أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان أنها رفعت السرية عن قرار
اتهام صدر بحق سليم جميل عياش، المنتمي إلى حزب الله، واعتبرت أن هناك قضايا متلازمة
مع قضية اغتيال الحريري، وهي حوادث اغتيال كل من مروان حمادة وجورج حاوي والياس المر
بين عامي 2004 و2005.
وبالتصديق على قرار الاتهام هذا، يعني أن المحكمة فتحت
قضية جديدة بعدما شارفت قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري على الانتهاء مع ترقب صدور
الحكم النهائي في الأشهر المقبلة.
وبموجب القرار الاتهامي، تم إسناد خمس تهم إلى عياش في
قرار الاتهام، وهي: "مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، الانتماء الى جمعية أشرار،
ارتكاب أعمال إرهابية، قتل السادة غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمدًا، ومحاولة
قتل السيّدين الياس المر، ومروان حمادة، وسبعة عشر شخصًا آخر عمدًا".
وهكذا، تكون المحكمة قد أطالت عمرها المفترض بفتح قضايا
جديدة وسحب الاموال من المكلف اللبناني، وهي التي تكلّف سنويًا ما يزيد على 120 مليون
دولار، تدفع نصفها الدولة اللبنانية، والنصف الآخر من الدول المانحة.
أما قراءة القرار الاتهامي، فتشير الى نيّة المحكمة بالاستمرار
في اتهام حزب الله كمنظمة، بالرغم من أن القانون الجنائي الدولي، يؤكد على مبدأ
"المسؤولية الجنائية الفردية"، باعتبار ان من ارتكبوا جرائم دولية كبرى هم
أشخاص طبيعيون، ساهموا بشكل أو بآخر في تلك الجريمة من خلال التحريض أو التنفيذ أو
تسهيل الجريمة، أو غضّ النظر عنها.
إن اعتماد عبارة "مجموعة أشرار"، تمكّن المحكمة
– بحسب القانون الجنائي الدولي- من اتهام وإدانة "جميع من ينتمي إلى الحزب".
وهذه الإدانة يمكن أن تتم بموجب مبدأ قضائي مستحدث في القانون الجنائي الدولي يطلق
عليه اسم "المشروع الجنائي المشترك" joint
criminal enterprise، والذي تعتمده المحاكم الدولية منذ عام 1999، وبالتحديد منذ الحكم
الذي أصدرته محكمة يوغسلافيا في قضية تاديتش، والذي اعتبر علامة فارقة في القضاء الجنائي
الدولي، والسابقة التي اعتمدت عليها المحاكم الدولية الأخرى لإدانة المتهمين بموجب
"القصد المشترك" أو "الهدف المشترك"، وهو ما ورد في النظام الأساسي
للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان صراحة أيضًا.
ويمكن تلخيص هذا المبدأ بما يلي: يعتبر كل عضو في
"مجموعة منظمة" (وهنا اعتبرت المحكمة صراحة أن حزب الله هو مجموعة أشرار)
مسؤول مسؤولية جنائية فردية عن الجرائم التي ترتكبها المجموعة ضمن الخطة المشتركة أو
الهدف المشترك، وهذه الإدانة مختلفة بالطبع عن الإدانة بالتحريض أو المساعدة.
وهكذا، نجد أن قرار المحكمة الذي لم يأخذ حيّزًا كبيرًا
في الاعلام اللبناني، وتعامل معه اللبنانيون كخبر مرّ مرور الكرام، يستكمل الهدف الذي
أنشئت من أجله تلك المحكمة.
ويبقى أن نشير الى أن السياسة التي تتدخل دائمًا في تحقيق
العدالة الدولية أو منعها وتقويضها، وحيث تعتبر تلك المحاكم دائمًا محاكم المنتصرين...
وعليه، لن تستطيع المحكمة أن تحقق أي هدف لمن أنشأها إلا إذا انتصر ميدانيًا (وهذا
بات أقرب الى المستحيل)، فالمنتصر يكتب التاريخ، ويسنّ القانون، ويقيم المحاكمات للمهزومين،
ويدّعي التفوق الاخلاقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق