2021/01/08

بعد الانقلاب الفاشل: هل تشكّل ايران "فشة خلق" لترامب؟


 8 january 2021

في مشهد غير مسبوق في الولايات المتحدة، اقتحم مجموعة من المتظاهرين المؤيدين للرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب، مبنى الكونغرس في محاولة لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية وعدم التصديق على فوز جو بايدن.

 

واقعياً، لم تكن محاولة الانقلاب التي قام بها ترامب وأنصاره مفاجئة، فكل التقارير الصحفية والتصريحات المختلفة، كانت تشير الى أن ترامب ومعاونيه يدرسون بجدية القيام بانقلاب وأن صديقه ومستشاره (الخارج من السجن بعفو رئاسي) الجنرال مايكل فلين يحاول أن يضع تصوراً لإنقلاب عسكري يقلب بموجبه نتائج الانتخابات لصالح ترامب.

 

وكما يبدو، لم يكن في يد ترامب سوى تحريض أنصاره من الغوغاء لكي يقتحموا مبنى الكونغرس خلال التصديق على نتائج الانتخابات، بعدما أسقط من يده القدرة على استخدام الجيش الأميركي في الداخل، فقد أعلن العديد من القادة العسكريين ورئيس هيئة الأركان المشتركة - بوضوح - أن الجيش لن يتدخل في الانتخابات ولا في السياسة الداخلية، وأن القسم على الدستور يجعل من الجيش موالياً للدستور فحسب وليس لفرد أو ملك أو رئيس...

 

والآن، أين يتجه ترامب بعد محاولة الانقلاب الفاشلة؟

 

داخلياً-  يبدو ترامب في أضعف لحظة في مسيرته السياسية، خاصة بعد تخلي نائب الرئيس مايك بنس والعديد من أعضاء الحزب الجمهوري عنه، بعدما لمسوا أن تأييدهم لترامب قد يودي الولايات المتحدة الأميركية الى حرب أهلية، أو الى فوضى عارمة سوف تدمر أميركا من الداخل.

 

خارجيًا، وخاصة في موضوع التهديدات لإيران:

 

خلافاً للقيود التي ينصّ عليها الدستور حول تدخل الجيش الأميركي في الداخل وفي الانتخابات، فإن ترامب ولغاية آخر يوم من ولايته، يمكن له أن يأمر بشنّ ضربات على أهداف خارجية، وبالتالي، ما زال يملك الصلاحيات الكافية لذلك.

 

في هذا الإطار، يمكن أن تشهد الايام القليلة المتبقية من ولاية ترامب، سيناريوهان:

 

- السيناريو الاول: أن تكون محاولة الانقلاب الفاشلة قد أضعفت ترامب وجعلته يتراجع عن الأعمال العدائية التي كان ينوي القيام بها ضد إيران.

 

- السيناريو الثاني: أن يستغل ترامب الأيام الأخيرة المتبقية له في ولايته الرئاسية، فيقوم بالانتقام من الايرانيين ومن جو بايدن الذي يتحضر للعودة الى الاتفاق النووي، فيأمر بشنّ ضربات صاروخية على مواقع إيرانية بذرائع متعددة.

 

كما يبدو من مسار الأمور ومن شخصية ترامب النرجسية، لا نستبعد أن يستمر ترامب في التفكير في شنّ ضربات على إيران حتى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة:

 

تتميز شخصية ترامب النرجسية بحاجته الدائمة الى إظهار القوة والانجاز، لذلك هو لا يتقبل الخسارة بسهولة، وكما لم يستطع تقبّل خسارة الانتخابات الرئاسية، فإنه لن يتقبل أن يكون قد فشل في استراتيجيته ضد إيران، بالرغم من كل الضغوط القصوى التي مارسها، لذا من المؤكد أنه ما زال يفكر جدياً في الانتقام من الإيرانيين.

 

وللدلالة على شخصيته التي لا تتقبل الهزيمة ولا تعترف بالخسارة، يكفي أن نقرأ في البيان المكتوب الذي أصدره ترامب بعد فشل الانقلاب الذي حضّر له، والذي قال فيه أنه "يتعهّد بالانتقال المنظم للسلطة في 20 كانون الثاني/ يناير على الرغم من إنه لا يتفق مع نتيجة الانتخابات"  وأضاف في جملة معبّرة؛ "بينما يمثل هذا نهاية أعظم ولاية أولى في تاريخ الرئاسة، إلا أنها مجرد بداية لمعركتنا لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى!"

 

من ناحية أخرى، وبما أن ترامب يطمح الى أن يترشح للانتخابات في الدورة القادمة عام 2024، فإنه يعتقد أنه إمكانياته للفوز سوف تكون أفضل بضرب إيران لإرضاء القاعدة الانجيلية المؤيدة لإسرائيل التي انتخبته ومنحته مئات الملايين من الأصوات بالرغم من عدم كفاءته.

 

إذًا، يختصر وضع ترامب اليوم برئيس غاضب متهور، يملك بموجب الدستور الأميركي- في الوقت القليل المتبقي لديه -  الكثير من الصلاحيات الخارجية خاصة في المجال العسكري، وليس لديه ما يخسره على الصعيد الشخصي، لذا قد يلجأ الى إحداث الضرر على الصعيد الدولي وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.

 

وعليه، نجد أن السيناريو الثاني هو الأكثر ترجيحاً، أي أن ترامب بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لن يتراجع بل سيكون أكثر إصراراً على القيام بمغامرة عسكرية في الخارج لحفظ ماء الوجه والانتقام من الداخل والخارج معاً، وبالتالي سيشكّل الشرق الأوسط "فشة خلق"، إلا إذا رفضت قيادات البنتاغون تنفيذ الأمر الرئاسي، واستغلت ضعف ترامب لعدم جرّ منطقة الشرق الأوسط الى الفوضى. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق