2022/09/26

احتجاجات إيران 2022: إلى أين؟



تتجه الأنظار منذ أيام عدّة الى إيران، بسبب موت فتاة كانت محتجزة لدى "شرطة الاخلاق"، وانتشرت بعدها التظاهرات سواء المناهضة للسلطة أو المؤيدة لها، وكثر الحديث الاعلامي الغربي والعربي عن أن النظام الايراني يترنح بفعل ما يحصل في الداخل من تطورات.

واقعياً، وبعد النظر ومراجعة حركة الاحتجاجات الايرانية منذ عام 2009، ولغاية الآن، نجد أن "سقوط النظام الايراني" نتيجة المظاهرات الجديدة اليوم هو أمر صعب، فقد سبقها احتجاجات أقوى واكبر في سنوات سابقة، ونورد ما يلي:

1- "الثورة الخضراء" 2009:

حصلت احتجاجات في إيران بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الايرانية، والتي فاز فيها أحمدي نجاد، بعد أن وصف المعارضون نتيجة الانتخابات بالمزورة وشكك فيها جميع مرشحي المعارضة.

نزل المتظاهرون المؤيدون للطرفين الى الشارع، وأدت المواجهات الى مقتل عشرات الاشخاص. واستمرت الاحتجاجات أشهراً طويلة، ولم تهدأ إلا في أوائل عام 2010، وشكّلت انقساماً حقيقياً وشرخاً سياسياً في نظام الثورة الاسلامية بين مؤيد لنجاد ومؤيد للمعارضة له من سياسيين معارضين وهم من الوجوه البارزة في السياسة الايرانية.



2- احتجاجات 2017-2018:

بدأت الاحتجاجات في مشهد وامتدت الى المدن الايرانية، كان سببها "المشاكل الاقتصادية والاجتماعية"، حيث اتهم الايرانيون حكومة الرئيس السابق حسن روحاني بعدم الالتفات الى المشاكل الاقتصادية والمصاعب الاجتماعية في البلاد.



3- احتجاجات 2019 – 2020:

وهي الاعنف والأكبر على الاطلاق، بدأت الاحتجاجات في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2019، في الأحواز، بعد أن أعلنت الحكومة زيادة سعر البنزين بنسبة 300٪، وامتدت الى العديد من المدن الايرانية حيث طالب المتظاهرون باستئصال الفساد وتحقيق مطالب اقتصادية واجتماعية. بالمقابل، نزلت تظاهرات مضادة داعمة ومؤيدة للسلطة. وكانت نتيجة هذه الجولة من الاحتجاجات التي استمرت لغاية منتصف كانون الثاني / يناير عام 2020، المئات من الضحايا.


وهكذا، وبعد إجراء مقارنة بين هذه الاحتجاجات وهي الأكبر على صعيد إيران، نجد أن الانقسام السياسي الأكبر داخل النظام كان عام 2009، اي في "الثورة الخضراء"، حيث كان للثورة قادة بأسماء ووجوه وبرامج سياسية واضحة، بينما تبدو جميع المظاهرات التي تلتها في السنوات اللاحقة هي ذات طابع اقتصادي اجتماعي ولا تدخل الى صلب النظام وأسسه ومبادئه القائمة على أساس الثورة الاسلامية، ولا تطرح نفسها بديلاً سياسياً للسلطة الحاكمة.


في المحصلة، من الصعب أن تكون نتيجة التظاهرات الحالية هو سقوط النظام الايراني أو "سقوط الثورة الاسلامية" في إيران، كما تقول العديد من المواقع والصحف الغربية والعربية، فهذه التظاهرات تكتفي بشكل عام بمطالب اجتماعية وتحجيم سلطة "شرطة الاخلاق" وبعض المطالب الأخرى التي لا تدخل في صلب تغيير النظام السياسي الايراني ولا قادة واضحين لها، وإن كانت ستدفع المعنيين في السلطة الى النظر في مطالب الناس سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو القانونية أو سواها.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق