2018/07/05

هل ينجح لقاء ترامب - بوتين؟


نشر في 5 تموز 2018 في الميادين
تتجه أنظار العالم اليوم الى الجنوب السوري باعتبار أنه سيكون من أواخر المعارك التي سيشنّها الجيش السوري وحلفائه قبل لقاء ترامب وبوتين في هلسنكي في 16 تموز الجاري.
وكان لقاء ترامب بوتين السابق قد أقرّ إتفاق منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري، الذي أدخل المنطقة المحاذية للجولان المحتل وللحدود الاردنية في هدنة استمرت لغاية انتهاء الجيش السوري وحلفائه من معاركهم على الحدود العراقية السورية والانتهاء من جميع بؤر المسلحين في الداخل السوري.
وهكذا، لن يأتِ موعد لقاء بوتين وترامب، إلا وتكون هذه المنطقة قد عادت الى حضن الدولة السورية، وبقي خارجها المنطقة التي يسيطر عليها مجموعات "قسد" ومحافظة إدلب، بالاضافة الى المناطق التي يسيطر عليها الاتراك ضمن مناطق "غصن الزيتون" و"درع الفرات". وعليه، من المرجح أن ينجح لقاء ترامب بوتين في تكريس تفاهمات حول سوريا لأسباب عدّة أهمها:
أولاً: اعتراف العالم أجمع بأنه بات من غير الممكن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بعد الانجازات العسكرية التي حققها الجيش السوري نتيجة للدعم الروسي والايراني وحزب الله وغيره. ما يعني أن الأطراف التي شنّت الحملة تحت شعار "إسقاط النظام" قد فشلت في خطتها، وعليها أن تتعامل اليوم مع نتائج الميدان بكل واقعية.
ثانيًا: لقد حاول أوباما في وقت سابق أن يعقد تفاهمات مع الروس، ولكن أجنحة داخلية في الإدارة عرقلت قيام هذه الاتفاقيات، ونذكر على سبيل المثال التفاهم الذي عقده جون كيري مع الروس، وإفشاله بعد قيام طائرات التحالف الدولي بالإغارة على الجيش السوري في جبل الثردة.
قد يكون مرد هذه العرقلة من داخل الإدارة وبالتحديد من الجيش والبنتاغون الى اسباب عدة، ولكن الظاهر منها أقلّه أمران:
الأمر الأول متعلق بالتصورات الايديولوجية المتوارثة منذ الحرب الباردة وعقيدة الجيش الأميركي الذي ما زال يجد في الروس خطرًا على الأمن القومي، ويجب منعه من التحوُّل إلى قوة عالمية، أو على الأقل من التحوُّل إلى قوة تُقاسم الأميركيين النفوذ في الشرق الأوسط.
الأمر الثاني متعلق بالتحديد باستراتيجية أوباما "للتحول نحو آسيا" مع ما تعنيه تلك الاستراتيجية من تقليص موازنة الجيش الأميركي خاصة فيما يختص بالقوة البرية، إذ أن مواجهة الصين واحتواءها يفرض أن تخصص معظم موازنة الجيش الأميركي للقوتين البحرية والبرية، بعكس الانخراط في الشرق الأوسط وأفغانستان الذي تطلّب زيادة الانفاق على الجيش البرّي الى حدٍ أقصى.
وكان أوباما الذي ورث حربين غير منتهيتين وتقشف مفروض على موازنة الدفاع بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، ارتأى "التوجه نحو آسيا" لإحتواء الصين، ولأن كلفة ذلك التوجه أقل من كلفة استمرار الإنخراط في الشرق الأوسط.
وهكذا، مدفوعًا بتصورات إيديولوجية وقلق من موازنة تقشفية للدفاع، كان لا بد على البنتاغون أن يقوم بإفشال أي توجه لتسوية مبكرة في سوريا تخرجه من الميدان السوري وتظهر انتصارًا روسيًا واضحًا.
أما اليوم، وبعد أن قام ترامب بزيادة موازنة الدفاع الى أقصى حدٍ في التاريخ المعاصر ما يزيل قلق الجيش من التقشف المفروض، وبعد أن تبدلت أولويات السياسة الأميركية في عهد ترامب عن عهد أوباما، وبعد إعلان ترامب رغبته في انسحاب الجيش الأميركي من الميدان السوري، ولحاجة ترامب الى إنجازات يبرزها بوجه معارضيه في الداخل... بات من الممكن التفاؤل بنجاح لقاء ترامب - بوتين في الاتفاق على ترتيبات الحلّ السياسي، أو على الأقل وضع تصور لكيفية إنتهاء الحرب في سوريا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق