2020/06/16

ضم الضفة الغربية: أين أصوات مسيحيي المشرق؟


كشفت القناة العبرية الـ “12” عن وثيقة سريّة جرى بحثها من قبل أجهزة الأمن الاسرائيلية، حول كيفية التعاطي مع استعدادات ضم أجزاء من الضفة الغربية الذي من المقرر أن يقوم به نتنياهو في الأول من شهر تموز/ يوليو المقبل.
وبالرغم من التحذيرات المتعددة من خطورة القيام بعملية الضم، إلا أنه من المرجح أن يقوم نتنياهو بهذه الخطوة لأسباب عدّة أهمها:
أولاً، لأن الأصوات العربية والدولية المعارضة عاجزة عن اتخاذ أي موقف مؤثر أو موجع للاسرائيليين، خاصة بعد تجربة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
ثانيًا: الضوء الأخضر الذي يتلقاه نتنياهو من إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لذا هو يخشى أن يفقد هذا الدعم المفتوح لقضم الأراضي في حال خسر ترامب  الانتخابات في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل.
ثالثًا: استعجال ترامب على أن يقوم نتنياهو بالضم وتوسيع الأراضي الإسرائيلية قبل موعد الانتخابات الأميركية، وذلك لكي "يبيع" هذه القضية الى الكنائس الانجيلية الأميركية مقابل أصوات إنتخابية، وذلك لإيمان هؤلاء بأن قيام اسرائيل الكبرى سيسهم في عودة المسيح مرة ثانية.
وهنا، ولأن الموضوع يأخذ أحيانًا عنوانًا مسيحيًا غربيًا داعمًا لما تقوم به اسرائيل في حق الفلسطينيين وفي القدس، لا بد من إعادة توجيه شاملة لمسيحيي المشرق لرفع الصوت، وهم الذين كانوا السباقين في لفت النظر الى قضية فلسطين وأهمية الحفاظ على القدس والتصدي لمؤامرة تهويدها.
وبالرغم من كل ما حصل خلال الحرب الأهلية اللبنانية، من تعامل بعض المسيحيين مع اسرائيل، لا شكّ أنه من المفيد التذكير بالمواقف المسيحية المشرّفة حيال القضية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ميشال شيحا الذي دافع عن القضية الفلسطينية من منطلق الدفاع عن لبنان، واعتبر أن "اسرائيل هي "سوبر دولة" تدعمها قوى عالمية كبرى، ولا يمكن أن تكون الا دولة توسعية، وان نموّها سيتم على حساب جيرانها، مؤكدًا أن الصراع بين اسرائيل والعرب، وفي مقدمهم لبنان، هو صراع وجود وحدود معًا.
ويمكن أن نضيف الدبلوماسي اللبناني شارل مالك، الذي اعتبر عام 1949 أن مرحلة إعلان "دولة اسرائيل"  هي توطئة للمرحلة التكميلية التالية التي تهدف الى استعمار واستعباد العالم العربي".
نذكر هذين المثالين، بالرغم من وجود العديد من الوجوه المسيحية المدنية والدينية البارزة الرافضة للإحتلال، لنقول إنه -حتى-  أعتى عتاة دعاة "القومية اللبنانية" والانتماء المسيحي أدركوا مبكرًا خطورة المشروع التوسعي الاسرائيلي على المنطقة برمتها، وعلى لبنان بشكل خاص.
وعليه، بات من المنطقي أن يهبّ المسيحيين - كتابًا ومفكرين وسياسيين- للدفاع عن فلسطين وعن القدس في مواجهة أساطير توراتية غربية، تكرّس النظرة الصهيونية لفلسطين وتباركها.
لا يمكن لمسحيي المشرق الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه ما يروّج من ذرائع ومبررات لتهويد القدس وإنهاء القضية الفلسطينية. وهذا يتطلب اقتناعًا لدى المسيحيين المشرقيين بإن الضعف ليس سمة دائمة وليس هو موروث جيني، وإنما القوة تكتسب اكتسابًا عندما يتوافر مشروع فكري مقاوم وتتوافر الدوافع الأولى للتحريك، وعندها يدركون أن القوة نسبية واحتمالية وعناصرها تختلف من جهة لأخرى وبين واقع وآخر، وهم يملكون هذه القوة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق