2013/06/13

أسئلة برسم "حزب الله" والأمن اللبناني

يوماً بعد يوم تزداد الهواجس اللبنانية من التأثيرات المركّبة للقتال في سوريا على النسيج الاجتماعي اللبناني، وعلى الأمن والاستقرار، حيث يعيش اللبنانيون القلق من ملفات عدّة يخشون انفجارها في أي لحظة، والتي لا يبدو أن أياً من المسؤولين أو أي حزب بمفرده قادر على تقديم إجابات عنها، ولعل أبرزها:
أولاً: ملف اللاجئين السوريين: تتحدث الأمم المتحدة عن وجود نصف مليون لاجئ سوري في لبنان مسجّل لديها في السجلات الرسمية، بينما تشير الإحصاءات إلى أن العدد الفعلي يتجاوز المليون، وتكمن المشكلة أن معظم هؤلاء اللاجئين موجودون في أفقر المناطق اللبنانية، ما يشكّل ضغطاً إضافياً على الاقتصادات المحلّية، وعلى الأمن فيها، ويؤدي إلى حدوث توتّرات مع المجتمعات المضيفة، بسبب المنافسة في سوق العمل مع اللبنانيين.
وإن كان الموضوع الاقتصادي يأتي في درجة ثانية من الأهمية، فإن الهاجس الأمني هو ما يشغل بال اللبنانيين، فبسبب انتشار السلاح والعسكرة التي انطبعت بها "الثورة" في سوريا، خصوصاً بسبب انتشار موجة التكفير بين السوريين، وتأمين بعضهم بيئة حاضنة للفكر التكفيري القادم من الخارج والذي كان، لفترة قريبة، يُعتبر غريباً عن المجتمع السوري، فإن القلق اللبناني يأتي من هذه الموجات التكفيرية وإمكانية استغلال التكفيريين للحاجات الاجتماعية والاقتصادية للنازحين، والتغلغل في المجتمعات اللبنانية والتبشير فيها بسهولة أكبر، ما يشكّل قنابل موقوتة قد تنفجر في أي وقت من الأوقات.
ثانيًا: قضية الجرحى من التكفيريين والمقاتلين: وهي القضية المستجدة التي بدأت تقضّ مضاجع اللبنانيين بعد معركة القصير.
فعلى الرغم من محاولة بعض الأحزاب اللبنانية إثارة التجييش الطائفي والمذهبي بعد مشاركة عناصر من "حزب الله" في القتال إلى جانب الجيش السوري في القصير، إلا أن استطلاعات الرأي المتعددة، والتي قامت بها مراكز دولية مستقلة، وحتى تلك التي قامت بها مراكز تنتمي إلى خط "المستقبل" وحلفائه، تشير إلى أن اللبنانيين بغالبيتهم الساحقة يتفهمون الخطر التكفيري الذي يتهددهم من وراء الحدود، وقد يشير إلى ذلك الاستطلاع الذي موّلته أحد السفارات الأجنبية في لبنان، والذي كان يهدف إلى استطلاع آراء اللبنانيين من مختلف الفئات العمرية ومختلف الطوائف، حول سؤال محوري: ما الذي يخيفك أكثر: الحركات التكفيرية أم سلاح "حزب الله"؟
وقد أعلن أكثر من 96 في المئة من المستطلَعين اللبنانيين أنهم يخشون خطر الحركات التكفيرية على أنفسهم وعلى لبنان.
وفي استطلاع آخر أجراه مركز "بيو" للإحصاء، قال 95 في المئة من اللبنانيين إنهم يشعرون بالقلق من أن ينتشر العنف في بلادهم، وعبّر 68 في المئة منهم عن قلقهم الشديد، وقال 27 في المئة إنهم يشعرون بالقلق إلى حد ما، وقد عارض 80 في المئة من اللبنانيين تسليح الدول الغربية لـ"الثوار"، حتى في أوساط السنّة اللبنانيين، إذ أشار 66 في المئة من السنّة اللبنانيين إلى معارضتهم إرسال الغرب مساعدات عسكرية إلى الثوار، بينما عبّر 98 في المئة من الشيعة اللبنانيين عن معارضتهم تسليح المعارضة.
انطلاقاً من هنا، قد يتفهم معظم اللبنانيين - وقد يؤيدون ضمناً - قتال "حزب الله" ضد المجموعات التكفيرية في القصير، لكن ما هو غير مفهوم وغير منطقي قبول السلطات اللبنانية و"حزب الله" بنقل الجرحى من القصير إلى لبنان للمعالجة في المستشفيات اللبنانية.
والأسئلة المنطقية التي تُطرح في هذا الإطار:
- ما هي الضمانات بأن لا يبقى هؤلاء في لبنان بعد انتهاء مرحلة الاستشفاء؟ وكيف يستطيع الأمن اللبناني أن يضمن عدم فرار هؤلاء من المستشفيات والالتحاق بالجماعات التكفيرية التي تتغلغل في لبنان، وحيث بدا واضحاً من خلال تجربة السنوات الماضية بأن لها من يدعمها ومن يغطيها سياسياً بشكل يجعلها تهدد الجيش اللبناني والقضاة والمواطنين اللبنانيين، ويقوم المطلوبون منها بمنافسة السياسيين في الظهور على شاشات التلفزة؟
- كيف يمكن لـ"حزب الله" - بناء على تسوية معينة - أن يُدخل عناصر تكفيرية إلى لبنان تشكّل خطراً على الأمن والاستقرار، وتثير قلقاً مشروعاً لدى فئات كبيرة من اللبنانيين، والتي - بحسب الاستطلاعات المختلفة - تشكّل ما يقارب الإجماع اللبناني من مختلف الطوائف والمذاهب؟
- ما هي الإجابات التي يُمكن أن تقدم للبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب، بعدما تحدث هؤلاء الجرحى إلى الإعلام وأعلنوا أنهم لم يتوبوا وأنهم عائدون للقتال بمجرد انتهاء فترة الاستشفاء؟
- لماذا لم يقم الصليب الأحمر الدولي بنقل هؤلاء إلى الدول الراعية لهم، والتي تموّلهم وتستخدمهم وتستفيد منهم؟ ولماذا لم يتم إرسال التكفيريين إلى دولهم الأصلية؟
هي أسئلة بحاجة إلى إجابات سريعة وشافية وشفافة، وعلى "حزب الله" بالتحديد أن يشرح للرأي العام اللبناني كيف قبَل تلك التسوية، وما هو مضمونها، وما هي الضمانات التي حصل عليها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق