما يلي:
- جزء بدّل رأيه بعدما تبيّن عدم وجود بديل مقبول للنظام السوري، وأن كل ما تعدهم به المعارضة لمستقبل سوريا هو نموذج داعش والاقتتال بين الفصائل الارهابية.
- جزء بدّل رأيه، بعد تجربة النزوح المريرة والتي دفعت السوري الذي كان يتمتع بحدّ مقبول من الأمان الاجتماعي الى هاوية الفقر والتسكع على أبواب المنظمات المانحة.
- جزء بدّل رأيه نتيجة تبدّل موازين القوى على الأرض، وسيطرة النظام السوري على أجزاء واسعة من البلاد، فخشي هؤلاء أن يتم التضحية بهم، وأن يذهبوا "فرق عملة" في صراعات الدول تمامًا كما حصل مع الجيش السوري الحر.
- جزء ذهب للاقتراع خوفًا من أعمال انتقامية مستقبلية من قبل النظام، كونه كان يوالي معارضة تتجه الى السقوط، فلماذا يربط مصيره بها؟

السيناريو الثاني: أن يكون معظم اللاجئين هم فعلاً مؤيدين للنظام السوري، ولكنهم عرفوا مقدار التسييس الذي تنطبع به المساعدات الأممية، وخشيوا من أن يكون تعبيرهم عن رأيهم الحقيقي عاملاً لحرمانهم من المساعدات، أو للتمييز بينهم وبين اللاجئين المعارضين.

وفي كلا الحالتين، ومهما تكن الأسباب التي أدّت الى تسونامي بشري انتخابي سوري في لبنان، يبقى أن طريقة معالجة ملف النازحين في لبنان لم تكن على المستوى المطلوب من الأساس، وقد طبعتها المزايدات السياسية منذ بدايتها. والأكيد اليوم، أنه لا يمكن للبنان أن يُحكم بطريقة العداء للدولة السورية، بل إن أي حكم لبناني عليه أن يكون صديقًا للنظام الذي يحكم سوريا مستقبلاً، فاليوم أكثر من أي وقت مضى، بات مصير لبنان الأمني والاقتصادي والاجتماعي بيد الدولة السورية.