2018/08/02

هل انتهت الحرب السورية؟

تقترب المعارك في الجنوب السوري من الإنتهاء، وبانتهائها تعود الدولة السورية لفرض سيادتها على الحدود مع لبنان والأردن والجولان المحتل وقسم من الحدود السورية العراقية، على أن تسري في الجولان المحتل، اتفاقية فكّ الاشتباك الموّقعة بين سوريا واسرائيل عام 1974، والتي أعلنت وقف إطلاق النار بين الطرفين، تنفيذًا للقرار 338/1973.
ولعل سيطرة الجيش السوري على درعا التي كانت التظاهرات فيها الشرارة الأولى لإندلاع الحرب السورية، جعلت بعض المعارضين يعلنون "الهزيمة" معتبرين أن "الثورة السورية انطلقت من درعا، وانتهت معها". وهذا، ما يدفع الى السؤال: هل فعلاً انتهت الحرب في سوريا؟.
بالإجابة على هذا السؤال يمكن الأخذ بعين الاعتبار ما يلي:
أولاً: إن الانتصارات الميدانية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه، وسيطرتهم على المساحة الأكبر من الجغرافيا السورية، وخسارة المعارضة المسلحة عسكريًا في معظم المناطق، يجعل مسألة تحرير باقي الجغرافيا السورية التي ما زالت خارج سيطرة الدولة، مسألة وقت فحسب.
ويمكن القول أن الحرب انتهت في معظم المناطق التي تمّ تحريرها من قبل الجيش السوري، وانتهت مقولة "إسقاط النظام السوري بالقوة"، كما تؤشر التطورات الميدانية الى عدم إمكانية إعادة عقارب الساعة الى الوراء أي إعادة المعارضة الى المناطق التي خسرتها وانسحبت منها في مختلف المناطق السورية.
ثانيًا: إن الاجتماعات والترتيبات التي يقوم بها الروس لإعادة اللاجئين من دول الجوار الى الداخل السوري، وبعد التوافق مع الأميركيين على هذا الملف ، تؤشر الى انتهاء ملف اللاجئين، كورقة ضغط على الدولة السورية، وإعلان للعالم بأن الجزء الذي يسيطر عليه الجيش السوري يعدّ "مناطق آمنة"، ما يعني إمكانية إعادة اللاجئين بموجب القانون الدولي.
ثالثًا: إن التقارير الواردة من دمشق والحسكة والرقة، تشير الى توجّه لدى الأكراد للتخلي عن الأراضي التي يسيطرون عليها وإعادة منشآت النفط للدولة السورية، مقابل لامركزية إدارية موسعة، تمنحهم إياها دمشق، وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدل على توجه حاسم لدى الإدارة الأميركية للإنسحاب من الأراضي السورية في الوقت المناسب، وبعد الحصول على ضمانات من الجانب الروسي حول الوجود الايراني في سوريا.
رابعًا والأهم، تبقى منطقتي إدلب والمناطق التي يسيطر عليها الجيش التركي والتي احتلها بعد عمليتي "درع الفرات" و "غصن الزيتون"، خارج نطاق التفاهمات الأميركية الروسية، ومرتبطة بالقرارات التركية في اعتماد خيارات الحرب أو عدمها.
من ناحية المناطق التي يسيطر عليها الجيش التركي، يبدو من المبكر الآن الحديث عن حرب فيها، كون تحريرها يخضع لترتيبات غير عسكرية، ترتبط بالتفاهمات التركية الروسية في تلك المنطقة.
من ناحية إدلب، لقد كان الرئيس السوري حاسمًا في إعلانه أن تحرير محافظة إدلب سيمثل أولوية بالنسبة للجيش السوري في عملياته المقبلة. وتتسارع حشود الجيش السوري وحلفائه على أطراف المحافظة، تمهيدًا لبدء تلك المعركة.
لكن المعركة القادمة في إدلب قد تكون من المعارك الأصعب وذلك لسبيين: الأول؛ الحشد الهائل للمسلحين والارهابيين المتواجدين في إدلب والذين تمّ ترحيلهم من كافة المناطق السورية والذين ضاقت خياراتهم بين الاستسلام أو القتال حتى الموت، والثاني؛ الدعم العسكري واللوجستي الذي يمكن أن يقدمه الأتراك الى المسلحين في محاولة لإغراق الجيش السوري في معركة استنزاف طويلة الأجل.
إذًا، بناء على ما سبق، يبدو من المبكر الحديث عن انتهاء الحرب في سوريا بشكل تام طالما ما زال جزء مهم من الجغرافيا السورية خارج السيادة السورية. لكن الأكيد أيضًا أن سوريا تخطت أزمتها، وحتى لو طالت الحرب في الشمال السوري حصرًا بسبب تنازع الاستراتيجيات الدولية والاقليمية، يستطيع باقي السوريين في الداخل واللاجئون في دول الجوار اليوم العودة الى ديارهم، لنفض غبار المعارك عن مناطقهم، والبدء بإعادة الإعمار، على أن تلتحق بالركب فيما بعد تلك المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق