2018/07/12

ماذا بعد الانتصار في الجنوب السوري؟

نشر في الميادين- 12 تموز 2018
يتجه الجيش السوري وحلفاؤه الى الانتهاء من المعارك والمصالحات في الجنوب السوري، تمهيدًا لخروج الحدود الأردنية السورية من دائرة الخطر على الدولة السورية، خاصة بعد تسلّم معبر نصيب الحدودي الذي سينعش إقتصاديًا كل من سوريا ولبنان والأردن.
وكما هو متوقع، من المفترض أن تنتهي المعارك في الجنوب السوري وتعود هذه المناطق الى كنف الدولة، قبيل إجتماع ترامب وبوتين المقرر انعقاده في منتصف الشهر الجاري في هلسنكي، والذي من المفترض أن يؤدي الى إنفراج في العلاقات بين البلدين بشكل عام، كما من المتوقع أن يتم خلاله تحديد أطر لمسار الحل السوري السياسي، ولمسار المعارك في الميدان السوري.
بالرغم من الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الميدان، وبالرغم من بروز ذكاء روسي خارق، استطاع إدارة اللعبة الميدانية والسياسية بشكل متقن، من خلال استخدام فذّ للمصالحات ولمناطق خفض التوتر، وحسن العلاقات مع دول الجوار، وتوازن دقيق بين المصالح الدولية والإقليمية على الساحة السورية.. بالرغم من كل ذلك، ما زال الأميركيون يملكون الكثير من الأوراق التي يستطيعون من خلال الضغط ميدانيًا على الجيش السوري ( بدليل أن بؤرة داعش المحاذية للتنف تتمدد وتتوسع نحو دير الزور)، كما يسيطرون على مساحة ما يقارب 25 بالمئة من الجغرافيا السورية، ويقيمون فيها القواعد العسكرية، ما يعني أن التفاؤل باستسلام القوى المعادية للنظام السوري وتسليمها بإنتهاء الحرب ما زال مبكرًا جدًا.
بات الجميع اليوم ينتظر نتائج لقاء ترامب وبوتين، علمًا أن الحرب السورية كانت قد أظهرت خلال سنواتها السبع (2011- 2018) أنها عصيّة على التنبؤ، بسبب تداخل المصالح الدولية والإقليمية، والمفاجآت التي ظهرت في الميدان السوري، وتبدّل صنّاع القرار الدوليين خلال تلك السنوات.
ولكن، يمكن على الأقل، التنبؤ بسيناريوهات محددة انطلاقًا من المستوى الذي وصلت إليه خريطة المعارك في الداخل السوري، ومن سلوك الفاعلين الدوليين والإقليميين، ومن رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحقيق إنجاز ما في ملف دولي، بالإضافة الى خطته الأهم وهي الضغط على النظام الإيراني لتغييره أو على الأقل دفعه لتقديم تنازلات مؤلمة في الشرق الأوسط مقابل تخفيف العقوبات عنه، أو إعادة التفاوض على إتفاق جديد وهو ما ترفضه إيران بشدّة.
وهذه السيناريوهات تتجلى في ما يلي:
- السيناريو الأول: التوصل الى تفاهم روسي أميركي حول سوريا:
في هذا السيناريو، يمكن تصوّر ما يلي:
- الحل الأول انسحاب أميركي - تركي من المناطق السورية مقابل إنسحاب إيران وحزب الله، كما يطرح الروس.
- الحل الثاني بقاء القوات الأميركية في مناطق الشمال الشرقي السوري، وإنسحابها من التنف مقابل إبتعاد الإيرانيين عن الحدود مع الجولان المحتل.
- الحل الثالث؛ إبقاء الحال على ما هو عليه وبقاء القوات الأميركية في سوريا الى ما بعد الحل السياسي الشامل.

السيناريو الثاني: عدم قدرة الأميركيين والروس على التوصل الى إتفاق:
في هذا السيناريو، يمكن تصوّر ما يلي:
- توجه الجيش السوري لتحرير الأجزاء التي تسيطر عليها "قسد" والتي يقيم الأميركيون قواعد عسكرية فيها. هذا التوجه من المفترض أن ترفده حركة مقاومة شعبية في الداخل، تعمل على إستهداف الأميركيين لدفعهم الى الانسحاب بدون قتال.
- توجه الجيش السوري لقضم المناطق التي تسيطر عليها جبهة النصرة في ريف حماه وفي إدلب.
- تبقى المنطقة الأصعب على الإطلاق، هي المناطق التي يتواجد فيها الجيش التركي، حيث أن التاريخ يثبت أن الأتراك - بعكس الأميركيين الذين لا يثبتون في أرض فيها مقاومة شعبية- لا ينسحبون من أي أرض يحتلونها بدون هزيمة، ما يعني قتالاً مباشرًا بين الجيشين السوري والتركي، وهو ما لن يقبله الروس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق