2022/04/14

الهجوم الأميركي العالمي: قوانين لاستفزاز الصين

بينما العالم منشغل بالأحداث في أوروبا، تعمد الولايات المتحدة الى استفزاز الصين في شرق آسيا، تماماً كما فعلت مع روسيا في أوكرانيا، فكما استمر توسع الناتو شرقاً، ضارباً بعرض الحائط الهواجس الأمنية لروسيا، الى أن اندلعت الحرب في أوكرانيا، تندفع إدارة بايدن لاستفزاز الصين بنفس الطريقة عبر التوسع في جوارها الاقليمي والتخلي عن الاعتراف بسياسة "الصين الواحدة"، وإقامة الأحلاف الدفاعية الجديدة (اوكوس)، ومحاولة نشر الفوضى في محيط الصين الاقليمي وعلى مسار طريق الحرير الجديد.

وأعلن البنتاغون أن وزارة الخارجية الأميركية وافقت على إبرام صفقة مع تايوان لصيانة أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت". وتبلغ قيمة العقد 95 مليون دولار، وتمت الموافقة على صفقة مماثلة بقيمة 100 مليون دولار لتوفير خدمات لتايوان وبيع معدات لدعم وصيانة وتحسين نظام الدفاع الجوي "باتريوت" في أوائل شباط/ فبراير الماضي.

ويقلق الأميركيون من الصعود الصيني، ليس الاقتصادي فحسب، بل التكنولوجي أيضاً والذي يشير بعض الخبراء الأميركيين الى أن الولايات المتحدة قد تخلفت في مجال التطوير والأبحاث، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الصين سوف تتفوق على الولايات المتحدة في المدى المتوسط.

وعليه، فإن الأميركيين يعمدون الى استخدام الوسائل كافة لمنع هذا السيناريو وذلك عبر سنّ قوانين داخلية لمنع التقدم الصيني بالاضافة الى محاولة استفزاز الصين لتوريطها في تايوان، ومنها ما يلي :

-      قانون حول تايوان

في أواخر عام 2020، نشرت الصين خطتها للتنمية الجديدة لمدة خمس سنوات قادمة بالاضافة الى أهداف طويلة المدى، وأكدت الخطة على التمسك بمبدأ "صين واحدة" مع تعزيز التنمية السلمية والمتكاملة للعلاقات عبر المضيق (تايوان)، وإعادة التوحيد الوطني.

تشكّل استراتيجية "عبر المضيق" ركيزة أساسية في سياسة الصين، لذا ركزت الوثيقة "على تعزيز التعاون الصناعي عبر المضيق وتدعيم السوق المشتركة للجانبين، وضبط السياسات لضمان حماية أفضل لرفاهية المواطنين التايوانيين وضمان تمتعهم بنفس المعاملة في البرّ الرئيسي، وذكرت الوثيقة أنه سيتم تشجيع رجال الأعمال والشركات التايوانية على المشاركة في مبادرة الحزام والطريق والاستراتيجيات الوطنية للتنمية الإقليمية المنسقة. وأكدت الوثيقة إنه سيتم دعم الشركات المؤهلة الممولة من تايوان ليتم إدراجها في البر الرئيسي، وأنه سيتم دعم مقاطعة فوجيان لاستكشاف طرق جديدة للتكامل والتنمية عبر المضيق.

ولمنع الصين من تطبيق استراتيحية "التوحيد السلمي عبر المضيق" التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي، يذكر مشروع القانون الذي قدمته إدارة بايدن للكونغرس مؤخراً الى "الاعتراف بتايوان كجزء حيوي من إستراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ." ويدعو إلى "النقل المنتظم لمواد الدفاع إلى تايوان"، وهي قد تكون وصفة جديدة لتحفيز الصين على الهجوم على تايوان عبر إثارة قلقها وهواجسها الأمنية كما حصل مع روسيا.

ويشير مشروع القانون الأميركي الجديد المعنون "معاملة حكومة تايوان" على أن الولايات المتحدة ستتخلى عن ممارسة "الإشارة إلى الحكومة في تايوان على أنها سلطات تايوان" وتتعامل بدلاً من ذلك مع الإدارات الحكومية باعتبارها "الممثل الشرعي لشعب تايوان"، وأن الولايات المتحدة ستقوم  بـ"تدريب إعلامي للمسؤولين التايوانيين والكيانات التايوانية الأخرى المستهدفة بحملات التضليل".

-      قانون المنافسة في إطار التكنولوجيا

في محاولة لمنع صعود الصين، أقرّ للكونغرس الأميركي قانوناً بعنوان America COMPETES Act of 2022 [1] لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد والشركات الأميركية، ومكافحة الإجراءات المناهضة للمنافسة التي تتخذها جمهورية الصين الشعبية، و يولي اهتماماً خاصاً بموضوع التكنولوجيا والبحث العلمي ويمنع على الشركات استخدام التكنولوجيا الصينية، ويفرض عقوبات على العديد من الشركات الصينية ويتهم الصين بأعمال غير قانونية عالمية بالتواطؤ مع طالبان وبانتهاكات لحقوق الإنسان الخ.

الهدف الأبعد لمشاريع القوانين الأميركية تحت عنوان "البحث والتطوير التكنولوجي" هو منع دول العالم من التعامل مع الصين في مجال التكنولوجيا، وأن تستفيد الولايات المتحدة من تعزيز العلوم والتكنولوجيا لديها بحيث تصبح هي المسيطر على هذا السوق الواعد في المستقبل وحرمان الصين من قدرتها على المنافسة، كما يحصل في مجال الطاقة مع الروس بعد الحرب الأوكرانية.

منذ بدء الحرب في أوكرانيا، تضغط الولايات المتحدة الأميركية على شركائها الاوروبيين في حلف الناتو وعلى حلفائها الآخرين لتقليص اعتمادهم على الغاز والنفط الروسي، ويضطر الاوروبيون اليوم الى شراء الغاز الأميركي ولو بأسعار أعلى، بينما زادت الولايات المتحدة مشترياتها من النفط الخام الروسي بنسبة 43 في المائة في الشهر الماضي، بحسب صحيفة " جلوبال تايمز".

وهكذا، تبدو إدارة بايدن مندفعة الى إثارة التوتر في محيط الصين الاقليمي، وفي الجزء الأكثر حساسية بالنسبة للصين وهو مبدأ "الصين الواحدة"، والتوحيد السلمي للصين.  يهدف الأميركيون من تسعير الحرب والدفع إليها في الجوار الصيني، عبر تحريض تايوان على استفزاز الصين و"زيادة انفاقها الدفاعي" الى تحقيق ربح جيوسياسي واقتصادي، عبر بيع السلاح وفرض عقوبات على القطاعات الصينية الهامة ومنها قطاع التكنولوجيا، لتقويض قدرة الصين على تطوير اقتصادها والاستثمار في البحث العلمي، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق