2023/05/22

ملاحظات ثلاث على هامش القمة العربية


ليلى نقولا

نجحت القمة العربية المنعقدة في جدة في "لم شمل" العرب بدعم من المملكة العربية السعودية التي تتبنى سياسة خارجية متوازنة في العالم، وسياسة "صفر مشاكل" واستقرار في المنطقة.
وكان الحدث الأبرز على صعيد القمة هو حضور الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة منذ إخراج سوريا من الجامعة العربية عام 2011، أما الحدث الثاني فكان حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الى القمة وإلقائه خطاباً دعا فيه العرب الى دعم بلاده.
ولا شكّ أن هذه القمة استثنائية بكل معنى الكلمة، ويمكن تسجيل الملاحظات التالية:

أولاً: في مغزى حضور زيلينسكي
لا شكّ ان حضور زيلينسكي الى القمة والذي جاء بناءً على دعوة سعودية، يعكس حرصاً من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على عمق العلاقة التحالفية مع الولايات المتحدة وعدم الظهور بمظهر المنحاز أو المعادي للأميركيين في المنطقة.
على سبيل المثال، وقبيل عقد تفاهم إيراني سعودي برعاية الصين، قامت السعودية بتخصيص 400 مليون دولار مساعدات الى أوكرانيا، وأعلن البيت الأبيض أن شركة بوينغ أتمت صفقتين مع السعودية: واحدة لتدشين شركة طيران جديدة والأخرى لتوسيع أسطول قائم - تقدر قيمتها بنحو 37 مليار دولار، حيث ستقوم الشركة الأميركية بتصنيع ما يصل إلى 121 طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر لصالح السعودية.
وهكذا، بدعوة زيلينسكي وإلقائه كلمة، تكون السعودية قد أكدت أن عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية محصورة بإيجابية عودة سوريا فقط، وليست انتصاراً لمحور روسيا- إيران- سوريا على المحور الأميركي في المنطقة.

ثانياً: الموقف الأميركي من التطبيع مع الأسد
بدأ مسار الانفتاح على سوريا في العام 2018 مع الاردن والامارات العربية المتحدة، وهما الحليفتان الأبرز للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يكن ليتوانى عن تهديد الدولتين لو أن الأمر لم يكن منسقاً معه.
واليوم، وعشية عودة سوريا الى الجامعة العربية، أعلنت الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن اتصل بنظيره المصري سامح شكري (2 أيار /مايو 2023) وناقشا اجتماع عمان بشأن سوريا، وشدد بلينكن على "أن أولئك الذين يتعاملون مع نظام الأسد يجب أن يوازنوا بعناية كيفية تلبية هذه الجهود لاحتياجات الشعب السوري"، ما يعني أن بلينكن لم يهدد الدول العربية "المطبعة" مع سوريا بعقوبات ولم يرفض تلك المبادرات كما يحاول البعض أن يشير بمعرض الحراك المعترض في الكونغرس، بل طالب بلينكن أن يحقق "التطبيع" احتياجات الشعب السوري.

ثالثاً: الفوائد لسوريا
لا شكّ أن أكثر ما طغى على بيانات القمة والمسؤولين العرب حول سوريا هو الموضوع الانساني وموضوع إعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم.
بعكس ما أراده الغرب من الامساك بملف اللاجئين لفترة طويلة، وهو ممارسة الضغط على الحكومة السورية لأخذ مكاسب سياسية، تحوّل هذا الملف مع الوقت الى "ورقة" بيد الحكومة السورية، حيث باتت الدول المجاورة وحتى الدول الأوروبية تريد إنهاء هذا الملف الذي تحوّل قنبلة موقوتة تهدد جميع من يستضيف أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين.
وهكذا، يشكّل هذا الموضوع أولوية لكل من الاردن وتركيا ولبنان، لكنه لا يعتبر ملفاً ضاغطاً على الحكومة السورية التي تتركز أولوياتها على استعادة أراضيها وتحقيق إعادة الاعمار وتخفيف الحصار، ثم إعادة اللاجئين.
وبالنسبة لنتائج القمة العربية، والتي لا يعوّل كثيراً على قدرتها على رفع الحصار الغربي عن سوريا في وقت قصير، لأن الامر مرتبط بأجندات دولية متشعبة ومعقدة، لكنها، على الأقل يتوقع أن تحقق انفراجاً في ملف المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وملف اللاجئين.
من المتوقع أن تقوم المبادرة العربية على إعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين الى بلادهم مقابل إعادة إعمار مناطقهم وتحقيق قدرتهم على العيش فيها، وهو ما تضمنته مبادرة عمان والمبادرة الكويتية حول سوريا. وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في المؤتمر الصحفي بعد القمة العربية، حيث قال "نعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم وسنعمل مع شركائنا الغربيين والأمم المتحدة لتحقيق ذلك"، و"سندعم مشروعات التعافي الاقتصادي في سوريا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق