لم يكن مستغرباً أن يقاطع صقور 14 شباط المسيحيون قداس عيد الفصح في بكركي، متقاطعين مع المقاطعة التي يحاول أن يفرضها الغرب على البطريرك، خصوصاً بعدما أعلن هؤلاء أنفسهم رأس حربة في "الثورة السورية" ضد النظام، غير آبهين كما في كل مرة بنتائج خياراتهم على المسيحيين في لبنان وعلى هؤلاء في المشرق ككل.
لا يمكن لأي عاقل أن ينسى أن نتائج خيارات هؤلاء في الماضي، خصوصاً حروبهم العبثية بين بعضهم البعض، أدّت إلى قتل المسيحيين وتهجيرهم، ثم محاولة استقوائهم بـ"إسرائيل" ضد الآخرين في الوطن، التي استتبعها وصم المسيحيين بالعمالة لـ"إسرائيل"، ثم الخيار الذي اتخذته القوات اللبنانية بالتعاون مع الطيران السوري على دكّ قصر بعبدا بالقذائف، وذلك نتيجة لاتفاق أبرمه سمير جعجع مع الرئيس حافظ الأسد للتخلص من العماد ميشال عون (التعهد والاتفاق موقع بيد سمير جعجع ومنشور في كتاب الياس الهراوي).. وغيرها من الخيارات التي لم تؤدِ إلا إلى تهميش المسيحيين وإقصائهم وتقليص دورهم.
واليوم، يقاطع هؤلاء سيد بكركي، توافقاً مع مقاطعة الغرب له بسبب مواقفه من سورية ومن الصراع الدائر فيها، علماً أن هذه حدّة المواقف وسقفها العالي، تجعلنا ندرج ملاحظات عدة أهمها:
أولاً: إن ما ظهر مما تسمى الثورة السورية والتباينات التي بين أعضائها، والتقارير التي تظهرها وسائل الإعلام المختلفة، لا توحي بأنها ثورة سلمية تنشد الحرية والديمقراطية للشعب السوري، وما التقارير الأخيرة التي أشارت إلى الجزارين الموجودين في طرابلس للعلاج، إلا دليل ساطع على عدم قدرة أي عاقل على تأييد هؤلاء في فرحهم "بقطع الرؤوس من الوريد من الوريد"، أو نحر الرقاب لأن "الرصاصة خسارة في الكلاب الشاردة".
ثانياً: إن الادّعاء بمعارضة مواقف بكركي لأنها تقف ضد "ربيع الشعوب"، هو ادّعاء مزوّر، فها هي استطلاعات الرأي المختلفة في سورية والتي يقوم بها "المعادون للنظام السوري من الدول العربية الخليجية والأوروبية، تعطي الأسد أرجحية شعبية تتراوح بين 55 في المئة و70 في المئة، وهذه النسبة الأخيرة كشفتها مؤخراً تقارير دبلوماسية أوروبية، مؤكدة أن شعبية الأسد زادت بعد الأحداث في سورية ولم تضعف.
ثالثاً: تفرح القوات اللبنانية اليوم ورئيسها، بالإطراءات التي يغدقها عليه تيار المستقبل، مستخدمينه ناطقاً باسمهم في معركتهم ضد النظام السوري، محرضينه على خطاب غرائزي وتجييش ضد النظام السوري، علماً أأن ذلك قد يكون في مصلحة المستقبليين ومَن وراءهم من الدول الخليجية، ولكنه ليس في صالح مسيحيي لبنان ولا مسيحيي سورية بشيء، فبماذا نفعت "الديمقراطية الأميركية" المسيحيين العراقيين، وكيف ستنفعهم في مصر، وماذا حققت "الثورة السلمية السورية" لمسيحيي حمص الذين تهجروا من مناطقهم، في أخطر فصل مذهبي تشهده سورية منذ استقلالها؟
ولو سلّمنا جدلاً، أن معركة القوات رابحة ضد النظام السوري، فالبديل السوري الذي سيحكم أحد أمثلة معروفة تماماً من قبل اللبنانين: مثال عبد الحليم خدام، المشهور بمآثره التدميرية للبنان، أو رفعت الأسد المعروف بتنكيله للمعارضين سواء اللبنانيين أم السوريين، أم التيارات التكفيرية التي لا تقبل شريكاً، ولا تقبل مخالفاً لرأيها في طائفتها، فكيف ستقبل الاختلاف المسيحي، ولنا في فتوى تدمير الكنائس عبرة جيدة للاتعاظ والوعي لما قد يأتي.
رابعاً: كان على سمير جعجع قبل أن يطلق مقولته الشهيرة "فليحكم الإخوان"، أن ينتظر ليرى مدى ديمقراطية هؤلاء "الإسلاميين الجدد" المدعومين من أميركا والغرب والذين يتحضرون للحكم في المنطقة، فها هي "ديمقراطيتهم" تظهر في تونس التي تشهد حركات احتجاج يتخللها عنف لم تشهده العاصمة التونسية من قبل، حيث تنفذ الشرطة بأوامر من السلطة السياسية الجديدة الحاكمة، هجمات على المتظاهرين بالهراوات، وتقوم بعمليات توقيف وسجن للمتظاهرين السلميين.
خامساً: يبدو أن مقاطعة بكركي من قبل فريق 14 شباط المسيحي، ليست بسبب خياراته السياسية الإقليمية والعربية فحسب، أو لأنه يقف في وجه المشروع الغربي المعدّ لتفتيت المنطقة وإغراقها في حروب مذهبية وطائفية، تُدخلها في نفق من الجهل والاقتتال الداخلي لتأمين أمن "إسرائيل" وإراحتها، بل قد تبدو الأسباب الداخلية مهمة أيضاً، ومنها تأييد الراعي لقانون الانتخاب النسبي الذي يسمح للمسيحيين باختيار نحو 80 في المئة من عدد نوابهم، فيما هي اليوم لا تتعدى الـ40 في المئة، فكرمى لعيون جنبلاط وتيار المستقبل، اللذين يخسران بقانون النسبية حجمهما المضخم، يعارض مسيحيو 14 شباط هذا القانون، وهم مستعدون للسير بقانون الستين، الذي يسمح للمستقبل باختيار النواب المسيحيين، ووضعهم "وديعة" لدى القوات والكتائب.
في الحقيقة، كثيرة هي الأسباب المعلنة والمضمرة لهجوم هؤلاء على الراعي، فهم يسيرون في مشاريع دولية وإقليمية بدأت نتائجها الكارثية على المسيحيين تظهر منذ قدوم الأميركيين إلى المنطقة واحتلال العراق، وذلك من خلال محاولات تهجير مسيحيي المشرق والقيام بعملية ترانسفير تؤدي إلى توطين الفلسطينيين في لبنان، وضياع فلسطين نهائياً.
وهنا، تبرز المسؤولية المشتركة على كل من المسيحيين وكنيستهم في مواجهة ما يخطط لهم من مؤامرات تهجيرية تريد اقتلاعهم من هذه الأرض، عليهم أن يؤمنوا أن هذه البلدان أوطانهم، وهم ليسوا عابري سبيل، ولا ضيوفاً يحملون حقائبهم ويرحلون عندما يواجهون صعوبة.
هم يعادون بكركي لأنها قبلت بتحمل المسؤولية، وهي تسير اليوم بما هي مؤتمنة عليه في تطبيق السينودس من أجل لبنان، الذي يدعو المسيحيين إلى العودة إلى أصالتهم، ويفهموا أن الله خلقهم في هذه المنطقة، وهم موجودون فيها منذ ألفي عام، وعليهم أن يندمجوا وينخرطوا كلياً في مجتمعاتهم، ويساهموا في إنمائها وفي تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وأن يستعيدوا دعوتهم ليشهدوا للمسيح.
لم يكن مستغرباً أن يقاطع صقور 14 شباط المسيحيون قداس عيد الفصح في بكركي، متقاطعين مع المقاطعة التي يحاول أن يفرضها الغرب على البطريرك، خصوصاً بعدما أعلن هؤلاء أنفسهم رأس حربة في "الثورة السورية" ضد النظام، غير آبهين كما في كل مرة بنتائج خياراتهم على المسيحيين في لبنان وعلى هؤلاء في المشرق ككل.
لا يمكن لأي عاقل أن ينسى أن نتائج خيارات هؤلاء في الماضي، خصوصاً حروبهم العبثية بين بعضهم البعض، أدّت إلى قتل المسيحيين وتهجيرهم، ثم محاولة استقوائهم بـ"إسرائيل" ضد الآخرين في الوطن، التي استتبعها وصم المسيحيين بالعمالة لـ"إسرائيل"، ثم الخيار الذي اتخذته القوات اللبنانية بالتعاون مع الطيران السوري على دكّ قصر بعبدا بالقذائف، وذلك نتيجة لاتفاق أبرمه سمير جعجع مع الرئيس حافظ الأسد للتخلص من العماد ميشال عون (التعهد والاتفاق موقع بيد سمير جعجع ومنشور في كتاب الياس الهراوي).. وغيرها من الخيارات التي لم تؤدِ إلا إلى تهميش المسيحيين وإقصائهم وتقليص دورهم.
واليوم، يقاطع هؤلاء سيد بكركي، توافقاً مع مقاطعة الغرب له بسبب مواقفه من سورية ومن الصراع الدائر فيها، علماً أن هذه حدّة المواقف وسقفها العالي، تجعلنا ندرج ملاحظات عدة أهمها:
أولاً: إن ما ظهر مما تسمى الثورة السورية والتباينات التي بين أعضائها، والتقارير التي تظهرها وسائل الإعلام المختلفة، لا توحي بأنها ثورة سلمية تنشد الحرية والديمقراطية للشعب السوري، وما التقارير الأخيرة التي أشارت إلى الجزارين الموجودين في طرابلس للعلاج، إلا دليل ساطع على عدم قدرة أي عاقل على تأييد هؤلاء في فرحهم "بقطع الرؤوس من الوريد من الوريد"، أو نحر الرقاب لأن "الرصاصة خسارة في الكلاب الشاردة".
ثانياً: إن الادّعاء بمعارضة مواقف بكركي لأنها تقف ضد "ربيع الشعوب"، هو ادّعاء مزوّر، فها هي استطلاعات الرأي المختلفة في سورية والتي يقوم بها "المعادون للنظام السوري من الدول العربية الخليجية والأوروبية، تعطي الأسد أرجحية شعبية تتراوح بين 55 في المئة و70 في المئة، وهذه النسبة الأخيرة كشفتها مؤخراً تقارير دبلوماسية أوروبية، مؤكدة أن شعبية الأسد زادت بعد الأحداث في سورية ولم تضعف.
ثالثاً: تفرح القوات اللبنانية اليوم ورئيسها، بالإطراءات التي يغدقها عليه تيار المستقبل، مستخدمينه ناطقاً باسمهم في معركتهم ضد النظام السوري، محرضينه على خطاب غرائزي وتجييش ضد النظام السوري، علماً أأن ذلك قد يكون في مصلحة المستقبليين ومَن وراءهم من الدول الخليجية، ولكنه ليس في صالح مسيحيي لبنان ولا مسيحيي سورية بشيء، فبماذا نفعت "الديمقراطية الأميركية" المسيحيين العراقيين، وكيف ستنفعهم في مصر، وماذا حققت "الثورة السلمية السورية" لمسيحيي حمص الذين تهجروا من مناطقهم، في أخطر فصل مذهبي تشهده سورية منذ استقلالها؟
ولو سلّمنا جدلاً، أن معركة القوات رابحة ضد النظام السوري، فالبديل السوري الذي سيحكم أحد أمثلة معروفة تماماً من قبل اللبنانين: مثال عبد الحليم خدام، المشهور بمآثره التدميرية للبنان، أو رفعت الأسد المعروف بتنكيله للمعارضين سواء اللبنانيين أم السوريين، أم التيارات التكفيرية التي لا تقبل شريكاً، ولا تقبل مخالفاً لرأيها في طائفتها، فكيف ستقبل الاختلاف المسيحي، ولنا في فتوى تدمير الكنائس عبرة جيدة للاتعاظ والوعي لما قد يأتي.
رابعاً: كان على سمير جعجع قبل أن يطلق مقولته الشهيرة "فليحكم الإخوان"، أن ينتظر ليرى مدى ديمقراطية هؤلاء "الإسلاميين الجدد" المدعومين من أميركا والغرب والذين يتحضرون للحكم في المنطقة، فها هي "ديمقراطيتهم" تظهر في تونس التي تشهد حركات احتجاج يتخللها عنف لم تشهده العاصمة التونسية من قبل، حيث تنفذ الشرطة بأوامر من السلطة السياسية الجديدة الحاكمة، هجمات على المتظاهرين بالهراوات، وتقوم بعمليات توقيف وسجن للمتظاهرين السلميين.
خامساً: يبدو أن مقاطعة بكركي من قبل فريق 14 شباط المسيحي، ليست بسبب خياراته السياسية الإقليمية والعربية فحسب، أو لأنه يقف في وجه المشروع الغربي المعدّ لتفتيت المنطقة وإغراقها في حروب مذهبية وطائفية، تُدخلها في نفق من الجهل والاقتتال الداخلي لتأمين أمن "إسرائيل" وإراحتها، بل قد تبدو الأسباب الداخلية مهمة أيضاً، ومنها تأييد الراعي لقانون الانتخاب النسبي الذي يسمح للمسيحيين باختيار نحو 80 في المئة من عدد نوابهم، فيما هي اليوم لا تتعدى الـ40 في المئة، فكرمى لعيون جنبلاط وتيار المستقبل، اللذين يخسران بقانون النسبية حجمهما المضخم، يعارض مسيحيو 14 شباط هذا القانون، وهم مستعدون للسير بقانون الستين، الذي يسمح للمستقبل باختيار النواب المسيحيين، ووضعهم "وديعة" لدى القوات والكتائب.
في الحقيقة، كثيرة هي الأسباب المعلنة والمضمرة لهجوم هؤلاء على الراعي، فهم يسيرون في مشاريع دولية وإقليمية بدأت نتائجها الكارثية على المسيحيين تظهر منذ قدوم الأميركيين إلى المنطقة واحتلال العراق، وذلك من خلال محاولات تهجير مسيحيي المشرق والقيام بعملية ترانسفير تؤدي إلى توطين الفلسطينيين في لبنان، وضياع فلسطين نهائياً.
وهنا، تبرز المسؤولية المشتركة على كل من المسيحيين وكنيستهم في مواجهة ما يخطط لهم من مؤامرات تهجيرية تريد اقتلاعهم من هذه الأرض، عليهم أن يؤمنوا أن هذه البلدان أوطانهم، وهم ليسوا عابري سبيل، ولا ضيوفاً يحملون حقائبهم ويرحلون عندما يواجهون صعوبة.
هم يعادون بكركي لأنها قبلت بتحمل المسؤولية، وهي تسير اليوم بما هي مؤتمنة عليه في تطبيق السينودس من أجل لبنان، الذي يدعو المسيحيين إلى العودة إلى أصالتهم، ويفهموا أن الله خلقهم في هذه المنطقة، وهم موجودون فيها منذ ألفي عام، وعليهم أن يندمجوا وينخرطوا كلياً في مجتمعاتهم، ويساهموا في إنمائها وفي تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وأن يستعيدوا دعوتهم ليشهدوا للمسيح.
لا يمكن لأي عاقل أن ينسى أن نتائج خيارات هؤلاء في الماضي، خصوصاً حروبهم العبثية بين بعضهم البعض، أدّت إلى قتل المسيحيين وتهجيرهم، ثم محاولة استقوائهم بـ"إسرائيل" ضد الآخرين في الوطن، التي استتبعها وصم المسيحيين بالعمالة لـ"إسرائيل"، ثم الخيار الذي اتخذته القوات اللبنانية بالتعاون مع الطيران السوري على دكّ قصر بعبدا بالقذائف، وذلك نتيجة لاتفاق أبرمه سمير جعجع مع الرئيس حافظ الأسد للتخلص من العماد ميشال عون (التعهد والاتفاق موقع بيد سمير جعجع ومنشور في كتاب الياس الهراوي).. وغيرها من الخيارات التي لم تؤدِ إلا إلى تهميش المسيحيين وإقصائهم وتقليص دورهم.
واليوم، يقاطع هؤلاء سيد بكركي، توافقاً مع مقاطعة الغرب له بسبب مواقفه من سورية ومن الصراع الدائر فيها، علماً أن هذه حدّة المواقف وسقفها العالي، تجعلنا ندرج ملاحظات عدة أهمها:
أولاً: إن ما ظهر مما تسمى الثورة السورية والتباينات التي بين أعضائها، والتقارير التي تظهرها وسائل الإعلام المختلفة، لا توحي بأنها ثورة سلمية تنشد الحرية والديمقراطية للشعب السوري، وما التقارير الأخيرة التي أشارت إلى الجزارين الموجودين في طرابلس للعلاج، إلا دليل ساطع على عدم قدرة أي عاقل على تأييد هؤلاء في فرحهم "بقطع الرؤوس من الوريد من الوريد"، أو نحر الرقاب لأن "الرصاصة خسارة في الكلاب الشاردة".
ثانياً: إن الادّعاء بمعارضة مواقف بكركي لأنها تقف ضد "ربيع الشعوب"، هو ادّعاء مزوّر، فها هي استطلاعات الرأي المختلفة في سورية والتي يقوم بها "المعادون للنظام السوري من الدول العربية الخليجية والأوروبية، تعطي الأسد أرجحية شعبية تتراوح بين 55 في المئة و70 في المئة، وهذه النسبة الأخيرة كشفتها مؤخراً تقارير دبلوماسية أوروبية، مؤكدة أن شعبية الأسد زادت بعد الأحداث في سورية ولم تضعف.
ثالثاً: تفرح القوات اللبنانية اليوم ورئيسها، بالإطراءات التي يغدقها عليه تيار المستقبل، مستخدمينه ناطقاً باسمهم في معركتهم ضد النظام السوري، محرضينه على خطاب غرائزي وتجييش ضد النظام السوري، علماً أأن ذلك قد يكون في مصلحة المستقبليين ومَن وراءهم من الدول الخليجية، ولكنه ليس في صالح مسيحيي لبنان ولا مسيحيي سورية بشيء، فبماذا نفعت "الديمقراطية الأميركية" المسيحيين العراقيين، وكيف ستنفعهم في مصر، وماذا حققت "الثورة السلمية السورية" لمسيحيي حمص الذين تهجروا من مناطقهم، في أخطر فصل مذهبي تشهده سورية منذ استقلالها؟
ولو سلّمنا جدلاً، أن معركة القوات رابحة ضد النظام السوري، فالبديل السوري الذي سيحكم أحد أمثلة معروفة تماماً من قبل اللبنانين: مثال عبد الحليم خدام، المشهور بمآثره التدميرية للبنان، أو رفعت الأسد المعروف بتنكيله للمعارضين سواء اللبنانيين أم السوريين، أم التيارات التكفيرية التي لا تقبل شريكاً، ولا تقبل مخالفاً لرأيها في طائفتها، فكيف ستقبل الاختلاف المسيحي، ولنا في فتوى تدمير الكنائس عبرة جيدة للاتعاظ والوعي لما قد يأتي.
رابعاً: كان على سمير جعجع قبل أن يطلق مقولته الشهيرة "فليحكم الإخوان"، أن ينتظر ليرى مدى ديمقراطية هؤلاء "الإسلاميين الجدد" المدعومين من أميركا والغرب والذين يتحضرون للحكم في المنطقة، فها هي "ديمقراطيتهم" تظهر في تونس التي تشهد حركات احتجاج يتخللها عنف لم تشهده العاصمة التونسية من قبل، حيث تنفذ الشرطة بأوامر من السلطة السياسية الجديدة الحاكمة، هجمات على المتظاهرين بالهراوات، وتقوم بعمليات توقيف وسجن للمتظاهرين السلميين.
خامساً: يبدو أن مقاطعة بكركي من قبل فريق 14 شباط المسيحي، ليست بسبب خياراته السياسية الإقليمية والعربية فحسب، أو لأنه يقف في وجه المشروع الغربي المعدّ لتفتيت المنطقة وإغراقها في حروب مذهبية وطائفية، تُدخلها في نفق من الجهل والاقتتال الداخلي لتأمين أمن "إسرائيل" وإراحتها، بل قد تبدو الأسباب الداخلية مهمة أيضاً، ومنها تأييد الراعي لقانون الانتخاب النسبي الذي يسمح للمسيحيين باختيار نحو 80 في المئة من عدد نوابهم، فيما هي اليوم لا تتعدى الـ40 في المئة، فكرمى لعيون جنبلاط وتيار المستقبل، اللذين يخسران بقانون النسبية حجمهما المضخم، يعارض مسيحيو 14 شباط هذا القانون، وهم مستعدون للسير بقانون الستين، الذي يسمح للمستقبل باختيار النواب المسيحيين، ووضعهم "وديعة" لدى القوات والكتائب.
في الحقيقة، كثيرة هي الأسباب المعلنة والمضمرة لهجوم هؤلاء على الراعي، فهم يسيرون في مشاريع دولية وإقليمية بدأت نتائجها الكارثية على المسيحيين تظهر منذ قدوم الأميركيين إلى المنطقة واحتلال العراق، وذلك من خلال محاولات تهجير مسيحيي المشرق والقيام بعملية ترانسفير تؤدي إلى توطين الفلسطينيين في لبنان، وضياع فلسطين نهائياً.
وهنا، تبرز المسؤولية المشتركة على كل من المسيحيين وكنيستهم في مواجهة ما يخطط لهم من مؤامرات تهجيرية تريد اقتلاعهم من هذه الأرض، عليهم أن يؤمنوا أن هذه البلدان أوطانهم، وهم ليسوا عابري سبيل، ولا ضيوفاً يحملون حقائبهم ويرحلون عندما يواجهون صعوبة.
هم يعادون بكركي لأنها قبلت بتحمل المسؤولية، وهي تسير اليوم بما هي مؤتمنة عليه في تطبيق السينودس من أجل لبنان، الذي يدعو المسيحيين إلى العودة إلى أصالتهم، ويفهموا أن الله خلقهم في هذه المنطقة، وهم موجودون فيها منذ ألفي عام، وعليهم أن يندمجوا وينخرطوا كلياً في مجتمعاتهم، ويساهموا في إنمائها وفي تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وأن يستعيدوا دعوتهم ليشهدوا للمسيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق