2013/04/24

أوروبا.. برنامج النفط مقابل النظام؟

إن الحرب الإعلامية التي تُشنّ على "حزب الله" لما يقال إنه اشتراك بالمعارك في سورية، لا تبدو مفهومة من قبل من شاركوا في الصراع الدائر سياسياً وإعلامياً وعسكرياً وتمويلاً منذ بداية الثورة ولغاية الآن، وإن كان يصح إطلاق صيحات الاستنكار، فعلى الأقل يجب أن تكون من قبَل من لم يتورطوا في النزاع، وممن حاولوا منذ البداية الابتعاد عن التدخل في الشؤون السورية، وترك الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه من دون تدخل، لكن أن يكون الاستنكار والشجب هو في نفس بيان الدعوات إلى التدخل العسكري الخارجي وتسليح المعارضة، لهو أمر مثير للدهشة.
أما بالنسبة إلى "الائتلاف السوري"، فاللافت أن إعلان الإبراهيمي عن وجود ما يزيد على أربعين ألف مقاتل "جهادي" أجنبي على الأراضي السورية، لم يقلق هؤلاء، ولم يجعل رئيسه المكلّف جورج صبرا يتذمر أو يهدد، فهو يعتبر "جبهة النصرة" جزءاً من المعارضة السورية، مع علمه والمعارضين أن هؤلاء لم يأتوا ليرحلوا بسهولة عن الأراضي السورية، وفي حال فازت المعارضة فسيكون عليها مقاتلتهم لطردهم من البلاد.

واللافت أن الحسم الميداني الذي تشهده بعض مناطق سورية ترافق مع إعلان أوروبي - في خطوة غير مسبوقة على صعيد القانون الدولي -  برفع الحظر والعقوبات عن النفط الموجود في مناطق المعارضة السورية.

وفي هذه الخطوة الأوروبية قد نقرأ أحد هدفين:

الأول: اقتناع أوروبي أكيد بعدم القدرة على إسقاط نظام الأسد، لذا يعمل الأوروبيون على تكريس تقسيم سورية، وهي خطوة بدأت بتعيين "رئيس وزراء"، والآن تُستكمل برفع العقوبات عن أجزاء من الأراضي السورية، التي قد تشكّل فيما بعد وبشكل تدريجي دويلة للمعارضة تكتفي بها، وقد تكون استقالة معاذ الخطيب لنفس الأسباب هذه، خصوصاً بعدما أعلن مراراً رفضه تقسيم سورية.

الثاني: محاولة من الدول الأوروبية الغارقة بالديون للتخفيف من الأعباء المالية لدعم المعارضة السورية، في ظل مطالبة هؤلاء بزيادة الدعم العسكري والتمويلي، لذا تقوم بتشجيع المعارضين على سرقة النفط السوري لبيعه في الأسواق، بما يشبه برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق.

وهكذا يبدو أن الدول الأوروبية المتعثرة اقتصادياً تريد أن تنعش اقتصاداتها من بيع النفط السوري، أو من الصفقات التي من الممكن أن تقوم بها مع المعارضة السورية في إطار نهب النفط السوري، كما حصل مع النفط العراقي في وقت سابق، حين تمّ كشف اختلاسات تقدر بأكثر من 8 مليارات دولار في برنامج النفط مقابل الغذاء الذي وقّعه العراق مع الأمم المتحدة عام 1996، والذي سمح لصدام حسين بموجبه ببيع النفط مقابل شراء مواد غذائية ولوازم مدنية، بما في ذلك الأدوية، وذلك للتخفيف من أثر العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على العراق بعد غزوه الكويت عام 1990، وهي الذريعة نفسها التي يسوقها الأوروبيون اليوم.

الغريب أن الأوروبييون اليوم يقومون بما قد يبدو تكراراً مريباً ومستغرباً لتجربة العراق المخزية في موضوع النفط مقابل الغذاء، الذي اكتنفته قضايا فساد ورشى ضخمة جداً، وتورط فيها مسؤولون من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا، وموظفو الأمم المتحدة، ومنهم الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان ونجله.

وهكذا، ومهما كانت الأهداف سواء التقسيم أو الربح المادي، يبدو أن الأوروبيين باتوا  يتخبطون في سياسات هدّامة، وغير محسوبة النتائج، فبهدف "مساعدة الشعب السوري" فرضوا عقوبات غير مسبوقة على الدولة السورية، أضرّت بالشعب السوري أكثر مما أثرت في قدرة النظام وتماسكه، وبالأمس دعوا إلى تسليح المعارضة وتمويلها، واليوم يشجعونها على سرقة النفط والاقتتال على غنائمه، وإشغال أربعين ألف عسكري عن الصراع الدائر لتأمين حقول النفط.

فعلياً، يبدو هذا القرار الأوروبي "نقمة" على المعارضة السورية بدل أن يكون مصدر "نعمة"، فالنفط سيكون منذ الآن فصاعداً عاملاً مفتتاً للمعارضة، وسبباً إضافياً للاقتتال بين فصائلها، وقد يصبح العنوان الاستراتيجي للمعركة منذ الآن فصاعداً هو السيطرة على حقول النفط، ومنع الآخرين من المعارضين من الوصول إليه والاستئثار به، وقد يصبح خيار إسقاط نظام الأسد من "الأدبيات البائدة".. فهل يمكن أن نقول إن برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي يقابله النفط مقابل إبقاء النظام في سورية؟

2013/04/18

المعارضة السورية: ماذا بعد الاستعانة بالشيطان؟

لا شكّ أن أكثر القلقين الآن من حادثة بوسطن الإرهابية وتداعياتها ونتائجها، قد تكون المعارضة السورية، التي لم تستفق لغاية الآن من صدمة إعلان "جبهة النصرة" مبايعتها للظواهري، وأنها جزء من تنظيم "القاعدة" في بلاد الشام.

يدفع هؤلاء اليوم ثمناً سياسياً كبيراً نتيجة التسرع والتعمية التي مارسها "الائتلاف السوري" على ارتباطات "جبهة النصرة" بـ"القاعدة" في وقت سابق، حين قام معاذ الخطيب بانتقاد قرار واشنطن في كانون الأول الماضي إدراج "جبهة النصرة" على لائحة المنظمات الإرهابية، كما انتقد نائبه جورج صبرا القرار، مشدداً على أن الشعب السوري يعتبر "جبهة النصرة" جزءاً من الثورة، لذا قد لا تنفعهم اليوم كل الدعوات التي يدعوها الخطيب وهيتو لـ"جبهة النصرة" لفك ارتباطها بـ"القاعدة" وتغيير اسمها، باعتبار أن فكر "القاعدة" لا يناسب الشعب السوري.

في الواقع، جميع اللاعبين على الساحة السورية متهَمون بشكل أو بآخر بأنهم سهّلوا أو تغاضوا عن تغلغل "القاعدة" في المنطقة، ويمكن أن نذكر منهم ما يلي:

1- النظام السوري: لطالما اتهمت الولايات الأميركية النظام السوري بالسماح بمرور الإرهابيين من "القاعدة" إلى العراق وتقويض قدرة الأميركيين من السيطرة على العراق، وقد عجز الأميركيون في وقت سابق في العراق عن اجتثاث "القاعدة" من العراق، فاستعملوا لهذه الغاية "الصحوات"، والتي تتكون من العشائر السُّنية التي تعشّشت "القاعدة" في مناطقها، فكانت الأقدر على قتال "القاعدة" من سواها، سواء من الجيش العراقي أو الجيش الأميركي.

وقد يكون الحل الأميركي المختبر سابقاً في العراق هو المثال الذي يمكن أن يُحتذى في سورية، حيث إن العشائر السورية المتضررة من "جبهة النصرة" ووجودها في مناطقها، ومن استباحتها للمخزون الزراعي والنفط وبيعه للحصول على المال، قد تقوم بتنظيم نفسها وامتشاق السلاح لمحاربة "القاعدة" وأخواتها، للحفاظ على حياتها وأرزاقها.

2- المعارضة السورية: التركيز على إسقاط نظام الأسد بأي ثمن كان دفع المعارضة السورية و"الجيش السوري الحر" إلى غضّ النظر عن تغلغل "القاعدة" في النسيج السوري، ولعل ما سمّاه وليد جنبلاط "التحالف مع الشيطان" لإسقاط الرئيس بشار الأسد، كان بالتحديد الذريعة التي استخدمها المعارضون السوريون للترحيب بانتشار "القاعدة" في سورية، فـ"جبهة النصرة" كانت الأكثر تنظيماً وتمويلاً، وكانت تحتوي على أشد المقاتلين بأساً، وهو ما دفع المعارضة السورية على تسخيف كل التحذيرات الغربية والمحلية من أن انتشار "القاعدة" في سورية قد يكون الأخطر على الثورة السورية، وعلى الشعب السوري بالتحديد.

3- الغرب وأميركا: على الرغم من كل التحذيرات التي أطلقها الأميركيون حول تغلغل "القاعدة" في المعارضة السورية، إلا أن الأمر لم يتعدَّ سوى إدراج الأميركيين لـ"جبهة النصرة" على لائحة المنظمات الإرهابية، مقابل استمرار تدفّق السلاح والمال، والمقاتلين الجهاديين من جميع أنحاء أوروبا إلى سورية للقتال ضد النظام السوري.

واقعياً وتاريخياً، وبحسب اعتراف هيلاري كلينتون العلني في جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي، كان الأميركيون قد أنشأوا "القاعدة" في أفغانستان لقتال السوفيات، وأعلنت كلينتون صراحة أن الرئيس ريغان والكونغرس وافقوا على فكرة إنشاء "القاعدة"، وأنهم اتفقوا مع باكستان والمخابرات الباكستانية لإنشاء ما سمّتهم "المجاهدين"، وأنهم اتفقوا مع المملكة العربية السعودية على استيراد العلامة الوهابية للإسلام، لهزم الاتحاد السوفياتي، وأعلنت أن الخطة نجحت باعتبار انسحاب السوفيات من المنطقة، وخسارتهم مليارات الدولارات، ما أدى إلى انهيار الاتحاد، لهذا لم يكن الاستثمار في تأسيس "القاعدة" سيئاً برأيها.

أما اليوم، وبعد أن تحولت "القاعدة" إلى ما تحولت إليه، فالسؤال المطروح في سورية: من يستفيد ممن؟ هل يستفيد الغرب وأميركا من وجود "القاعدة" للقتال في سورية، بحيث تقوم بجمع المجاهدين من كل أنحاء العالم، والتخلص من قنابل موقوتة موجودة في أوروبا، وبات المطلوب من الجيش السوري تخليص العالم منهم، ولذلك بات من المجدي إطالة أمد الأزمة؟ أم يستفيد النظام السوري من وجود "القاعدة" كمكون أساسي في الثورة السورية، لشيطنتها أمام العالم، وإظهار نفسه في جبهة واحدة مع الغرب في قتاله ضد الإرهاب العالمي المتنقّل؟

في المحصلة، ومهما كانت الحيثيات والنتائج، لا شكّ أن فكر "القاعدة" ونهجها لا يمكن أن يبنيا ديمقراطية، ولا يمكن أن يبنيا دولة تطمح إليها شعوب المنطقة، ومن يريد أن يستعين بالشيطان سيجد نفسه في جهنم لا محالة

2013/04/08

انتخابات نقابة الاساتذة الجامعيين في الجامعات الخاصة

بحضور ممثلين عن وزارة العمل، قامت الجمعية العامة لنقابة الاساتذة الجامعيين في الجامعات الخاصة في لبنان، بانتخاب أول مجلس للنقابة، وذلك يوم الأحد في 7 نيسان 2013، في فندق المونرو - بيروت.
وقد تألف المجلس المنتخب من: د. جورج نوال نعمة ( نقيبًا)، د. ميشال بو زيد ( نائب النقيب)، الأستاذ  يوسف سلّوم (أمين سر)، د. ريما روحانا ( أمين الصندوق)، د. روبير غاريوس (المسؤول المالي)، د. ليلى نقولا (رئيس مركز الابحاث والدراسات)، د. ايلي القزي (علاقات عامة وإعلام)، الاستاذة حوراء سبيتي ( شؤون اجتماعية ونشاطات).

مقابلة على الميادين_ 6 نيسان 2013

2013/04/04

هل الدول العربية ملزمة بالاعتراف بحكومة "الائتلاف" السوري ؟.

نُشر في الثبات يوم الخميس 4 نيسان 2013
كانت القرارات التي اتخذت في قمة جامعة الدول العربية المنعقدة في الدوحة، قرارات غير مسبوقة في تاريخ جامعة الدول العربية، والتي تُعتبر بمضامينها بمنزلة إعلان حرب على الدولة السورية، ولو أن مفاعيلها الفعلية قد لا تكون بالقوة التي يتمناها البعض.
والسؤال الذي يسأله كثيرون، هل باتت الدول العربية الموقعة على قرارات قمة الدوحة، ملزمة بالاعتراف بالائتلاف، وتسليم السفارات السورية فيها إلى حكومته؟
وفي الإجابة، يبدو من المهم بداية لفت النظر إلى أن جامعة الدول العربية، ليست منظمة فوق الدول، بل هي منظمة مؤلفة من مجموعة من الدول العربية المستقلة الموقّعة على الميثاق، وبهذا المجال يكون الميثاق هو بمنزلة معاهدة بين دول، وهو من يحكم العلاقات بينها.
وانطلاقاً من الميثاق، وبموجب المادة 7، فإن ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزماً لجميع الدول المشتركة في الجامعة، بالمقابل إن ما يقرره المجلس بالأكثرية يكون ملزماً لمن يقبله فقط، وفي الحالتين تنفذ قرارات المجلس في كل دولة وفقاً لنظمها الأساسية ولقوانينها ومصالحها.
وعليه، إن القرار المتعلق بالوضع السوري، لم يدعُ صراحة الدول العربية إلى تسليم السفارات السورية إلى الائتلاف، وذلك خوفاً من خسارة الأكثرية الموافقة عليه، إذ يترتب على هذا القرار بتسليم السفارات مفاعيل خطيرة على صعيد العلاقات الدولية، تخشاها الدول العربية.
ثانياً: لم يكتفِ المؤتمرون في الدوحة بمخالفة ميثاق الجامعة في بنود عدة، بل خالفوا بشكل صريح القانون الدولي العام الذي ما زال لغاية الآن يؤكد على سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ففي مخالفة صريحة لنصوص الميثاق، تدخل العرب في شؤون الدولة السورية في مخالفة واضحة للمادة 8، التي تنص على أن كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة تحترم نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها.
ثالثاً: لم تحترم الجامعة أحد أهم القواعد الآمرة في القانون الدولي وهي حق الشعوب في تقرير مصيرها، بل انتهكت حق الشعب السوري في اختيار حكامه وممثليه واندفعت للحديث عن الائتلاف بصفته ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري، مختزلة جميع أطراف المعارضة الأخرى، ومنصبة نفسها وصية على إرادة الشعب التي يجب أن تتجلى في الانتخابات وحدها.
رابعاً: وعلى الرغم من الحديث عن أولوية الحل السياسي ودعم مهمة الإبراهيمي، فإن قرار الجامعة تحدث في البند نفسه عن “حق” كل دولة في تسليح المعارضين السوريين و”الجيش الحر”.
إن ما تحدث به نصّ القرار عن “حق” بالتسليح، هو مناقض لميثاق الجامعة والقانون الدولي على حد سواء، إذ لا يوجد في ميثاق الجامعة ما يشير إلى الحق بالتدخل في شؤون الدول العربية، لا عسكرياً ولا بأي وسيلة تدخلية أخرى، إن “الحق بالتسليح” الذي يتحدث عنه نص القرار، هو انتهاك لقواعد القانون الدولي الذي ما زال قائماً على احترام سيادة الدول، فالتدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى سواء مباشرة أو بالواسطة عبر تسليح مجموعات لتقويض الحكم، هو انتهاك لمبدأ أساسي وهام في العلاقات الدولية مرتبط بالسيادة، وهو مبدأ عدم التدخل.
أما إذا كان المؤتمرون في الدوحة يشيرون إلى مبدأ جديد مستحدث في العلاقات الدولية، وهو “حق التدخل العسكري لحماية المدنيين”، فإن هذا الحق يجب أن يفوّض حصراً من قبل مجلس الأمن الدولي، وفي جرائم دولية أربع هي: الإبادة، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، وذلك إذا ثبت أن الحكومات ذات السيادة عاجزة عن منعها أو غير راغبة في منعها، علماً أن تحديد وقوع مثل هذه الجرائم لديه معايير محددة ولا يمكن إطلاقه اعتباطاً.
في المحصلة، وكما أن مجلس الأمن لن يمرر قراراً بالاعتراف بحكومة الائتلاف، ولن يسلم مقعد سورية إلى المعارضة، كذلك لا شيء يلزم الدول العربية بالاعتراف بحكومة الائتلاف، فالاعتراف هو مسألة سياسية تحكمها حرية اختيارية وسلطة تقديرية واسعة تعبّر عن إرادة دولة في أنّ وضعاً قانونياً أو واقعياً قد أصبح قائماً، في المقابل، نعتقد أنه حتى لو تمّ الاعتراف بالائتلاف من قبل بعض الدول العربية، فإن تسليم سفارات سورية إلى المعارضة يرتب مفاعيل سياسية وقانونية، قد لا تكون الدول العربية مستعدة لها في الوقت الحاضر.