أعلن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان خلال اجتماع حزبي أنه سينفذ عملية عسكرية جوية وبرية شرق نهر الفرات في سوريا،
وهاجم فيها الولايات المتحدة بسبب الدعم الذي تقدمه للأكراد. وقال أردوغان: "أجرينا
استعداداتنا وأكملنا خطة العملية العسكرية في شرق الفرات، وأصدرنا التعليمات اللازمة
بخصوص ذلك، وسنقوم بتنفيذ العملية من البر والجو". وأضاف غامزًا من قناة الأميركيين
من دون أن يسميهم: "نقول لمن يبتسمون في وجهنا ويماطلوننا بأحاديث دبلوماسية من
أجل إبعاد بلدنا عن المنظمة الإرهابية إن الكلام انتهى".
وادعى أردوغان إن الرئيس الأميركي
دونالد ترامب أدرج مسألة انسحاب قوات بلاده من منطقة شرق نهر الفرات وإحلال القوات
التركية مكانها، لكن من هم حوله لم يعملوا إلى الان بتوصياته. وهكذا، يبدو أن خطة تسيير
دوريات مشتركة بين الأتراك والأميركيين قد باءت بالفشل.
واقعيًا، من الصعب التفكير بأن
أردوغان سيتجرأ على القيام فعلاً بتلك الحملة العسكرية، متحديًا الولايات المتحدة الاميركية
التي حذّرت على لسان المتحدث باسم "البنتاغون" من القيام بعملية عسكرية دون
تنسيق معها... لكن، يمكن القول أن التهديد الذي أطلقه أردوغان، يحقق له مصالح عدّة،
أبرزها ما يلي:
1- يريد أردوغان أن يستغل الإحراج الذي يعانيه ترامب في
الداخل بعد الهجوم الديمقراطي عليه ومحاولة عزله، فيحقق بعض المصالح أو التنازلات في
الملف السوري. في هذا الاطار، يريد أردوغان من ترامب أن يوكله بأمر الجغرافيا السورية
بالنيابة عنه، وذلك في حال أعاد ترامب التأكيد على رغبته في الانسحاب.
2- يدرك أردوغان أنه حتى لو وافق ترامب على تلك العملية،
فإنه لا يستطيع أن يقوم بها من دون موافقة كل من إيران وروسيا. والأكيد أن الايرانيين
والروس يفضّلون أن ينفذ أردوغان تعهداته في إدلب، مقابل التوصل الى حلّ لمسألة شرق
الفرات. فإذا كان الحل العسكري غير ممكن للتخلص من البؤرة الارهابية في إدلب، فلن يكون
بإمكان أردوغان اللجوء الى الحلّ العسكري لحل مسألة شرق الفرات بالمقابل.
بالنسبة لكل من إيران وروسيا،
يُفَضَل أن تقوم تركيا بنشر قواتها على حدودها مع سوريا، على أن ينتشر الجيش السوري
في المناطق السورية المحاذية، والتي يسيطر عليها الأكراد اليوم. يدرك كل من الروس والايرانيين
أن التلاعب بالجغرافيا وتقسيم الدولة السورية سواء عبر الموافقة الأميركية على إنشاء
كونتون كردي أو إنشاء منطقة آمنة يسيطر عليها الجيش التركي بذريعة إسكان واستقبل اللاجئين
من تركيا وأنحاء أوروبا، قد تتحول الى "دومينو" يهدد الشرق الأوسط برمته.
وعليه، لا يبدو من السهولة على
أردوغان شنّ تلك الحملة، وسيبقى شرق الفرات مرتبطًا بإدلب فإما أن تحلّ القضيتان بالتوازي
أو تستمر المماطلة الى أن يحين أوان الحلّ النهائي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق