2020/04/28

الصين للغرب: احذروا "الذئب المحارب"!


تعاني الصين منذ انتشار فيروس كورونا من الصين الى جميع أرجاء الكون، آثارًا اقتصادية واجتماعية وصحية كبيرة كبدها إياها انتشار الفيروس والحجر المنزلي التام الذي فرضته. وكأن آثار الفيروس القاتل غير كافية، لتواجه الصين حربًا من نوع آخر؛ حرب سياسية وإعلامية شرسة تريد تحميلها مسؤولية تفشي الوباء، سواء من خلال الادعاء بتصنيع الوباء في مختبراتها، أو من خلال اتهامها بالتستّر على المعلومات، ونشر الوباء في العالم بسبب عدم اعترافها بها.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد أطلق على الفيروس اسم "الفيروس الصيني"، ثم اتهم منظمة الصحة العالمية بالتستر وأنها تسوّق الدعاية الصينية، ما جعله يقطع المساعدات المادية التي تقدمها الولايات المتحدة لتلك المنظمة، والتي تعادل 20 بالمئة من مجموع موازنتها السنوية.

ونلاحظ أنه وخلال فترة ما بعد تراجع الوباء في الصين وانتشاره في العالم، وردًا على محاولات شيطنتها، تقوم الصين بحملة سياسية دبلوماسية وإعلامية متعددة الأبعاد والأهداف، تختلف عن السياق الذي تتبعه الصين عادةً في سياساتها الخارجية، وقد تجسّد في مرحلتين:

المرحلة الأولى: الدعاية السياسية

وكان التركيز الاعلامي الصيني في المرحلة الأولى لانتشار الوباء عالميًـا يركّز - بشكل أساسي- على تجميل صورة الصين باعتبارها "دولة الخير" التي تقوم بمساعدة الدول المتضررة من الوباء، عبر إرسال المساعدات الطبية وخبراء الصحة لمواجهة الوباء...

المرحلة الثانية: استراتيجية "الهجوم بمعرض الدفاع"

وبعدما تبين عدم قدرة الاستراتيجية الدعائية بمفردها على مواجهة الدعاية الغربية والأميركية خاصة، بتحميل الصين مسؤولية انتشار الوباء، وإظهارها وكأنها "دولة مارقة"، انتقلت الصين الى استراتيجية دبلوماسية وإعلامية أكثر هجومية.

وهكذا حفلت المواقع الصينية الناطقة بلغات غير صينية، بالردّ على الاتهامات ونظريات المؤامرة الغربية، أما بنشر دراسات علمية تثبت الاصل الحيواني للوباء وتدحض فكرة التصنيع المخبري، أو بنشر نظريات مؤامرة مناقضة ومضادة تتهم الأميركيين بتصنيع الفيروس، أو أن الانتشار الأول لم يكن في الصين، بل في الولايات المتحدة أو إيطاليا.

أما دبلوماسيًا، فنجد أن حسابات الدبلوماسيين الصينيين على تويتر (والتي تمّ إنشاؤها في الأشهر الأخيرة)، مارست سياسة الردّ السريع على الاتهامات وتأنيب مطلقيها من سياسيي الدول الأخرى، بغض النظر عن هوية قائلها.

بموازاة ذلك، تحدثت تقارير إعلامية عن ضغوط صينية وتهديد بوقف تصدير المعدات الطبية الى أوروبا، ساهمت في تخفيف حدّة لهجة بيان الاتحاد الأوروبي وتراجعه عن اتهام الصين بالتستر على خطورة الوباء.

وهكذا، نجد أن الصين انتقلت بالفعل من سياسة تاريخية تقليدية كانت تستخدمها الى سياسة جديدة تمامًا.  عادة، تعتمد الصين في سياستها الخارجية مبادئ كرّسها السياسي الصيني "شو انلاي" (مارس مهامه السياسية خلال فترة 1949- 1976) الذي أسس مبدأ "التعايش السلمي"، والتي طورها "دينغ شياو بينغ" (حكم الصين من عام 1978 لغاية تقاعده عام 1992) وأضاف اليها فكرة "إخفاء القدرات الذاتية والاستمرار في إظهار عدم القدرة low profile ".

وأبرز ما جاء في سياسة دينغ، نقاط سبعة، استمرت الصين في استخدامها لغاية ما قبل كورونا، ما يلي:

1.    قدّم الملاحظات بطريقة باردة.

2.    أمّن موقعك جيدًا.

3.    تعامل بهدوء مع التحديات والمشاكل.

4.    إخفِ قدراتك واستفد من الوقت.

5.    حافظ على الظهور بمظهر المتواضع.

6.    لا تدّعي القيادة أبداً.

7.    إصنع فرقًا.

وعليه، إن ما تستخدمه الصين اليوم، من استراتيجية متعددة الأبعاد، فيها الدعائي والهجومي، وتسويق النموذج الصيني بصفته نموذجًا عالميًا صالحًا للتقليد، يعدّ ابتعادًا عن الاستراتيجية التقليدية التي أرساها دينغ واعتمدها الصينيون لفترة طويلة، وتكريسًا لاستراتيجية جديدة يطلق عليها الغربيون اسم "الذئب المحارب" في الإشارة الى فيلم صيني شهير، عرض الجزء الأول منه عام 2015، والثاني عام 2017.

فهل يكون هذا مؤشر لاستراتيجيات صينية مختلفة ستعتمدها الصين على الصعيد العالمي في السنوات القادمة، أم أنها مرتبطة حصرًا بتهديد تستشعره الصين يريد تحميلها وزر تبعات كورونا عالميًا وبالتالي مطالبتها بتعويضات مادية قد تؤدي الى إفلاسها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق