2020/08/31

هل يفلح أديب حيث عجز دياب؟

 

 

تبدأ في قصر بعبدا الاستشارات النيابية الملزمة اليوم، لإختيار رئيس حكومة لبنانية بات معروفاً تقريباً بعدما قام رؤساء الحكومة السابقين، بإعلان تبنيهم لمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، وبالتالي أعلنت معظم الكتل في الغالبية النيابية تأييدها له، حرصاً على الميثاقية والعيش المشترك.

 

وكان لافتًا أن مجموعة رؤساء الحكومة السابقين، قد أعلنوا لائحة من أسماء ثلاثة، لم يتركوا الخيار فيها كبيرًا للاختيار، حيث تمّ تسمية أسمين إضافيين الى اسم السفير اللبناني في إلمانيا السيد مصطفى أديب، وحيث يعرف هؤلاء أن الأسمين الإضافيين لن يمرا عند الرئيس عون لتورطهما في قضايا مختلفة، وبالتالي إن الأصرار على أحدهما، يعني إعادة الاستشارات النيابية، إذ سيخسر المرشح المقترح من قبلهم الميثاقية المسيحية كون مرشح القوات اللبنانية كان وما يزال السفير اللبناني الأسبق في الامم المتحدة نواف سلام.

 

وبما أن النتيجة شبه محسومة بتسمية السفير مصطفى أديب، يهمنا أن نركّز على بعض الملاحظات لما سيأتي:

 

أولاً- أن التوافق السياسي لم يأخذ بعين الاعتبار موقف الشارع اللبناني من التسوية التي حصلت والتي ما زالت تأخذ بعين الاعتبار المحاصصة الطائفية وتحصر التسمية بأشخاص معينين، يحتكرون التكلم باسم الطوائف.

 

لقد تبين من اللائحة المسربة من اجتماع رؤساء الحكومة السابقين ومن التجارب السابقة، أن المتكلمين باسم الطوائف من الأحزاب السياسية كافة، أما يحتكرون السلطة لأنفسهم وعائلاتهم، أو يعمدون الى تهميش الكفاءات والشخصيات الفذّة في طوائفهم ويختارون الاضعف من بين "الرعايا" لئلا يشكّل تهديدًا لنفوذهم وللوارثة السياسية التي يحضّرون الأجواء لها، وذلك تيمنًا بالاقطاع القديم الذي كان يحتكر العلم والقيادة له ولأبنائه.

 

ثانياً- هل سيستطيع أديب أن يحقق ما لم يستطع حسان دياب أن يفعله، والرجلين يتشابهان في الخلفية السياسية والأكاديمية؟ وهل  سيسير السفير مصطفى أديب بالاصلاحات الاقتصادية ومنها مكافحة الفساد التي ستسمح بتدفق الأموال على لبنان، علماً أن هناك العديد من الملفات التي تتورط فيها جهات سمّت السيد أديب وزكّته الى هذا المنصب؟

 

ثالثاً- هل سيكون مسار التأليف معبّداً أمام رئيس الحكومة الجديد؟ وماذا عن التحاصص الطائفي والحرد الابتزازي، وادعاء الكتل المجهرية بحقها في وزارات خدماتية وأكثر من نسبة تمثيلها في البرلمان، كما حصل مع تيار المردة خلال تشكيل حكومة حسان دياب؟

 

رابعاً والأهم- هل سيستطيع أديب أن يتخطى الألغام التي ستنوجد داخل حكومته، والتي تهدد بتفجيرها كلما وصل الامر الى إقرار قانون يطال الفاسدين من النافذين السياسيين وأزلامهم؟

 

إن الملاحظات السابقة وغيرها، تشي بقدرة الدولة العميقة وأزلامها وسياسييها وأعلامييها على تقويض الحكومة اللبنانية الجديدة كما حصل مع حسان دياب. وللأسف، لم يعد أمام اللبناني إلا أن يأمل خيرًا بالضغوط الخارجية التي تدعو الى الاصلاح، والتي تربط الاصلاحات بالمساعدات التي يحتاجها لبنان بشكل كبير.

 

لقد بيّنت الأحداث منذ ما قبل 17 تشرين ولغاية اليوم، أن معظم المشاكل والكوارث تمّ افتعالها داخلياً لملاقاة الضغوط الخارجية على لبنان، ولإعطاء قوة دفع لسياسة الضغوط القصوى التي تمارسها إدارة ترامب على لبنان، فهل يتعظ الساسة اللبنانيون، بعدما شاهدوا بأم العين أن غرق المركب اللبناني سيُغرق الجميع بمن فيهم أركان الدولة العميقة نفسها؟ نتمنى ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق