2013/04/04

هل الدول العربية ملزمة بالاعتراف بحكومة "الائتلاف" السوري ؟.

نُشر في الثبات يوم الخميس 4 نيسان 2013
كانت القرارات التي اتخذت في قمة جامعة الدول العربية المنعقدة في الدوحة، قرارات غير مسبوقة في تاريخ جامعة الدول العربية، والتي تُعتبر بمضامينها بمنزلة إعلان حرب على الدولة السورية، ولو أن مفاعيلها الفعلية قد لا تكون بالقوة التي يتمناها البعض.
والسؤال الذي يسأله كثيرون، هل باتت الدول العربية الموقعة على قرارات قمة الدوحة، ملزمة بالاعتراف بالائتلاف، وتسليم السفارات السورية فيها إلى حكومته؟
وفي الإجابة، يبدو من المهم بداية لفت النظر إلى أن جامعة الدول العربية، ليست منظمة فوق الدول، بل هي منظمة مؤلفة من مجموعة من الدول العربية المستقلة الموقّعة على الميثاق، وبهذا المجال يكون الميثاق هو بمنزلة معاهدة بين دول، وهو من يحكم العلاقات بينها.
وانطلاقاً من الميثاق، وبموجب المادة 7، فإن ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزماً لجميع الدول المشتركة في الجامعة، بالمقابل إن ما يقرره المجلس بالأكثرية يكون ملزماً لمن يقبله فقط، وفي الحالتين تنفذ قرارات المجلس في كل دولة وفقاً لنظمها الأساسية ولقوانينها ومصالحها.
وعليه، إن القرار المتعلق بالوضع السوري، لم يدعُ صراحة الدول العربية إلى تسليم السفارات السورية إلى الائتلاف، وذلك خوفاً من خسارة الأكثرية الموافقة عليه، إذ يترتب على هذا القرار بتسليم السفارات مفاعيل خطيرة على صعيد العلاقات الدولية، تخشاها الدول العربية.
ثانياً: لم يكتفِ المؤتمرون في الدوحة بمخالفة ميثاق الجامعة في بنود عدة، بل خالفوا بشكل صريح القانون الدولي العام الذي ما زال لغاية الآن يؤكد على سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ففي مخالفة صريحة لنصوص الميثاق، تدخل العرب في شؤون الدولة السورية في مخالفة واضحة للمادة 8، التي تنص على أن كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة تحترم نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها.
ثالثاً: لم تحترم الجامعة أحد أهم القواعد الآمرة في القانون الدولي وهي حق الشعوب في تقرير مصيرها، بل انتهكت حق الشعب السوري في اختيار حكامه وممثليه واندفعت للحديث عن الائتلاف بصفته ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري، مختزلة جميع أطراف المعارضة الأخرى، ومنصبة نفسها وصية على إرادة الشعب التي يجب أن تتجلى في الانتخابات وحدها.
رابعاً: وعلى الرغم من الحديث عن أولوية الحل السياسي ودعم مهمة الإبراهيمي، فإن قرار الجامعة تحدث في البند نفسه عن “حق” كل دولة في تسليح المعارضين السوريين و”الجيش الحر”.
إن ما تحدث به نصّ القرار عن “حق” بالتسليح، هو مناقض لميثاق الجامعة والقانون الدولي على حد سواء، إذ لا يوجد في ميثاق الجامعة ما يشير إلى الحق بالتدخل في شؤون الدول العربية، لا عسكرياً ولا بأي وسيلة تدخلية أخرى، إن “الحق بالتسليح” الذي يتحدث عنه نص القرار، هو انتهاك لقواعد القانون الدولي الذي ما زال قائماً على احترام سيادة الدول، فالتدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى سواء مباشرة أو بالواسطة عبر تسليح مجموعات لتقويض الحكم، هو انتهاك لمبدأ أساسي وهام في العلاقات الدولية مرتبط بالسيادة، وهو مبدأ عدم التدخل.
أما إذا كان المؤتمرون في الدوحة يشيرون إلى مبدأ جديد مستحدث في العلاقات الدولية، وهو “حق التدخل العسكري لحماية المدنيين”، فإن هذا الحق يجب أن يفوّض حصراً من قبل مجلس الأمن الدولي، وفي جرائم دولية أربع هي: الإبادة، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، وذلك إذا ثبت أن الحكومات ذات السيادة عاجزة عن منعها أو غير راغبة في منعها، علماً أن تحديد وقوع مثل هذه الجرائم لديه معايير محددة ولا يمكن إطلاقه اعتباطاً.
في المحصلة، وكما أن مجلس الأمن لن يمرر قراراً بالاعتراف بحكومة الائتلاف، ولن يسلم مقعد سورية إلى المعارضة، كذلك لا شيء يلزم الدول العربية بالاعتراف بحكومة الائتلاف، فالاعتراف هو مسألة سياسية تحكمها حرية اختيارية وسلطة تقديرية واسعة تعبّر عن إرادة دولة في أنّ وضعاً قانونياً أو واقعياً قد أصبح قائماً، في المقابل، نعتقد أنه حتى لو تمّ الاعتراف بالائتلاف من قبل بعض الدول العربية، فإن تسليم سفارات سورية إلى المعارضة يرتب مفاعيل سياسية وقانونية، قد لا تكون الدول العربية مستعدة لها في الوقت الحاضر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق