2023/01/02

2023 ... هل يصلّي اردوغان في الجامع الأموي؟

ليلى نقولا

بعد 11 سنة من الحرب في سوريا والتي شاركت فيها تركيا كما العديد من الدول العربية والأوروبية والأميركيين لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، عقد اجتماع ثلاثي في موسكو بين وزارء دفاع كل من روسيا وتركيا وسوريا، بعد سلسلة اجتماعات تحضيرية تقنية سبقته. ومن المتوقع أن يكون هناك اجتماع لاحق بين وزراء الخارجية للتنسيق على الأمور السياسية، وتتوّج المباحثات ومسار المصالحة بلقاء بين الرئيسين أردوغان وبشار الاسد.

 

وبحسب التقارير الصحفية المعلنة، تباين ما نشرته وسائل الاعلام السورية عما نقلته الوسائل التركية عن اللقاء والاتفاقات التي حصلت فيه، فبينما أفاد الإعلام السوري "أن الاجتماع السوري التركي الروسي في موسكو خلص إلى موافقة أنقرة على الانسحاب الكامل من شمال سوريا"، والاتفاق المشترك على أن "حزب العمال الكردستاني يشكل الخطر الأكبر على سوريا وتركيا"، ركّزت التصريحات التركية على "التأكيد التركي على سيادة سوريا" (بدون تفاصيل أخرى)، وأكدت على ضرورة عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، وعلى ضرورة التخلص من الخطر الأرهابي المتمثل بداعش وحزب العمال الكردستاني".

 

وهكذا، وبما يبدو عليه مسار الأمور والمصلحة المشتركة السورية التركية من هذا التقارب، يمكن القول أن لا شيء يمنع وصول المسار الى خواتيم جيدة، لكن تبقى بعض الأمور التي يجب حلّها كما يلي:

 

أولاً: تباين الأولويات:

لا شكّ أن سيادة سوريا على ارضها وإنسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، يبدو الأهم بالنسبة للسوريين، بينما يبدو ملف عودة اللاجئين هو الأكثر إلحاحاً بالنسبة لأردوغان لأن ذلك مرتبط بالانتخابات التركية القادمة، ووتخوفه من خسارة الانتخابات بسبب الاستياء الذي يشعر به الأتراك بوجود أكثر من مليوني لاجئ سوري يقاسمونهم الوظائف والبنى التحتية، ويتم تحميلهم مسؤولية التراجع الاقتصادي في الداخل التركي.

 

على هذا الأساس، ليس من المتوقع أن يقوم السوريون بتسهيل موضوع عودة اللاجئين بدون أن يحصلوا على مكاسب فيما خصّ انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، وإغلاق ملف إدلب ومحيطها التي تأوي الجماعات المسلحة المعارضة.

 

ثانياً: ملف الأكراد وموقف واشنطن:

تتقاطع مصالح كل من دمشق وأنقرة في موضوع التخلص من سيطرة الأكراد على جزء من الجغرافيا السورية، لكن المشكلة تكمن في موافقة الأميركيين على إنهاء سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" على الشمال الشرقي السوري، حيث تعتبر واشنطن أن تحالفها مع "قسد" أساسياً في محاربة الارهاب (داعش). ويبقى الموقف الأميركي حاسماً في هذا الإطار.

 

ثالثاً: المواقف الاقليمية:

كانت إيران أول الداعين الى مصالحة سياسية بين تركيا وسوريا، وقد تكون هذه المباحثات اليوم، نتيجة لمبادرة  أطلقها وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان السنة الماضية، وكانت تهدف الى تجنب النزاع بين البلدين بعد التهديد التركي بعملية عسكرية في الشمال السوري.

أما الموقف الخليجي، فلا يبدو رافضاً – لغاية الآن- لمسار التسويات التي تجريها موسكو بين السوريين والأتراك، فبالأساس خرجت المعارضة التي تدين بالولاء للخليجيين من المعادلات الميدانية في سوريا، وسيرحب العرب بأي حلّ يخفف اعتماد السوريين على إيران.

 

بالنتيجة، قد لا يكون أمراً بعيداً أن يشهد العالم مصافحة تاريخية بين الأسد وأردوغان السنة المقبلة،  ويصلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجامع الأموي بمعية الرئيس السوري بشار الأسد... وقد يستفيد لبنان من تلك المصالحة التي ستتوّج بعودة اللاجئين السوريين في تركيا الى بلادهم، بأن يسمح له بإعادة اللاجئين السوريين في لبنان الى ديارهم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق