2023/03/06

هل تأتي التسوية برئيس بخلفية اقتصادية؟

عكس الاشتباك السياسي بين القوى السياسية درجة الأزمة التي تعيشها هذه القوى، وخاصة في ظل تواطؤ واضح مع المصارف التي تتشاطر مع معظم الطبقة السياسية نفس الأهداف وأهمها إلغاء التدقيق الجنائي وعدم كشف مصير الأموال المهرّبة بعد 17 تشرين وعدم كشف السرية المصرفية، وتأمين غطاء لرياض سلامة كاتم أسرارها ومغطي جرائمها المالية.

وهكذا، إضافة الى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية الى سقف غير مسبوق وبسرعة قياسية، أمران طبعا الحياة السياسية اللبنانية الأسبوع المنصرم:

الأول: الهجمة السياسية المرتدّة  التي قادها الرئيس نجيب الميقاتي المدعومة من المصارف ضد القضاء اللبناني، بعدما قامت القاضية غادة عون بالادعاء على مجالس إدارات المصارف والمدراء الذين لم يتلزموا بكشف حساباتهم التزاماً بقانون رفع السرية المصرفية. 

أما الأمر الثاني فهو تصريحات الرئيس نبيه بري الاسبوع الماضي حول الرئاسة اللبنانية وجلسات انتخاب الرئيس، والتي أدّت الى اشتباك كلامي طائفي تحريضي، وبيانات وبيانات مضادة، انتهت بعدها القضية إعلامياً وخفتت أصوات الجيوش الالكترونية، ليبقى من التصريح والردود الملاحظات التالية:

-        من الواضح أن العلاقة التي تربط القوات اللبنانية بالرئيس بري هي علاقة متينة وعميقة، بدليل أن النائب ريشار قيومجيان أجبر بسرعة على إصدار بيان اعتذار بعدما تسرع في إصدار ردّ احتوى كلاماً طائفياً استفزت ردوداً عليه من نفس العيار.

-        يبدو من التطورات والتصريحات والردود، أن كلاً من المرشحين المتنافسين (ولو بدون إعلان ترشيحهما لغاية الآن) وهما قائد الجيش جوزاف عون والنائب السابق سليمان فرنجية قد تراجعت حظوظهما – أقلّه مرحلياً-بعدما قطع الرئيس برّي أي إمكانية لتكرار تجربة ميشال سليمان التي سمحت تسوية الدوحة – بحسب الرئيس برّي- بانتخابه بدون القيام بتعديل دستوري حينها. وأكد الرئيس برّي أن تعديل الدستور لإنتخاب عون يحتاج الى ثلثي مجلس النواب، وهو ما لا يمكن لقائد الجيش أن يحصل عليه، بعدما رفضت العديد من الكتل التصويت له. بينما تبيّن أن هناك فيتو خارجي على وصول فرنجية، عكسته المواقف السعودية في الاجتماع الخماسي الذي حصل في باريس.

-        وهكذا، بالرغم من التباين المستمر بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، يبدو ان النائب جبران باسيل يتقاطع مع الرئيس بري في رفض وصول قائد الجيش، ويتقاطع مع السعوديين في رفض وصول سليمان فرنجية.

في النتيجة، إذا استمرت الفيتوهات المتبادلة، فبقي الفيتو المرفوع في وجه فرنجية محلياً (مسيحياً) وخليجياً، واذا استمر الفيتو المحلي على إجراء التعديل الدستوري لانتخاب العماد جوزاف عون، ولم يحصل اي تنازل من قبل أي طرف لصالح الآخر مقابل مكاسب... فهذا يعني أن التسوية ستأتي برئيس للجمهورية غير متداول اسمه لغاية الآن. من الأفضل حينها للبنان أن يطرح اسم جديد لرئاسة الجمهورية بخلفية اقتصادية مالية، يستطيع قيادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والاصرار على السير بالخطط الاصلاحية تمهيداً لوضع لبنان على سكة التعافي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق