2020/08/25

هل انتهت قيادة أميركا للعالم الغربي؟

 

 

تعرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمزيد من الخيبات على الصعيد الدولي، خاصة من الحلفاء الأوروبيين الذين - على ما يبدو- لم يعودوا مقتنعين بالقيادة الترامبية للعالم الغربي، فلقد ظهر من التصويت في مجلس الأمن في الملف الايراني وقبله، أن الأوروبيين لا يتعاطون اليوم مع الولايات المتحدة كما كانوا يتعاطون معها في السابق، أي بصفة القائدة لعالم غربي وليس مجرد الشريكة فحسب.

 

ويمكن أن نذكر أن التعاطي الأوروبي مع ترامب عام 2020، كان مليئًا بالخيبات، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:

 

الدعم الاوروبي لمنظمة الصحة العالمية بعد إعلان ترامب انسحابه منها، واعلان المفوضية الاوروبية أنها ستدعم المنظمة بالمال بعدما هدد ترامب بقطع التمويل ردًا على ما سماه "انحياز المنظمة للصين". هذا بالاضافة الى الرفض الأوروبي القاطع لتهديدات ترامب بفرض عقوبات على شركات أوروبية بسبب مساهمتها في مشروع السيل الشمالي 2، حيث اعتبر ترامب ان هذا يعطي روسيا استفادة جيوسياسية في حين أنه يطالب إلمانيا بشراء الطاقة من الولايات المتحدة ولو بأسعار أعلى.

 

ثم، رفض المسشارة الأميركية أنجيلا ميركل دعوة ترامب لعقد قمة الدول الصناعية السبعة في واشنطن، متذرعة بظروف كورونا، بينما يشير العديد من الباحثين الأميركيين والاوروبيين الى أن رفض ميركل أتى نتيجة لسياسات ترامب الدولية؛ خاصة أنها لم ترد أن تعطي ترامب دعمًا في سياسة العداء ضد الصين، ولم تكن موافقة على دعوته للروس الى القمة، بالاضافة الى أنها لم تكن تريد للقمة أن تظهر وكأنها تعطي ترامب دفعًا في الانتخابات الأميركية القادمة.

 

أما في الموضوع الايراني، فلقد رفض مجلس الأمن الاقتراح الأميركي الخاص بتمديد حظر الأسلحة على إيران والذي تنتهي مدته في تشرين الأول / اكتوبر القادم ( بحسب الاتفاق النووي لعام 2015)، باعتراض روسيا والصين، وامتناع 11 دولة عن التصويت، من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وقد اعتُبر هذا الرفض بمثابة ضربة هامة للدبلوماسية الأميركية، الأمر الذي جعل ترامب يهدد باستخدام آلية "سناباك" لإعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران.

 

ثم تلقت إدارة ترامب ضربة جديدة، بعدما أعلنت كل من بريطانيا وإلمانيا وفرنسا رفضهم إعادة تفعيل العقوبات الأممية على إيران، وفي بيان مشترك اعتبرت كل فرنسا وألمانيا وبريطانيا "أن الولايات المتحدة لم تَعد مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة بعد انسحابها من الاتفاقية" في "2018 وبالتالي لا يمكنها "أن تدعم هذه المبادرة التي تتعارض مع جهودنا الحالية الرامية لدعم خطة العمل الشاملة المشتركة". الأمر الذي  جعل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يعتبر أن "الحلفاء  الأوروبيين يختارون الانحياز إلى آيات الله الايرانيين".

 

كل هذه الأمور وغيرها، تشي بأن ترامب قد أدخل الولايات المتحدة في عزلة عن حلفائها، وجعل الحلفاء يتمردون على القيادة الأميركية للعالم التي يجدون أنها تتعسف في استخدام القوة، والتي باتت تضرّ بالاوروبيين كما تضرّ بسواهم من دول العالم.

 

وعليه، يبدو أن الانتخابات الأميركية القادمة، لن تكون فقط عنوانًا للتغيير في داخل أميركا، ولكنها ستضع القيادة الأميركية للعالم الغربي على المحك. إن عودة ترامب ستعني مزيدًا من التوتر العالمي ومزيدًا من الابتعاد الغربي عن السير خلف القيادة الأميركية. بينما فوز جو بايدن الذي يتوقع أن يطبّق نموذجًا تقليديًا للسياسة الأميركية الخارجية، حيث التعاون مع الشركاء والحلفاء لقيادة العالم، ولمحاولة نشر القيم الليبرالية عبر قيم التعاون وتشجيع التجارة الحرّة والابتعاد عن الحمائية، ومواجهة المعارضين والمنافسين من دول العالم عبر القوة الناعمة والثورات الملونة والابتعاد عن القوة العسكرية والحروب التجارية ما أمكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق