2017/09/01

التحرير الثاني: هزيمة اسرائيلية ثالثة

د. ليلى نقولا
بانتهاء عملية "فجر الجرود" التي أطلقها الجيش اللبناني لتحرير الجرود اللبنانية من تنظيم داعش الارهابي، وعملية "إن عدتم عدنا" التي أطلقتها المقاومة اللبنانية والجيش السوري لتحرير الأراضي السورية المحاذية للحدود اللبنانية، يعلن لبنان انتصاره على الارهاب التكفيري، بعد سلسلة من الانتصارات حققتها المقاومة في لبنان ضد جبهة النصرة وسائر الفصائل السورية التي كانت تحتل جرود عرسال في وقت سابق.
وتشكّل هزيمة المجموعات السورية المسلحة في الجرود اللبنانية، خسارة للمشروع الاسرائيلي في المنطقة، ليس فقط لاكتساب عناصر حزب الله خبرة قتالية إضافية قد يستخدمونها في أي حربٍ قادمة مع اسرائيل، بل لأن تلك الجماعات كانت جزءًا لا يتجزأ من ذلك المشروع. فلقد استثمر الاسرائيليون كل من داعش والنصرة في حربهم المفتوحة ضد محور المقاومة في المنطقة، الى أن باتت الدولة العبرية تعيش اليوم أفضل حالاتها الأمنية منذ تأسيسها، بحسب تعبير عاموس جلعاد.
ولعل إدراك القادة الاسرائيليين أن "داعش الى زوال" كما قال جلعاد، هو الذي دفعهم الى الاستثمار في دعم جبهة النصرة بشكل استثنائي، وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لها منذ بداية آذار 2014، حيث قدم الجيش الاسرائيلي الدعم العسكري والطبي واللوجستي لمقاتلي النصرة خلال معاركهم في الجنوب السوري خاصة خلال السيطرة على القنيطرة في أيلول 2015 (بحسب وثائق الاوندوف).
ويركّز الاسرائيليون على التعاون مع جبهة النصرة اذ أن "لديها قيادة عسكرية مركزية تؤمن التوجيه الاستراتيجي للوحدات العاملة بنوع من الاستقلالية في إطارها المناطقي"، ولأنها "تعطي الأولوية لقتال الأسد على أهدافها الخاصة الطويلة الأجل"، ولقدرتها "على التجنيد والتعبئة في مخيمات اللاجئين في لبنان، وفي المناطق السنّية في طرابلس والبقاع، كما قامت بشنّ هجمات رائعة spectacular على كل من حزب الله والدولة اللبنانية"  كما ورد حرفيًا في وثائق مؤتمر هرتسيليا 2016.... ويعتبر الاسرائيليون أن تركيز الاميركيين على القضاء على داعش يمنح النصرة هامشًا أكبر من الحركة بالاضافة الى أنه يمكن استخدامها "كمقوّض لأي حل سياسي في سوريا"... (وثائق مؤتمر هرتسيليا 2016).
وإذا أخذنا بعين الاعتبار، أن المجموعات المسلحة المتواجدة على الحدود اللبنانية السورية، ومنها جبهة النصرة، كانت قد فقدت العمق الاستراتيجي من الناحية السورية، ولم تعد قادرة على التأثير على مجريات المعارك في سوريا بعد سلسلة هزائم تلقتها من الجيش السوري وحزب الله، فهذا يعني أن بقاء تلك المجموعات كان مرهون بالدور الوظيفي الذي يمكن لها أن تؤديه في الداخل اللبناني، لجهة استخدامها لتقويض الاستقرار اللبناني لاشغال حزب الله في ساحته الداخلية، أو المساهمة في إشعال حرب أهلية لبنانية؛ يكون وقودها المسلحين السوريين المتواجدين في مخيمات اللجوء في لبنان، أو على الأقل استخدامها كمصدر تهديد للجبهة الداخلية والخلفية لحزب الله، بحسب تعبير رئيس اركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس.
إذًا، خسارة النصرة وانهزامها أمام حزب الله في الجرود اللبنانية وفي وقت قياسي لم يتوقعه أكثر المتفائلين، تعني في ما تعنيه انهزام فصيل مدعوم اسرائيليًا، ينفذ مشروعًا اسرائيليًا في المنطقة وليس مجرد فصيل سوري مسلح يمتلك فكرًا تكفيريًا.
وعليه، فإن انتصار لبنان على كل من النصرة وداعش وباقي المجموعات الارهابية المتواجدة على أرضه، واعلانه التحرير الثاني في آب 2017، بعد التحرير الأول في أيار 2000، وانتصار تموز 2006 ، يأتي بمثابة ضربة ثالثة قاسية للمشروع الاسرائيلي العدواني على لبنان، وهو ما أجج الحملات الاعلامية والسياسية على المقاومة والجيش اللبناني، والتي بدأت في لبنان ووجدت صداها في أرجاء المنطقة وصولاً الى العراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق