2020/12/08

الانتخابات الايرانية 2021: هل يتريث بايدن في رفع العقوبات؟

 

في مؤشرات واضحة لرغبته بالعودة الى الاتفاق النووي، تحدث الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن عن رغبته بالعودة الى الاتفاق النووي، معتبراً أن الحد الأدنى الذي من المفترض الوصول له هو "منع ايران من امتلاك السلاح النووي"، معتبراً ان خروج ترامب من الاتفاق كان خطيئة فبدلاً من ان يمنع ايران من ممارسة أنشطتها النووية وبدل أن يدفعها بفعل الضغوط القصوى والعقوبات للعودة الى طاولة المفاوضات، ساهمت سياساته في رغبة ايران في التخلي عن التزاماتها الدولية والعودة الى التخصيب النووي فوق السقف المتفق عليه.

 

عملياً، باشتراط إيران العودة عن جميع العقوبات التي فرضت في هذه الفترة لقبولها بالعودة الى اتفاق عام 2015، تدور الكثير من التكهنات حول تصرف إدارة جو بايدن ومدى سرعتها ومرونتها في العودة الى الاتفاق النووي مع ايران، خاصة في ظل اتجاه الايرانيين الى انتخابات في حزيران من العام القادم، وحيث تدخل الحماسة الانتخابية أوجها بدءًا من أواخر آذار 2021. وفي هذا الاطار يمكن الحديث عن خيارات ثلاث:

 

- الخيار الاول: أن ينتظر بايدن نتائج الانتخابات الايرانية كما انتظر الايرانيون نتائج الانتخابات الأميركية، فيقرر على ضوئها، فليس من المنطقي منح مكاسب لسلطة إيرانية قد لا تبقى في الحكم.

 

- الخيار الثاني: أن يعمد بايدن الى التسريع بالعودة الى الاتفاق مع ايران، لاستغلال زخم رفع العقوبات والعودة الى الاتفاق للتأثير على نتائج الانتخابات الايرانية الداخلية.

 

- الخيار الثالث: أن يعتمد بايدن سياسة "خطوة خطوة"، فيتدرج في رفع العقوبات في مرحلة أولى قبل الانتخابات وصولاً الى المفاوضات في فترة ما بعد الانتخابات الايرانية.

 

عملياً، إن الظروف المحيطة بالعودة الى الاتفاق النووي لعام 2015، قد تكون معقدة ومتشعبة، ومرتبطة بظروف دولية واقليمية لعل أبرزها:

 

1 - ظروف الانتخابات الإيرانية القادمة، وحيث سيكون أي أمر داخلي أو خارجي مثاراً للاستثمار انتخابياً من قبل المرشحين المتنافسين.

 

أثار اغتيال العالم النووي الايراني موجة من الانتقادات الداخلية للحكومة الاصلاحية، حيث أشار البعض الى أن الاتفاق النووي وسماح طهران بمقابلات لوكالة الطاقة الذرية مع فخري زادة هو من ساهم بكشفه ثم اغتياله، وهو الأمر الذي نفته السلطات الحكومية بشدة، نافية أن يكون فخري زادة قد قابل موظفي الوكالة.

 

وبالمثل، إن مجيء بايدن الى البيت الابيض في الولايات المتحدة وقيامه برفع العقوبات التي وضعها دونالد ترامب على ايران سوف يقوي موقف الاصلاحيين في الانتخابات القادمة، بينما وضع شروط تعجيزية كمثل التفاوض على الصواريخ الباليستية الايرانية وبقاء العقوبات وبالتالي بقاء الازمة الاقتصادية والاجتماعية على أشدها، سوف يدفع المحافظين الى استغلال الوضع لمصلحتهم في الانتخابات القادمة.

 

2- الموقف الاسرائيلي الذي سيضغط على إدارة بايدن لعدم التنازل في الموضوع الايراني، ولاستثمار الضغوط القصوى التي فرضها ترامب من أجل إجبار إيران على تقديم التنازلات في ملف الصواريخ الباليستية ولتقليص نفوذها الاقليمي ودعم قوى مثل حزب الله وحماس وغيرها.

 

هذا الموقف الاسرائيلي وجد صداه مبكراً في تصريح الخارجية الألماني هايكو ماس الذي اعتبر إن الاتفاق النووي السابق مع إيران لم يعد كافياً، ودعا إلى توسيعه ليشمل البرامج الباليستية الإيرانية والدور الإيراني في المنطقة، مؤكداً أنه تفاهم بشأن هذه النقاط مع نظيريه الفرنسي والبريطاني.

 

3- الموقف الخليجي المدعّم اسرائيلياً بالمصلحة المشتركة وباتفاقيات التطبيع التي عززت وضع الخليجيين مع أي إدارة أميركية مقبلة، حيث سيتذرع الخليجيون بالقلق الأمني الذي تشكّله ايران عبر شبكة صواريخها وأسلحتها، ووكلائها في المنطقة خاصة الحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي في العراق.

 

وعلى هذا الأساس، ستجد إدارة بايدن نفسها مضطرة للموازنة بين هذه الضغوطات، إذ ليس من مصلحة الغرب والأميركيين ان يتم هزيمة الاصلاحيين في إيران وعودة التشدد الى السياسات الايرانية، خاصة في ظل وضع صعب انتخابياً عاشه الاصلاحيون بعد مجيء دونالد ترامب وتراجعه عن الاتفاق النووي والعودة الى العقوبات، كانت مؤشراته واضحة في الانتخابات البرلمانية الايرانية عام 2020، التي فاز فيها المحافظون بأغلبية ساحقة، وتدنت نسبة المشاركة فيها الى حوالي 40% بينما لم تقل هذه النسبة عن 50% طيلة 40 عاماً.

 

ويحتاج التيار الاصلاحي الى رافعة انتخابية حقيقة مثل رفع العقوبات، خاصة في الظل التردي الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، وقوة التيار المحافظ داخلياً، والمعارضة الايرانية للثورة في الداخل والخارج التي كانت "تأمل" ان تؤدي عقوبات ترامب على المجتمع الايراني الى تقويض الحكم الديني برمته، وإسقاط النظام الايراني. 

 

وعليه، وفي دراسة للخيارات المتاحة أمام بايدن، نتوقع أن تعتمد الإدارة الأميركية القادمة مبدأ "التقدم خطوة خطوة"، بحيث:

 

-  تؤجل التفاوض على العودة الى الاتفاق الى ما بعد الانتخابات الايرانية في حزيران 2021، وأن تقوم برفع العقوبات الجديدة التي فرضها ترامب بصورة تدريجية.

 

- تعمد الإدارة الجديدة الى رفع بعض العقوبات لتحفيز جهود مكافحة كورونا، ولدواعٍ إنسانية وسواها، تريح المجتمع الايراني وتخدم التيار الاصلاحي مقابل تعهد ايراني بوقف زيادة التخصيب النووي والعودة الى بعض شروط اتفاق 2015 التي كانت ايران قد خرقتها نتيجة لعقوبات ترامب.

 

- تبقي بعض العقوبات التي فرضها ترامب للمساومة في مرحلة لاحقة، حيث يتم استثمارها بعد الانتخابات للعودة الى المفاوضات على الاتفاق النووي، ستكون نتائجها مرتبطة بقوة المفاوض الايراني والأوراق التي يملكها في مقابل الضغوط الخليجية والاسرائيلية وتوزيع الادوار بين الأميركي والأوروبي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق