2018/10/04

ما هي جدية شنّ الحرب الاسرائيلية على لبنان؟

يومًا بعد يوم، يثبت التفاهم الذي عقده التيار الوطني الحر وحزب الله، قدرته على الإستمرار بالرغم من كل التحديات التي واجهها في مفاصل عدّة، ومنها الإنتخابات النيابية الأخيرة. وقد يكون استمرار هذا التفاهم هو نتيجة لما يؤمن به الطرفان من مبادئ وطنية، تتجلى في مقاومة العدو، ومحاربة الفساد، وبناء الدولة القوية العادلة، وهو ما يتمظهر في كل مناسبة وحدث جلل.

لقد تكاملت كلمة رئيس الجمهورية اللبنانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والإجراءات التي قام بها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي دعا السفراء الأجانب لجولة في مطار بيروت دحضًا لأكاذيب نتنياهو حول أسلحة حزب الله، مع التهديد الذي وجهه السيد نصرالله الى "اسرائيل"، بأن حزب الله يملك صورايخ دقيقة، وإن فرضت إسرائيل حرباً على لبنان ستواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام.

لقد دعا الرئيس عون دول الأمم المتحدة الى "الاستفادة من دروس التاريخ، لأن الظلم يولد الانفجار، وانتفاء العدالة والكيل بمكيالين يولدان شعورا بالنقمة ويغذيان كل نزعات التطرف وما تستولده من عنف وإرهاب، مؤكدًا أن انعدام العدالة أشعل حروبًا كثيرة في الشرق الأوسط وأوجد مقاومة لن تنتهي إلا بانتفاء الظلم وإحقاق الحق"، وأكد في لقاءاته الصحفية ومع الجالية اللبنانية على أهمية الدور الذي قام به حزب الله في مكافحة الإرهاب ومنعه من الإعتداء على لبنان، بالإضافة الى مقاومة العدو الإسرائيلي.

أما وزير الخارجية جبران باسيل، فلقد قرر المواجهة الدبلوماسية على شتى المستويات، بالرغم من إدراكه أن تلك المواجهة سوف تفتح عليه أبوابًا جديدة من الإنتقادات الداخلية، خاصة من قبل بعض الأطراف التي ترى ضرورة إضعاف حزب الله تمهيدًا لعزله ونزع سلاحه...

وهكذا، وبتكامل المواجهة العسكرية والدبلوماسية والسياسية اللبنانية، تكتمل عناصر القوة اللبنانية، وتكون المواجهة مع العدو قد تطورت لصالح لبنان بحسب المراحل التالية:

المرحلة الأولى: قبل حرب تموز 2006: كانت إسرائيل تملك قرارين أساسيين في المواجهة سواء مع لبنان أو مع أي دولة عربية: قرار الدخول في الحرب وقرار الخروج منها وإنهائها ساعة تشاء، وبالشكل الذي تريد. لقد شكّل تفوق الجيش الاسرائيلي العسكري والقدرة الجوية والتكنولوجية التي يملكها عاملاً مساندًا لإسرائيل في تحقيق هيمنتها على المنطقة، حيث استمرت اسرائيل في الاقتناع بأنه يكفي قرار سياسي بالنزهة الى لبنان، حتى تصل قوات الجيش الاسرائيلي الى حدود الليطاني.

المرحلة الثانية: تجربة حرب تموز 2006، والتي أدخلت مفهوم التوازن الردعي لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، والتي بيّنت أن قراراً واحداً فقط كان بيد إسرائيل، وهو قرار الدخول في الحرب، لكنها خسرت في المقابل ما يلي:

-القدرة على اتخاذ قرار الخروج من الحرب وبأي ثمن وبأي خسائر لأول مرة في تاريخها، ولم تستطع استعادته لغاية الآن، بالرغم من كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الاسرائيلية بناءً على توصيات لجنة فينوغراد.

-القدرة على أخذ "الحرب إلى أرض العدوَ"، بحيث يعيش الشعب الاسرائيلي بأمن وسلام، بينما تقوم الطائرات الاسرائيلية بتطبيق "سياسة الأرض المحروقة" في البلاد العربية. لقد عانى الاسرائيليون في حرب تموز وما بعدها، لأول مرة في حياتهم من الخوف من صواريخ المقاومة التي استطاعت أن ترسي معادلة "عاصمتنا مقابل عاصمتكم، مطارنا مقابل مطاركم" كما حددها السيد حسن نصرالله.

-خسرت اسرائيل قوة التأثير من خلال التهديد والتهويل بالحرب، التي تهزم العدو إدراكيًا ونفسيًا قبل شنّ الحرب عليه، فيقوم بتنفيذ بما تريده أن يقوم به، أو يمتنع عن القيام بما لا تريده أن يفعله، وذلك من دون أن تضطر لشنّ الحرب.

المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد الحرب السورية وانخراط حزب الله في قتال التكفيريين، بحيث امتلك من الخبرة القتالية ما يجعل الاسرائيلي يخاف من "حفيف الشجر، وضربات المعاول…" على الجزء اللبناني من الحدود كما قال الأمين العام لحزب الله في إحدى خطبه، وباتت المقاومة تعلن جهارًا امتلاكها صواريخ دقيقة، وأن مقاتليها يتدربون على سيناريو اقتحام الجليل في أي حربٍ مقبلة.

والنتيجة، أن اسرائيل التي تهدد يوميًا بشنّ حرب على لبنان، من المؤكد أنها باتت تتمنى الحرب وتخشاها في نفس الوقت؛ لذا لن تدخل اسرائيل في مغامرة لا تستطيع التأكد من انتصارها الحتمي فيها، والأكيد أنها لن تخرج الى مغامرة شبيهة بحرب تموز 2006، بالرغم من اطمئنانها الى مواقف بعض الدول العربية التي ستأتي أكثر جهرًا بالمساندة هذه المرة.

وعليه، إن حسابات الربح والخسارة في أي حرب مع لبنان لن تكون لصالح اسرائيل، والمنطقي والواقعي أن لا تلجأ اسرائيل الى الحرب، ولكن هذا لا يعني أن لا يتحسب اللبنانيون لأي جنون متفلت، ويحصّنوا وحدتهم في وجه الاسرائيلي، ويرسلوا له رسالة شديدة اللهجة بأن حلم عزل حزب الله داخليًا لن يحصل، وإن لبنان السياسي والدبلوماسي والعسكري مستعد للقتال في أيّ مواجهة قادمة، وسننتصر، وسيندم الاسرائيليون ندمًا شديدًا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق