2020/06/03

هل يستطيع ترامب النجاة؟


طغت التظاهرات الأميركية على المشهد العالمي، وغطت على أخبار كورونا وأعداد الاصابات والوفيات حول العالم عامة، وفي الولايات المتحدة خاصة التي ضربها الوباء بشكل أكبر من باقي العالم.

وفي خضّم الأحداث المتطورة دراماتيكيًا، تتجه الأنظار مع كل حدث أو أزمة في الولايات المتحدة لقياس قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استغلال الأحداث لمصلحته وبالتالي التجديد لولاية ثانية، ومن أبرزها:

1- وباء كورونا والأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الأميركي والمرشحة للتفاقم، وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، وقيام الاعلام بتحميل الرئيس مسؤولية ارتفاع الاصابات بالوباء، واتهامه بعدم القدرة على التعامل بشكل جيد مع الوباء.

وفي هذا الإطار، تتضارب الآراء حول قدرة الديمقراطيين على هزيمة ترامب استنادًا الى هذه الأسباب فقط، في ظل قدرته على الهجوم المضاد وتحميل الصين المسؤولية، وتمسك الجمهوريين بالرئيس وتماسك قاعدته الانتخابية مقابل مرشح ديمقراطي ضعيف نوعًا ما.

وفي مراجعة تاريخية لتأثير انتشار الاوبئة على الانتخابات الأميركية، نجد أن الأوبئة يمكن ان يتم استثمارها في الانتخابات، ففي ربيع 1918 ضرب وباء الانفلونزا الولايات المتحدة، ثم أتت موجة ثانية في تشرين الاول / أكتوبر  من العام نفسه، الأمر الذي أرخى بظلاله على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بمجلسيه.

كان إقبال الناخبين ضعيفًا جدًا بسبب الخوف من الانفلونزا. وأتت النتيجة مفاجئة إذ سيطر الجمهوريون على المجلسين، وكانت المرة الأولى التي يسيطر فيها الجمهوريون على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ منذ عام 1908.

2- المظاهرات التي تعمّ أرجاء البلاد، ردًا على قيام شرطي أميركي بقتل رجل أسود. وبغض النظر عن الاتهامات التي يسوقها الديمقراطيون والجمهوريون لأطراف خارجية بالتدخل لإثارة النزاعات، وبالرغم من محاولة جميع الأطراف إدانة قتل جورج فلويد، إلا أنه من الواضح أن ترامب يحاول أن يستفيد من مشاهد السرقة والحرق وأعمال النهب والدمار، لإبراز نفسه كبطل "القانون والنظام"، وهو ما عكسه في إحدى تغريداته بعد أيام على بدء المظاهرات (يوم الاثنين).

فعليًا، يحاول ترامب أن يكرر تجربة نجاح المرشح الجمهوري ريشارد نيكسون عام 1968. في تلك السنة، تحدث نيكسون عن "الأغلبية الصامتة"، وسوّق نفسه منقذًا للبلاد بعد أن زادت الجريمة، وانتشرت المظاهرات وأعمال الشغب، وازداد الانقسام المجتمعي بسبب حرب فيتنام، وحملة مارتن لوثر كينغ للحقوق المدنية... وفي خضم كل تلك الأزمات، استطاع نيكسون أن يحقق انتصارًا على الديمقراطيين.

تتباين تقديرات الخبراء الأميركيين حول قدرة ترامب على الاستفادة من المظاهرات العارمة وأعمال الشغب المرافقة لها لإعادة انتخابه، ولكن تجدر الملاحظة أن إطلاق نيسكون جملته الشهيرة كانت في معرض انتقاد المسؤولين، ولم يكن هو نفسه رئيسًا.

من المتوافق عليه في السياسة، أنه من الأسهل على المعارضين اتهام السلطة بالتقصير وعدم فعل ما يلزم لكبح الجريمة وحفظ الأمن والنظام، ولكن ترامب - وبالرغم من محاولته اتهام حكام الولايات الديمقراطيين بالتقصير- إلا أنه كرئيس للولايات المتحدة فهو مسؤول عن الأحداث والتطورات (السلبية والايجابية) التي تحصل في عهده.

في المحصلة، يبدو - لغاية الآن- أنه من المبكر الحكم على قدرة ترامب على التجديد في ظل التداعيات السلبية لكورونا وما تلاها، وفي ظل تمسك قاعدته الانتخابية به لأسباب عاطفية وغرائزية وشعبوية. ويبقى بلا شكّ، أن العالم أجمع ينظر باهتمام بالغ الى الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، وكأنها أمر خاص تتأثر به كل دولة في الكرة الأرضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق