2013/07/25

هل تسلّم أميركا لروسيا بقيادة الشرق الأوسط؟

يتحدث بعض المحللين الغربيين عن انسحاب أميركي من المنطقة، أو ما يشيرون إليه بقولهم إن الولايات المتحدة باتت تعتبر منطقة الشرق الأوسط في آخر سلم أولوياتها، وإن كل ما يحصل من تطورات هنا وهناك وسقوط لهذا الحليف أو ذاك بات في عُرف الأميركيين موضوعاً هامشياً لا يدخل في صلب اهتمامات الإدارة الأميركية، ولا يشكّل قضية من قضايا الأمن القومي الأميركي.

وفي محاولة تقييم تلك الأفكار، يجب علينا بداية تصنيف المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لمعرفة مدى انتفاء هذه المصالح أو استمرارها، من هنا يمكن أن نذكر أنه - تقليدياً - كان للولايات المتحدة الأميركية مصالح استراتيجية أساسية في منطقة الشرق الأوسط ككل، وهي تتلخص بما يلي:

أولاً: مصادر الطاقة، فمنذ دخولها إلى الساحة الدولية كقوة عظمى، أرادت أميركا أن تضمن تحكمها بتدفق الموارد النفطية، وأن يكون تصدير الطاقة إلى الأسواق العالمية تحت إشرافها، كما حرصت على عدم السماح لأي قوة إقليمية أوعالمية من التحكّم بهذا التدفق أو السيطرة على ممرات الطاقة ومنابعها.

وفي الحديث عن "الهجرة الأميركية" للمنطقة، يشير هؤلاء إلى ما تمّ اكتشافه والحديث عنه بقوة في الآونة الأخيرة، وهو اعتماد تقنية التكسير الهيدروليكي للطاقة في الولايات المتحدة الأميركية، والذي سيسمح لها - بحسب "وكالة الطاقة الدولية" - بأن تصبح أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام 2020، متجاوزة بذلك السعودية وروسيا، وفي هذا المجال يتحدث بعض خبراء الطاقة المتفائلين عن عصر "نهضة الطاقة الأميركية"، التي ستسمح لها بأن تعود كأهم قوة اقتصادية عالمياً بفضل هذه النهضة.

ثانياً: أمن "إسرائيل" التي التزمت الولايات المتحدة منذ زمن الدفاع عنها ودعمها سياسياً وعسكرياً ومادياً، وفي هذا أيضاً يعتبر هؤلاء أن السعي الحثيث لجون كيري لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" هو محاولة جدية لدفع عملية السلام قدماً، وتمهيداً لانسحاب تدريجي من الالتزامات تجاه "إسرائيل" بإظهارها قادرة على الدفاع عن نفسها، وهو ما قد يكون الأميركيون قد سعوا إليه من خلال تسريب خبر الغارة "الإسرائيلية" على اللاذقية في منتصف تموز الحالي.

ثالثاً: الإرهاب الذي لطالما اعتبرت الولايات المتحدة أنه يشكّل خطراً على أمنها القومي، ويعتبر مؤيدو فكرة "الهجرة الأميركية" أن الولايات المتحدة لا تكترث لغرق المنطقة بفوضى أصولية تكفيرية عارمة، ما دامت تقوّض البلدان التي لا تدخل في فلكها، ولا تؤثر تأثيراً مباشراً على "إسرائيل"، ويؤكد هذا الأمر أن الولايات المتحدة لا تجد حرجاً في دعم بعض المجموعات الأصولية في سورية، باعتبارها قادرة على التحكم بمسار عملها وتحركها.

بعد تفنيد هذه الأقوال، نعود إلى السؤال المركزي: فعلياً، هل يمكن لأميركا أن تتخلى عن المنطقة وتهجرها؟

لا يمكن للولايات المتحدة الأميركية، ومهما كانت الأسباب، أن "تتخلى" عن المنطقة بهذه السهولة، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: في موضوع استخراج النفط الأميركي، وعلى الرغم من الأخبار المتفائلة حول تحوّل أميركا تدريجياً من دولة تعتمد على النفط الخارجي إلى دولة مكتفية ذاتياً، إلى مصدّرة للنفط خلال العقدين القادمين، فإن الخبراء يشيرون إلى أن ارتفاع كلفة استخراج هذا النفط قد لا تسمح بهذا التفاؤل المفرط.

ثانياً: بالنظر إلى حجم ونفوذ اللوبي اليهودي في أميركا، لا يمكن للأميركيين التخلي عن هدف حماية أمن "إسرائيل" ودعمها.

ثالثاً: طبيعة التهديدات الإرهابية المتنقلة وغير المتوقعة لا تسمح للأميركيين بالتخلي عن سياسة مكافحة الإرهاب وذلك لأسباب داخلية وخارجية عدّة، لذا، إن مكافحة الإرهاب تفترض استمرار الدعم السياسي والعسكري الأميركي للعديد من الدول في العالمين العربي والإسلامي، بالإضافة إلى استمرار التعاون الاستخباري والأمني مع القوى الأمنية والعسكرية في تلك الدول.

رابعاً: والأهم، أن الفراغ الاستراتيجي الذي سيتركه الأميركيون في المنطقة، سيغري حتماً قوى دولية وإقليمية لملء هذا الفراغ، ولعل أكثر دولتين مرشحتين لهذا هما روسيا وإيران.

من هنا، ستجد الولايات المتحدة صعوبة بالغة في الحدّ بشكل ملحوظ من انخراطها السياسي والعسكري في الشرق الأوسط، وتجاهل تعاظم الدور الروسي في المنطقة، خصوصاً بعد الأزمة السورية، لذا، حتى لو أراد الأميركيون أن يهجروا المنطقة، كما يعتقد البعض، فإنهم لن يسمحوا للروس بالسيطرة عليها بسهولة، مما يؤمن لهم قوة اقتصادية واستراتيجية هائلة، تسمح لهم بمنافسة الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الاقصى، حيث يقوم الأميركيون بمحاولة احتواء للنفوذ الصيني فيها، وقد تكون المناورات التي أقامها الروس في تلك المنطقة - والتي وصفت بأنها مناورات منقطعة النظير، لم تر روسيا مثلها من قبل - مؤشراً على أن سباق النفوذ بين الاثنين لن يقتصر فقط على مناطق الشرق الأوسط والبلقان أو أوروبا الشرقية، بل سيتعداه إلى المكان الذي تتطلع أميركا لفرض نفسها قوة كبرى فيها وهي منطقة المحيط الهادئ.

2013/07/18

أولوية أميركية للمحور "الوهابي" على "الاخواني"

مع التأكد من عدم إمكانية عودة مرسي إلى الحكم، تكون الولايات المتحدة الأميركية قد خسرت فعلياً كل ما حاولت القيام به من سياسيات ترويجية بعد 11 أيلول، من أن سياساتها الشرق أوسطية هي تعبير عن دراسة معمّقة للإجابة على السؤال المحوري: لماذا يكرهوننا؟

وبتهرّبهم من الإجابة الحقيقية على السؤال، والتي كان الجنرال بترايوس قد قاربها خلال انتقاده للسياسة "الإسرائيلية" وتأثيرها على المصالح الأميركية، والتي قد تكون قد كلفته مستقبله السياسي، يحاول الأميركيون منذ عهد جورج بوش تصوير أنفسهم داعمين للشعوب العربية على حساب الديكتاتوريات التي حكمتهم، فكانت سياسات نشر الديمقراطية التي أعلنها المحافظون الجدد، والتي سقطت بالضربة القاضية في العراق.

لم يكن أوباما أوفر حظاً من سلفه، فخلال حملته الانتخابية، عارض أوباما سياسات بوش المعتمَدة على القوة الصلبة، وروّج استعداده للسير بسياسة خارجية "ذكية"، تعتمد بشكل أساس على القوة الناعمة من دون إغفال القوة الصلبة في حالات الضرورة، وكملاذ أخير، بالإضافة إلى اعتماد "التنمية" كمكوّن أساسي من مكونات تلك السياسة. وانطلاقاً من هذا قام بزيارته الشرق أوسطية الأولى التي بدأها من القاهرة بخطاب حماسي استعمل فيها آيات من القرآن الكريم، إيذاناً منه بإعلان بدء مرحلة جديدة عنوانها "المصالحة مع الإسلام السياسي" أو ما سمّاه "إسلاماً معتدلاً".

وهكذا، لم تكد تبدأ موجات "الربيع العربي" المزعوم، حتى آمنت الإدارة الأميركية بقدرتها على استبدال حلفائها التقليديين من ديكتاتوريين وجيوش نظامية بحلفاء جدد أخفّ عبئاً، من دون تدخّل مباشر أو تصدّر الأحداث، مما يؤدي إلى العودة إلى حالة "الكره التقليدي"، فأعلن أوباما سياسة "القيادة من الخلف"، والتي حاول من خلالها دعم مجموعات من "الإسلام السياسي" للوصول إلى السلطة، مراهناً على قدرتهم على تأمين مصالح الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجية في المنطقة؛ باحتواء إيران والتطبيع مع "إسرائيل" والحفاظ على أمنها، وتأمين ممرات الطاقة وغيرها.

وقبيل ذهابه إلى اجتماع قمة الثماني الأخيرة، كان الرئيس أوباما يدرك تماماً أن سياسته الخارجية في الشرق الأوسط قد فشلت فشلاً ذريعاً، فسورية لم تسقط، وليبيا تحوّلت إلى دولة منهارة تصدّر الأسلحة والمقاتلين إلى كافة أنحاء العالم، وتونس ومصر تعانيان من انقسام حاد واستقطاب لا مثيل له، وحليفه التركي محرَج بشكل كبير في الداخل، أما أصدقاؤه الأوروبيون فمترددون وقلقون من تنامي الإرهاب الأصولي في الحيّز الجغرافي المجاور لهم، ويخشون تمدده إلى ديارهم.. وبالرغم من ذلك، كابر الرئيس الأميركي رافضاً الاعتراف بالفشل، وبدل محاولة البحث مع قادة الدول الآخرين عن حلول لمنطقة تسير بسرعة قصوى نحو الانفجار، حاول الهروب إلى الأمام دافعاً المنطقة إلى مزيد من التدمير والتقاتل؛ بإعلانه استراتيجية "إعادة التوازن"، والتي أعلن فيها رغبته في إمداد المعارضة السورية بسلاح يمنحه التوازن الميداني المطلوب على الأرض.

ومن دون إغفال العوامل البنيوية والعقائدية، وعدم النضوج السياسي لقادة مجموعات "الإسلام السياسي" المتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، قد تكون الاستراتيجية الأميركية هي أحد أسباب جنوح وفشل هذه المجموعات التي راهنت على دعم أميركي مطلق، وتنافست فيما بينها، واحتربت على توسيع مناطق نفوذها، محاولة تقديم نفسها "الوكيل الحصري" للأميركيين في المنطقة.

ففي المراحل الأولى، دعمت الولايات المتحدة الأميركية مجموعات "الإخوان" في المنطقة، وأعطت القيادة لقطر وتركيا، ما سبّب صراعاً معلَناً أحياناً ومخفياً أحياناً أخرى بين المجموعات المدعومة من قطر وتركيا، وتلك المدعومة من المملكة العربية السعودية، وهو ما قد يكون أحد أسباب فشل تلك السياسة في المنطقة برمّتها، والذي أسقط حكم "الإخوان" بالضربة القاضية في مصر، وتجلّت مظاهره الواضحة في المعارضة السورية. وهكذا، عاد الأميركيون الى الحصان "الوهّابي"؛ يعطونه الأولوية في السباق، لإثبات قدرته على القيام بما عجز عنه المحور "الإخواني" في سورية، وهو ما يؤدي إلى تنازع واقتتال بين الفصائل السورية المتعددة، وحيث يحاول كل فصيل تثبيت نفسه على الأرض، لتقديم أوراق اعتماد للإدارة الأميركية المحرَجة أصلاً في الكونغرس في قضية تسليح المعارضة السورية.

واقعياً، وبحسب المعطيات الميدانية والسياسية، يبدو مصير الخطة الأميركية الجديدة كمصير سابقتها، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الوقت الذي منحه الأميركيون للمحور السعودي لمحاولة إعادة التوازن؟ الأكيد، أن المحور الجديد سيطالب بمنحه وقتاً كافياً للعمل والقتال كما تمّ منح المحور السابق، وعليه فإن الآمال المعلقة على قمة بوتين - أوباما المرتقبة في أيلول للبدء بمسيرة حل للمسار السوري، تبدو متفائلة نوعاً ما، إلا إذا حصلت تغيرات ميدانية كبيرة جداً على الأرض، جعلت الأميركي يعترف بفشل تصوّراته الشرق أوسطية السابقة ويحاول تحديد الخسائر، وهو ما لا يبدو واقعياً، أقلّه في الفترة الراهنة.

د. ليلى نقولا الرحباني

2013/07/17

اشكالية التوازن بين العدالة وبناء السلام_ كتاب





إشكالية التوازن بين العدالة وبناء السلام: المحاكم الجنائية الدولية نموذجًا... هو عنوان الكتاب، وهو عنوان واسع وصعب بشهادة كثيرين، ويحتمل الكثير من التوسيع وعدم القدرة على ضبطه.
       ولعل ما حملني على اختيار هذا العنوان، هو المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالتحديد. ففي آذار من العام 2009، باشرت المحكمة أعمالها، وكان الانقسام على أشدّه بين اللبنانيين حول المحكمة، فمنهم من يراها أداة ستمنع الافلات من العقاب، ويعتبر أن إطلاق الضباط الأربعة هو دليل على عدم تسييسها، بينما يرى الآخرون أنها آداة لتجهيل الفاعل من خلال مؤامرة دولية تريد أن تلصق التهمة بحزب الله.
       وأمام هذا الواقع اللبناني المنقسم، كنت أريد أن أكوّن رأيًا موضوعيًا علميًا أكاديميًا، حول عمل وآلية تلك المحاكم، فلا أجعل من التوجهات السياسية التي أملكها أو أميل اليها، بأن تجعلني أسير في ركاب التصفيق أو التأييد الأعمى لهذا الرأي أو ذاك.
      
الاشكالية الرئيسية التي بنيت عليها هذه الدراسة هي ببساطة كلية ما يلي:
       في متن قرار مجلس الأمن رقم 827، الصادر في 25 أيار 1993، يتحدث المجلس عن العزم على إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة ومقاضاة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني في يوغسلافيا السابقة، ومؤكدًا أن إنشاءها سيحقق العدالة ما يسهم في استعادة السلم وصونه( انظر نص القرار 827\ 1993، الديباجة، ص 1).
       هذه الدراسة تدرس مدى صحة هذه المقولة، بعد مرور عشرين عامًا على تأسيس تلك المحكمة وغيرها من المحاكم التي تلتها، والتي أضيف الى مهامها الأساسية بتحقيق العدالة، استعادة السلام وصونه، وبعضها حُدد لها مهمة المصالحة أيضًا.
       وكان لا بد من نقاش موسع، لآليات العدالة الانتقالية، ونظرياتها المختلفة والتي ناقشت نظريًا هذه الاشكالية حول أيهما أصلح لبناء السلام في المجتمعات الخارجة من إرث من الصراع: هل العدالة الجنائية هي الأنسب، أو العفو والتسامح والغفران يقود الى المصالحة، فالسلام؟.
       وكما في كل علم جديد متطور، لم تقدم الأطر النظرية إجابات شافية، حول نتيجة عمل تلك المحاكم على الأرض فيما خصّ بناء السلام، فمن النظريات من مجّدها كآلية هامة في مسيرة سلام الشعوب الخارجة من ارث من الانتهاكات، ومنهم من رجمها باعتبارها عائقًا أمام السلام معتبرًا أن العفو هو الاصلح للسلام والاستقرار، ومنهم من طالب باستبدالها بآليات أخرى كلجان الحقيقة والمصالحة وغيرها، علمًا أن خلاصة النظريات تلك وآخرها دعا الى مزج الآليات، واختيار ما هو الانسب والأصلح لكل مجتمع بذاته، وبحسب ثقافته وبيئته التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
       أما بالنسبة للاطار التطبيقي، فكان لا بد من القيام بتحديد مفهوم بناء السلام، من خلال متغيرات يمكن قياسها، فتمّ تحديده بما يلي:
إن بناء السلام يفترض:
أولاً: تأمين الاستقرار الأمني والتخفيف من العنف أو وقفه.
ثانيًا: تفعيل الديمقراطية، وحقوق الإنسان.
ثالثًا: التعايش وبناء الثقة بين المواطنين وبينهم وبين الدولة.
رابعًا: حكم القانون.
       وهكذا، تمّ الاستناد الى دراسات وتقارير ميدانية وتوصلنا الى النتائج متباينة، فحيث وجدنا تأثيرًا ايجابيًا للمحاكم تحدثنا عنه، وحيث وجدنا تأثيرًا سلبيًا أو حتى لا تأثير، أشرنا اليه.      
       علمًا أننا ندرك أن جذور الصراع  في البلدان محور المناقشة، هي متعددة ومتنوعة، وقد لا تستطيع - أو ليس من مهمة- المحاكم الجنائية حلّها، باعتبار أن المحاكم لها وظيفة أساسية هي تقديم المجرمين للعدالة، ولكن وكما أشرنا سابقًأ، إننا نريد أن ندرس مدى صحة القول السائد بأن المحاكم الجنائية هي المعبر لتحقيق واستعادة السلام وصونه.
       وهنا نشير الى أن أصحاب النظرية القصوى ومبشرّي حقوق الانسان والعدالة الدولية العالمية، ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة قد أثقلوا المحاكم الجنائية الدولية بمهمات ليست من اختصاصها أساسًا.
وهنا يصح التساؤل: هل أضرّ هؤلاء بسمعة المحاكم الدولية بها من حيث لا يدرون عندما رفعوا سقف التوقعات المأمولة منها واعتبروها دواءً شافيًا لمجتمع عانى الابادات والتطهير وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان؟...
الأجابة، قد تكون نعم بالطبع، وبالاضافة الى هؤلاء، قام الموكلون بمهام العدالة بالاضرار بها من خلال التسييس والفساد الذي طبع بعض هذه المحاكم. هناك فصل كامل في الكتاب يتحدث عن تسييس تلك المحاكم، والانتهاكات وشهود الزور، بالاضافة الى البدع الفقهية التي أقرّتها ومنها المشروع الجنائي المشترك الذي يُعتبر وصفة لاتهام أي كان لمجرد الشبهة ب "النية الجرمية" أو "الحالة الذهنية" المشتركة مع الجناة.

النتائج
       وقبل ذكر النتائج التي توصلت اليها هذه الدراسة، أريد أن أشير الى ملاحظة هامة، هي أنه بعد التعمق والقراءة والبحث في الموضوع، ولحين الوصول الى دراسة نتائج عمل المحاكم الجنائية المختلطة، كانت قد تكونت قناعة لدي، بأن المحاكم الدولية هي آداة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأضعف، وأنها تضيف مزيدًا من المشاكل الى الأزمات المستفحلة في البلد المعني.
       لكن، تبدلت قناعتي تلك حين وصلت في الدراسة الى تجربة المحكمة الخاصة بكمبوديا الايجابية على المجتمع الكمبودي. وحينها، كان لا بد من البحث المعمق في جميع القضايا الأخرى، حتى لو لم يتسع الكتاب لعرضها جميعها، وقد توصلتُ على أثرها الى خلاصة موضوعية، مفادها أن المحاكم الدولية هي آلية إيجابية لتحقيق العدالة بشكل عام، ولكن تحتاج الى الكثير من الضوابط والآليات المرافقة والى الحيادية وعدم التحيّز والتسييس.  ويجب أن تتوافر فيها كل سبل الإنصاف والشفافية ومعايير العدالة الحقيقية لكي يستجيب المجتمع إلى تحقيق العدالة الجنائية بطريقة إيجابية.
يمكن القول، أن أبرز ما توصلت اليه الدراسة ما يلي:
- بالنسبة للاجابة على الاشكالية الرئيسية، وهل فعلاً أن تحقيق العدالة الجنائية هو الذي يحقق السلام؟ وهل استطاعت المحاكم الجنائية الدولية أن تحقق الأهداف المنوطة بها؟
       العدالة الجنائية ليست معبرًا أكيدًا للسلام، وليست شرطًا أساسيًا يجب توفرّه لكي يشعر المجتمع بالأمان والاستقرار ويبدأ مسيرته نحو بناء السلام.
بالعكس، إن تحقق السلام – ولو بمعناه السلبي- وتوفّر الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد المعني قد يسمح بتحقيق العدالة – ولو بعد حين- وتقديم المرتكبين إلى القضاء وإنصاف الضحايا والاعتراف بحقوقهم ومعاناتهم.
- العدالة الجنائية كآلية يمكنها أن تسهم في مسيرة بناء السلام فقط إن ترافقت مع آليات سياسية أخرى، وبالتالي فإنها كآلية معزولة لا يمكنها وحدها أن تفعل ذلك.
كما بيّنت التجارب بشكل واضح، أن الحل الأمثل هو أن يقود الحل السياسي آليات العدالة، وليس العكس.

- بالنسبة لجدلية العفو والمساءلة ، أظهرت الدراسة أن كلًّا من المحاكمات وحدها أو العفو وحده، يبدو آلية غير حاسمة وغير قادرة على تحقيق السلام في بلد خارج من إرث الصراع، لا بل إن كلًّا منهما يحتاج إلى آليات أخرى مرافقة لتحقيق السلام أو على الأقل، لتحقيق مصالحة مقبولة في المجتمع. ويمكن القول إن "التوازن" يجب أن يكون العنصر الحاسم في اختيارات الدول من بين آليات العدالة الانتقالية المتعددة.
- قد تكون مفاهيم كالعدالة والسلام عالمية بجوهرها، لكن تبيّن أن تعريفها يختلف باختلاف البيئة الثقافية للمجتمع وحاجاته وتاريخه، لذا لا يمكن أن يكون هناك وصفة واحدة لتحقيق العدالة أو بناء السلام أو حتى إطار واحد لتعريفهما.
- لا "وصفة سحرية" لتحقيق السلام في البلد الخارج من ارث من الصراع، بالعكس إن استيراد التجارب وتعميمها يبدو مضرًا بمصلحة الشعوب والمجتمعات أكثر مما هو مفيد لها، إن أفضل سبل لاختيار آليات العدالة الانتقالية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار معايير ثلاث: المجتمع المخاطب، والأهداف المرجو تحقيقها، والآليات الأفضل لتحقيق تلك الأهداف.

في التصور المستقبلي:
- إن شهرة المحاكم الدولية واستمرار رواجها مرهون بنمط التغيير الحاصل في النظام الدولي الجديد الذي تتبلور أسسه رويدًا رويدًا منذ الازمة الاقتصادية العالمية 2008.
- لاسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية عديدة، التوقع بأن لا يقوم المجتمع الدولي بتأسيس محاكم "خاصة" دولية صرف مشابهة لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا، ولن يكرر التجربة، بل ستكون المحاكم الجنائية الدولية كناية عن محاكم "مختلطة" تنشأ باتفاقية بين البلد المعني والأمم المتحدة.
- بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة: ستبقى الإشكالية الدائمة التي تعانيها المحكمة، هو مبدأ التكامل الذي يفرض حصول الكثير من المساومات والمقايضات مع الدول، وتقديم التنازلات لها – ما يظهرها وكأنها أداة بيدها- طالما استمرت السيادة جوهر العلاقات الدولية، وطالما نعيش في "نظام وستفالي" يجعل من الدول الفاعل الأهم في النظام الدولي القائم.

الحل الأمثل
·       أولاً: على الآليات السياسية والقضائية أن تتكامل، وذلك لكي لا تبدو المحاكم منذ تأسيسها كأدوات فوقية تمارس وصاية على المجتمعات، أو تبدو وكأنها أدوات انتقامية من طرف سياسي على آخر.
·       ثانيًا: يجب أن يأتي تشكيل المحكمة بعد إتمام الحل السياسي ونتيجة له وليس قبله أو خلاله، ما يؤدي الى عرقلته وإطالة أمد الأزمة وإهراق المزيد من الدماء في البلد المعني.
·       ثالثًا: الإطار الجغرافي الأمثل للمحاكم الجنائية الدولية، هو داخل البلد المعني وليس خارجه، ولهذا الأمر ايجابيات وفوائد هامة على صعيد نظرة المواطنين وتفعيل الهيكل القضائي المحلي وسواه.

الكتاب - الدراسة موجودة في مكتبة "قصر السلام" ومكتبة  "المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي، وسيتم ترجمة الدراسة الى اللغة الانكليزية ونشرها باللغتين العربية والانكليزية خلال خريف 2013.




2013/07/10

سقوط المشروع الاخواني الامبراطوري



د. ليلى نقولا الرحباني
لم يتأخر الشعب المصري طوبلاً للردّ على الثورة المضادة التي حاولت اختزال تضحياته وسرقة ثورته الأولى فأوصلت الى الحكم، مجموعة أرادت أن تتسلط على الشعب المصري ومقدرات الدولة المصرية باسم الدين، والترهيب والتكفير.
وقد يكون الأخوان المسلمون في مصر - وبلا أدنى شكّ- الحزب المصري الأكثر تنظيمًا، ومجموعة لها تاريخ في العمل السياسي في مصر، ولها جمهورها الذي لا ينازعها أحد على قوته وحجمه، ولكن المشكلة التي فاقمت الازمة السياسية في مصر، وجعلت هذا التنظيم يتحول، وبسرعة البرق، الى فئة مغضوب عليها شعبيًا،  قد يكون التسلط والممارسات التي اسماها السلفيون "أخونة الدولة"، بالاضافة الى الدخول أدوات في مشاريع كبرى معدّة للمنطقة، جعلت من هامش الحركة والقدرة على المناورة لديهم محدودة جدًا.
أما المشروع الأخطر الذي أدخل الأخوان نفسه فيه، والذي قد يكون أحد أسباب سقوط الأخوان المدوي، فهو المشروع الأميركي المعدّ للمنطقة، والذي أراد يعمم النموذج التركي على العالم الاسلامي، باعتباره "الاطار الاسلامي المعتدل" الوحيد المقبول في المنطقة، وذلك بسبب تحالفه مع الغرب، ومهادنته لاسرائيل. لكن، المشروع الأميركي لم يقدّر أن تكون وعوده للاسلاميين الجدد، دافعًا لبعث مشروع "العثمانية الجديدة" التي حاول أردوغان الدخول فيه، لتكريس زعامة تركية على المنطقة، وتنصيب أردوغان زعيمًا للعالم الاسلامي، بإعادة إحياء إرث الدولة العثمانية تحت عنوان "إعادة الخلافة"، والذي تتجلى معاييره وخططه بمحاولة رسم خريطة جديدة للمنطقة تكون جغرافيتها مطابقة تمامًا للامبراطورية العثمانية في أوجّ قوتها، وهي التي عبّر عنها داود اوغلو، بما يلي:
"لأول مرة، تستطيع تركيا أن تصل الى الأراضي التي فقدتها خلال الفترة العثمانية، لذا آن الأوان لتركيا بأن تأخذ القيادة وتبادر الى وضع نظام لهذه الاراضي، وتربطها ببعضها مجددًا... بدون الذهاب الى الحرب، وبدون عداوة، وبدون تغيير الحدود، سوف نعيد ربط دمشق بسراييفو، وبنغازي بمدينة أرزورم( التركية) بمدينة باتومي (جورجيا)... هذا صلب قوتنا، وقد تبدو هذه دولاً متعددة بالنسبة لكم، لكن اليمن وسكوبي (مقدونيا) وارزوروم وبنغازي كانت جميعها ضمن دولة واحدة منذ 110 سنوات فقط".( خطاب داود أوغلو في مؤتمر حزب العدالة والتنمية في 3-4 آذار 2013).
ولعل هذا الخطاب، يعكس وهم فائض القوة المتحصّل لحركة الأخوان المسلمين وحلمهم الامبراطوري وهو ما جعلهم يمارسون سياسات الاقصاء الى حدّها الأقصى، وهو ما سبّب لهم أعداءً في الداخل والخارج. فمن خلال الاطلاع على حركة الأخوان في المنطقة، نجد أن الاقصاء نفسه مارسه أردوغان، وتفنن به الحكم المصري والتونسي، ومارسه الأخوان في المعارضة السورية مع مكوناتها الأخرى غير الأخوانية الخ، وهو ما سبّب لهم أعداءً في الداخل من الاسلاميين غير الأخوان كالحركات السلفية والوهابية، بالاضافة الى الليبراليين والعلمانيين والأقليات وغيرهم. وفي الخارج، تحصّل الأخوان على أعداء مختلفي المشارب والتوجهات، إذ يتبين أن اوغلو لم يكتفِ بالحيّز الجغرافي الذي تمّ وصفه بالهلال الاخواني، بل توسّع ليصل الى اليمن مهددًا نفوذ الدول الخليجية برمّتها، كما تحدث عن امتداد الى البلقان والقوقاز وآسيا الوسطى بالوصول الى جورجيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الخ، متوهمًا مقدرة تركيا على الدخول منافسًا إضافيًا في ظل منافسة محتدمة هناك بين الروس والأميركيين، وبينهم وبين الناتو.
وهكذا، انهار الحكم الأخواني في مصر بسرعة قصوى، وأسقط معه مشروعًا امبراطوريًا كان يريد لدول المنطقة أن يحكمها "ولاة" يأتمرون بأمرة "سلطان" تركي متحالف مع الغرب واسرائيل. وبات أمام الأخوان في مصر اليوم، حليّن لا ثالث لهما:
- أما التحلي بالعقلانية، واعتماد مبدأ الحدّ من الخسائر والتسليم بسقوط مشروعهم والقبول بمبدأ العودة الى السلطة من خلال تشارك السلطة مع المكونات الأخرى في البلد،
-  أو المواجهة التي قد تدفع البلاد الى حرب أهلية قد تؤدي الى تقسيم مصر أو اغراقها بحرب تستنزف طاقاتها واقتصادها وبطبيعة الحال ستؤدي الى تعميق الانقسام في المجتمع المصري وستضيف الى خسارتهم السياسية، خسارة بشرية وستعمّق أزمتهم داخل المجتمع.
وأمام هذين الخيارين، يتمنى أي مواطن عربي اليوم، أن يختار الأخوان الطريق العقلاني، ويفوّتوا على أصحاب المشاريع التوسعية القدرة على إسقاط مصر، من خلال دعواتهم للأخوان للقتال حتى عودة مرسي، أو من خلال إصدار بعضهم البيانات الشاجبة والتي تحثّهم على المواجهة. على أخوان مصر اليوم، تقع مسؤولية كبرى تجاه مصر لا تقل أهمية عن مسؤولية الحكم التي تولوها، فهل ينجح الأخوان في امتحان المسؤولية هذه، أم يفشلون ويسقطون كما سقطوا في اختبار الحكم؟

2013/07/06

من الفوضى الخلاقة.. إلى الجيوش النظامية دُر


الثبات- الخميس 4 تموز 2013               
فجأة عادت الجيوش لتتصدر المشهد المتفجر في أنحاء المنطقة؛ الجيش اللبناني يحسم معركة مع التكفير في صيدا، ويستعيد الجيش السوري سيطرته على مناطق واسعة في سورية، ويتابع بثبات قضم مناطق المسلحين وطردهم منها، وذلك بعد انتصاره وارتفاع معنوياته في القصير، واليوم يطل الجيش المصري على المشهد السياسي من بوابة الأزمة المتفجرة في مصر، والتي يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية وفوضى عارمة، في حال لم يتم كبحها والتنبه لها.

في وقت سابق، كان واضحاً أن لدى الأميركيين توجهاً لتحجيم دور الجيوش في المنطقة، لما لذلك من أهمية في الصراع العربي "الإسرائيلي" وإبعاد الجيوش العربية، خصوصاً العقائدية منها عن ذلك الصراع، ونلاحظ ذلك من خلال المؤشرات الآتية:

قيام الأميركيين بحلّ الجيش العراقي، والقضاء على الأجهزة الأمنية، وإضعافها من خلال سياسة اجتثاث "البعث".

السماح لأردوغان بالقضاء على نفوذ الجيش التركي، من خلال قيامه باتهام كبار ضباط الجيش بالتدبير والتخطيط لمحاولة انقلاب على الحكومة، بعدها جاءت التعديلات الدستورية التي حدّت من صلاحيات الجيش، والتي يحاول أردوغان أن يستكملها بمحاولة تعديل المادة 35 من النظام الداخلي للجيش، والتي كانت الذريعة التي استند إليها الجيش للقيام بانقلابات في السابق.

إغراق الجيش السوري بحرب استنزاف طويلة مع المجموعات المسلحة التي يتم استقدامها من أقطار الأرض كافة، بالإضافة إلى دعوات "الجهاد" ضده، بالإضافة إلى تمتُّع "جبهة النصرة" والمجموعات المسلحة الأخرى بنفوذ وتمويل وإمداد يفوق ما يحصل عليه "الجيش السوري الحر".

التبشير الذي قام به كيسنجر حول معركة مفترضة بين "الإخوان المسلمين" والجيش في مصر، والتنبؤ بأن نتيجتها ستكون القضاء على نفوذ العسكر لصالح "الإخوان".

لكن، تزامناً مع فشل الخطة الغربية السابقة بتحييد الجيوش، واستشعاراً بالخطر المتأتي من التطرف والفوضى التي انتشرت في أرجاء العالم العربي، يبدو أن التوجّه اليوم بات لإعطاء الجيوش دوراً أكبر في رسم معالم المرحلة المقبلة في العالم العربي، وذلك لأسباب متعددة:

فشل حكم "الإخوان" في كل من تونس ومصر، وسقوط حركات الإسلام السياسي في فخ "فائض القوة" الذي تحصّلت عليه من الخارج، معتقدة أنه يكفيها لفرض حكم تسلّطي على الشعوب وترهيبها باسم الدين.

فشل المعارضة في سورية بوجوهها المتعددة في فرض سيطرتها على الأرض، وكسب ثقة الشعب السوري، خصوصاً بعدما تركت المجال لـ"جبهة النصرة" بفرض نفوذها على المناطق التي استولت عليها المعارضة، وهو ما دفع المجتمعين في قمة الثماني إلى دعوة "السلطات السورية والمعارضة إلى الالتزام معاً خلال مؤتمر جنيف بالقضاء، وإبعاد كافة التنظيمات والأفراد التابعين للقاعدة من سورية"، الأمر الذي يجعل الأميركيين يقومون بمحاولة تعويم قائد "الجيش السوري الحر" سليم ادريس على حساب رموز المعارضة السورية في "الائتلاف" و"هيئة التنسيق"، ومحاولة تظهيره كأحد الأطراف المقبولة للتفاوض باسم المعارضة.

خشية العالم أجمع من انتشار التطرف والتكفير، فمناظر أكل لحوم البشر وقطع الرؤوس والسحل والتنكيل بالجثث تنتشر في أرجاء المعمورة، يضاف إليها انتقال التطرف لممارسة إجرامه في الغرب، فكانت جريمة لندن الوحشية المرعبة، وقبلها جريمة الشيشانيين في بوسطن، ثم محاولة نحر جندي فرنسي في باريس وغيرها.. كلها جعلت الاتحاد الأوروبي يشترك مع الروس في الخشية من التطرف الأصولي، ومن عودة "المجاهدين" الذين تمّ إرسالهم للقتال إلى جانب المعارضة السورية، خصوصاً أن معظم هؤلاء الذين درّبتهم وموّلتهم المخابرات الأوروبية باتوا يقاتلونهم في مالي، وقد يكون الأمر الجديد واللافت هو تحميل صحيفة حكومية صينية، المعارضة السورية مسؤولية تدريب مسلمين متشددين شنّوا أسوأ اضطرابات منذ أربع سنوات في منطقة شينجيانغ، ذات الغالبية المسلمة في شمال غرب البلاد، ذهب ضحيتها 35 شخصاً.

في المحصلة، يبدو أن حركات "الإسلام السياسي" قد أضاعت فرصة تاريخية للحكم كانت تسعى لها منذ سقوط الخلافة في بداية القرن المنصرم، ونتيجة لفشلها المريع يبدو أن العالم العربي سيشهد عودة مظفّرة لنفوذ العسكر، وتحجيماً لدور "الإسلاميين"، خصوصاً في المناطق الملتهبة، من خلال التشديد الواضح في بيان قمة الثماني على ضرورة المحافظة وتعزيز القوات العسكرية والأمنية السورية، بالإضافة إلى الدعم اللفظي الذي حصل عليه الجيش اللبناني من المسؤولين الأميركيين بعد انتصاره في معركة صيدا، وليس انتهاء بالضوء الأخضر الذي أُعطي للجيش المصري بالضغط لحل الأزمة المصرية المستفحلة.

د. ليلى نقولا الرحباني