2020/02/24

"حرب هجينة" على لبنان... ستفشل


ارتبط مفهوم "الحرب الهجينة" برئيس الأركان العامة الحالي لروسيا، الجنرال فاليري جيراسيموف. في مقال نشر عام 2013، نُشر في مجلة صناعة الدفاع الروسية، أوجز العناصر الرئيسية لما يُعرف - في الغرب- بمبدأ جراسيموف.
        حاول جيراسيموف في ذلك المقال، أن يشرح انطلاقًا من دروس "الربيع العربي"، كيف تطورت أساليب الحرب الشاملة التي تتجاوز الحدود بين السلام الحرب (حرب دائمة)، والتي توصف بأنها مزيج من عناصر مختلفة من القوة الناعمة والصلبة في مختلف المجالات.
شرح جيراسيموف كيف يتمّ استخدام قوات العمليات الخاصة والمعارضة الداخلية من أجل خلق جبهة عاملة بشكل دائم في أنحاء إقليم الدولة العدو كله، ووصّف كيف يختلط فيها استخدام المدني بالعسكري، والاقتصادي والعسكري والسياسي والثقافي، بالاضافة الى التكنولوجيا وحروب المعلومات والاستخبارات، واستخدام الآلة للتدمير والاغتيالات وسواها ... في هذه الحرب، يتم تسخير الآلة العسكرية للتهديد، ولكن أدواتها الحقيقية هي الاعلام والحرب النفسية والعقوبات الاقتصادية وحصار غير معلن.
وهكذا، نجد أن لبنان، الذي تعرّض في السابق لحروب من هذا النوع،  ما زال يعاني من محاولة اعتباره ساحة لتصفية حسابات خارجية اقليمية ودولية، وتستخدمه في حروب النفوذ في الشرق الأوسط. ويبدو أن فشل الآلة العسكرية وعدم قدرتها على تحقيق الأهداف في لبنان، قد دفع الى اعتماد وسائل أخرى؛ اعلامية، اقتصادية، ثقافية وغيرها...
لقد شهد الجميع كيف حاول البعض حرف التظاهرات التي قامت ضد الحكومة اللبنانية - والتي تطالب بحقوق اقتصادية واجتماعية وتطالب برفع الظلم عن اللبنانيين- الى عناوين سياسية خارجية، وعناوين خلافية أضرّت بالمتظاهرين أكثر مما خدمتهم.
وبالتوازي مع محاولة استغلال التظاهرات، عمّق الحصار المالي غير المعلن على لبنان أزمة اللبنانيين الاقتصادية بشكل غير مسبوق، زد على ذلك الشائعات والحروب النفسية الاعلامية المدفوعة والتي تموّلها أجهزة مخابرات وغرف سوداء لا تضمر سوى الشر للبنان وأهله.
لكن، صمود اللبنانيين وتعوّدهم على كافة أنواع الشائعات وتحمّل الضغوط، ورغبتهم في التحدي الدائم لما يراد أن يفرض عليهم من الخارج، جعلهم من أكثر شعوب العالم قدرة على الصبر والتحمل، والتكيّف مع الظروف.
ويمكن القول ان صمود اللبنانيين "الأوادم"، سيدفع الى تذليل العقبات التي يحاول البعض وضعها لمنع الاصلاح والتغيير الحقيقي، وتعطيل قدرة الحكومة الجديدة على تأمين الدعم الخارجي لتخطي الأزمة الاقتصادية والنقدية.
 ويمكن أن نذكر في هذا الاطار، المؤشرات الايجابية التي أتت من قبل كل من فرنسا والسعودية، حيث عبّر وزير المالية الفرنسي برونو لومير عن "استعداد بلاده لتقديم المساعدة المالية للبنان"، مشيرًا الى أنه "لا يجب خلط قضية تعافي الاقتصاد اللبناني بمسألة ايران". أما وزير المال السعودي محمد عبدالله الجدعان، فقال أن "السعودية على تواصل مع الدول المعنية بشأن لبنان وستواصل متابعة ما يحدث"، مؤكدا أن "السعودية كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني".
بالتأكيد، ستكرّ سبحة التصريحات الخارجية التي تعلن استعدادها لدعم لبنان (لأسباب متعددة)، وما على الدولة اللبنانية إلا أن تبرهن أنها جدية في استعادة الاموال المنهوبة ومكافحة الفساد ووقف الهدر، فلا يمكن أن نتصور أن أحدًا سيكون مستعدًا لدعم لبنان لتكرار نفس السياسات السابقة حيث قام المسؤولون بنهب الخزينة العامة وتهريب أموالهم الى الخارج في عزّ أزمة 17 تشرين. على الحكومة الجديدة، أن تبرهن للبنانيين والخارج، أنها على قدر الآمال المعقودة عليها، وتبدأ بالعمل الجدي للإصلاح، والبقية تأتي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق