2019/03/20

ماذا يريد أردوغان؟


كان لافتًا اعلان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ان تركيا وايران أطلقتا "عملية مشتركة" ضد الاكراد وحزب العمال الكردستاني على الحدود بين البلدين، ثم مسارعة الايرانيين الى النفي.
وكانت تركيا قد تحدثت في وقت سابق  عن نية الطرفين القيام بعمليات مشتركة في الشمال السوري، معتبرة أن الامر يصب في محاربة الارهاب، واوحت وكأن الايرانيين ومن خلال موافقتهم على المشاركة في تلك العمليات قد وافقوا ضمناً على إقامة المنطقة الآمنة التي يريد أردوغان إنشائها في الشمال السوري على مساحة 13000 كلم 2 وبعمق ما بين 30 الى 40 كلم وحدود لا تقلّ عن 450 كلم، وهي خطة اولية نحو تطبيق الحلم التركي بالانتقام من معاهدة لوزان.
في نظرته الى التطورات الحاصلة في العالم العربي اليوم، وخاصة التطورات في الشمال السوري، يعيش اردوغان تناقضًا في تعامله مع المستجدات، فهو من جهة بات يكرِّس نفسه لاعبًا اقليميًا هامًا لا يمكن تخطيه في أي معادلة في الشمال السوري على الأقل، لكنه،من جهة ثانية، يخشى من تكرار الكارثة الاستراتيجية التي حلت بتركيا  في عشرينيات القرن العشرين أي توقيع اتفاقية لوزان التي أعلنت رسمياً موت السلطنة العثمانية، وخسرت تركيا معها سيادتها على المضائق المائية التركية في البوسفور والدردنيل، بالاضافة الى قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق و"بلاد الشام"، لذا هو يخشى ان تؤدي التطورات الى تكريس واقع جيو سياسي يكرس ما هو اسوأ من لوزان؛ أي دويلة كردية في الشمال السوري تغري الاكراد في تركيا وتهدد الامن القومي التركي في الصميم.
ومن هنا، يبدو أردوغان وكأنه يحاول ابتزاز جميع الأطراف، لكنه في نهاية المطاف مطالب بحسم موقفه، فترامب يهدده ويعتبر أن تركيا تخذله، ويلمح الى فرض عقوبات اقتصادية تدمر الاقتصاد التركي... والروس يدركون أن أردوغان يماطل في تنفيذ ما كان قد وعد به في موضوع ادلب، ولعل تأجيل زيارة لافروف الى تركيا، مرده الى التباين بين الروس والأكراد في ملف ادلب، وحاجة الروس لارسال رسالة واضحة للأتراك بأنهم لا يقبلون باستمرار التسويف التركي، وأمام هذه المعطيات المتشابكة، ماذا يريد أردوغان ؟.
أولا: لقد تحدث الاتراك مراراً وخاصة أردوغان عن رؤية تركيا 2023معتبراً أن الاوان قد حان لينتقم التاريخ لاسوأ كارثة استراتيجية حلت بتركيا في القرن العشرين، لذا، وبالرغم من التهديدات الاميركية، لن يسمح أردوغان للولايات المتحدة أو غيرها بمحاولة تكرار المأساة التاريخية، وهو -ومن خلال اعلان العمل مع الايرانيين ضد الأكراد- يوجِّه رسالة بأنه مستعد للعمل مع ايران وروسيا مع كل ما يجرِّ ذلك من تغيير استراتيجي في المنطقة، في حال استمر الدعم الاميركي للأكراد.
ثانيًا: يرغب أردوغان بالابقاء على مظلة استانة، فهي الضامن للمصالح التركية في سوريا، وهي التي اعطت أردوغان اليد الطولى في الشمال السوري وسمحت له بتكريس نفسه رابحًا في أي معادلة مستقبلية في سوريا.
ثالثاً: استمرار تأجيل العملية العسكرية في ادلب، للاستفادة الى أقصى حد من الورقة الارهابية في ادلب قبل التخلي عنها
x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق