2014/12/24

إنفراج في كوبا وبعده في إيران؟


21/ كانون الأوّل / 2014
د. ليلى نقولا الرحباني

ليس تفصيلاً أن يعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما انهاء القطيعة مع الدولة الشيوعية المتمردة كوبا بعزمه على إقامة علاقات ديبلوماسية بعد انقطاع دام نصف قرن، مؤكداً أن "الخمسين عاماً الماضية أظهرت أن عزل كوبا لم يعط نتيجة، وحان الوقت لاعتماد مقاربة جديدة". 
وقد يكون الحدث التاريخي بعودة العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة الأميركية، أمرًا يريد منه الرئيس باراك اوباما أن يُسجّل له في سجّل الانجازات التي سيتركها وراءه بعد عهدين من الرئاسة في البيت الأبيض، وقد يحلم بأن يضيف اليه إنجاز تاريخي آخر، هو عودة العلاقات بين أميركا وإيران وإنهاء القطيعة الدبلوماسية التي شتبشّر بعهد جديد من العلاقات الدولية مع الجمهورية الاسلامية.
وقد اعتبر العديد من معارضي اوباما في الداخل الأميركي، أن اوباما يقدم حبل الانقاذ لفيدال كاسترو، ويخدم النظام الكوبي بهذه الخطوة، وقد يكون هذا صحيح باعتبار أن التقديرات الكوبية الرسمية ترجح أن أنَّ الاقتصاد الكوبي سينمو 4% في 2015، معتمداً على تحسُّن العلاقات الديبلوماسية والإقتصادية مع الولايات المتحدة لإنتشالها من سنوات الركود.
ولكن، لا يمكن الحديث عن هذا الحدث التاريخي بدون تعداد ما يمكن أن تكسبه الولايات المتحدة من هذا الانجاز:
- يحاول اوباما أن يخترق الجدار اليساري الذي يحيط به في حديقته الخلفية، خاصة بعدما ظهر ان دول أميركا اللاتينية كانت عصية على الاختراق الأميركي ولم تسر في فلك الولايات المتحدة كما فعلت اوروبا بالرغم من كل المحاولات التي قام بها الرؤساء الأميركيون خلال الحرب الباردة. وقد يكون دخول البرازيل الى حلف مواجه للهيمنة الاميركية هو البريكس، سبب في محاولة الأميركيين الدخول الى أميركا اللاتينية التي من الأفضل أن تكون منقسمة حيال السياسة الأميركية بدل الدفع الى مزيد من توحيدها.
- لا يمكن فصل الموضوع عن إعلان وجود النفط بالمياه الكوبية عام 2008، والذي قدر حينها بعشرين مليار برميل، علمًا أن التقديرات الأولية لدراسة أميركية أشارت إلى أن احتياطي كوبا من النفط بمياهها العميقة يصل 4.6 مليار برميل إلى جانب 9.8 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، ما يؤهلها للانضمام لمجموعة دول العشرين المنتجة للنفط.
- يعوّل الأميركيون على قوة الأفكار وعلى اتقانهم للقوة الناعمة التي ستترافق مع الانتعاش الاقتصادي مما يسهّل تغلغل الأفكار الأميركية الشمالية في نصف القارة الجنوبي، ويجعل من إغراء هذه القوة سببًا في خلخلة الأنظمة الحاكمة وتغييرها في المستقبل.
- يعتقد الأميركيون إن الانقتاح الاقتصادي وعودة العلاقات الدبلوماسية سيسمح للمهاجرين الكوبيين من اقتصاديين رأسماليين ومعارضين سياسيين وغيرهم من المفكرين والصحفيين المشبّعين بالأفكار الغربية للعودة الى هافانا، ما يسمح بتغيير الحكم فيها بعد فيدال كاسترو الذي لن يعيش للأبد، لذلك من الأفضل أن يكون للأميركيين قدم في كوبا للقدرة على هندسة التحولات بعد كاسترو ولئلا تكون كوبا كما فنزويلا بعد تشافيز.
وهكذا، يبدو أن أوباما الذي اعتبر ان سياسة عزل كوبا وفرض العقوبات عليها لم يؤدِ الى نتيجة، فقد يأتي يوم في القريب العاجل فيقول الأمر نفسه عن إيران التي استغلت الحصار والعقوبات لتقوية اعتمادها على نفسها، وبهذا يفترض أن يكون اوباما بصدد مراجعة سياسة فرض العقوبات على الدول التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية سابقًا ضد العديد من الدول ومنهم كوبا وإيران واليوم تمارسها مع دولة كبرى مثل روسيا. فكما لم تنفع العقوبات في دول مثل كوبا وإيران، فلن تنفع أيضًا مع دولة قوية ومحورية مثل روسيا لديها قدرات اقتصادية ونفطية هائلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق