2020/05/11

بين بهاء وسعد: كيف يمكن تعويم الحريرية السياسية؟

في ظل الحديث عن عودة مرتقبة لموجة ثانية من تفشي وباء كورونا، وفي ظل قلق اللبنانيين ودعوة المسؤولين الى اللبنانيين للتقيّد بالحجر المنزلي وعدم تخطي إجراءات التعبئة العامة، تحدثت أنباء عن اشتباكات بالسلاح الأبيض بين أنصار رئيس الحكومة السابق سعد الدين الحريري، وأخاه بهاء الدين الحريري، بعدما برز الخلاف بين الشقيقين الى العلن عبر بيانات وبيانات مضادة، وعبر تجنيد الانصار والاعلاميين بالردّ وتوجيه التهم والشتائم.

وبغض النظر عن جوهر الخلاف الحقيقي بين الشقيقين، لا شكّ ان ما يحصل اليوم على الأرض يبدو من مفاعيل ثورة 17 تشرين التي أطاحت بسعد الحريري، بعدما حاول استثمارها وقيادة انقلاب على حلفائه كان مصيره الفشل وخروجه من السلطة خائبًا، والاتيان برئيس حكومة جديد من خارج "النادي" الذي يحرّكه مايسترو واحد.

وعليه، ما سيكون عليه مصير الحريرية السياسية، في ظل اشتباك الأخوة؟.

لا شكّ ان مصير الحريرية السياسية مرتبط الى حد بعيد بنجاح الحكومة وصمود تحالف الرئيسين عون - دياب لمكافحة الفساد وبناء الدولة، وعليه يمكن ان نفترض السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول:

استمرار حكومة حسان دياب في تحقيق نجاحات تؤدي الى مكافحة جديّة للفساد ولجم سعر صرف الليرة، والقدرة على الصمود في وجه آلة الدولة العميقة التي تقاتل للعودة الى السيطرة على مفاصل الدولة.

في ظل نجاح هذا السيناريو، سيكون من الصعب على بهاء وسعد إعادة تعويم الحريرية السياسية، وبالتالي سيسبب الانقسام بين الشقيقين، مزيدًا من التشرذم وبالتالي خسارة مزيد من النفوذ لصالح قوى سنية أخرى، قد يكون منها حسان دياب أو سواه.

السيناريو الثاني:

نجاح الحريرية السياسية في استعادة مشهد إسقاط عمر كرامي، وهو ما تحاول فعله باستخدام شبكاتها المتعددة، منها رفع سعر صرف الليرة وتقويض الاستقرار الأمني والغذائي وسواها.

في هذا السيناريو، يحتاج الاخوة الاعداء، وفي صراعهما للوصول الى الحكم، للأخذ بعين الاعتبار، قدرتهما على إقناع أكثر من طرف:

- السعودية التي لها الكلمة الفصل في مصير تلك الزعامة. فبالرغم من كل الكلام النابي والاستفزازي الذي يوجهه سعد الحريري لجبران باسيل وتحميله مسؤولية الخروج من الحكم (وقد يكون بجزء منه صحيح)، إلا أن سعد وإعلامه يتجاهل دور السعودية في عدم عودته بدليل رفض سمير جعجع تسميته لرئاسة الحكومة.

- الثنائي الشيعي، والذي يبدو لغاية الآن متعاطفًا مع سعد الحريري، بدون مساعدته جديًا على العودة على حساب حسان دياب وحكومته التي بدأت تأخذ رضى اللبنانيين. علمًا أن الثنائي استمر - للحظات الأخيرة- يقدم التنازلات والتسهيلات لسعد الحريري للعودة الى السلطة!

- الرئيس عون، والذي قال يومًا لأنصاره "الحريرية حبل مشنقة، فاقطعوها قبل أن تؤرجحكم". واليوم، وبعد أن بدأ الرئيس عون مسيرة انقاذ عهده الذي كان مكبلاً بالتسوية لمدة سنوات ثلاث، بات من الصعب جدًا على الرئيس عون وأنصاره، القبول بالعودة الى الوراء وتعويم الحريرية السياسية (سواء عبر سعد أو بهاء)، مع ما تعنيه من إعادة دفن ملفات الفساد، وغضّ النظر عن الصفقات والسمسرات المحمية سياسيًا ومذهبيًا، والتي قوّضت الدولة ونهبتها، وكبّلت العهد بالصلاحيات الواسعة التي يملكها رئيس حكومة ما بعد الطائف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق