2020/09/07

شينكر في لبنان: دعم أو إحباط الفرنسيين؟

بعد زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان، وحديثه عن خريطة طريق لتشكيل حكومة والقيام بإصلاحات تساعد لبنان على النهوض من الأزمة التي تمّ إغراقه فيها، يحاذر اللبنانيون بشدّة من الافراط بالتفاؤل، كون ما زالت الطبقة السياسية تتمتع بقدرة هائلة على التلاعب والهروب الى الامام، ولو ضاق هذا الهامش بعد المبادرة الفرنسية.

لقد ذهل اللبنانيون بحجم القدرة التي تملكها الطبقة السياسية في تعطيل أي إصلاح، ومنها قيام وزير المالية غازي وزني بتغيير بنود عقد التدقيق المالي الجنائي، بعدما كان قد تمّ التوافق عليه في مجلس الوزراء ومع رئيس الجمهورية. واللافت احتجاب الوزير وصمته بعدما انتشرت تلك الأخبار على صفحات الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، علماً أن الأمر سيكون له ارتداداته على اختيار وزير المالية في الحكومة الجديدة، والذي من المفترض أن تختلف مواصفاته عن وزراء المالية السابقين المتعاقبين منذ التسعينات ولغاية اليوم، إن كان هناك نيّة حقيقية للإصلاح.

وبالرغم من كل ذلك، تبقى نافذة الأمل مفتوحة أمام اللبنانيين بسبب المبادرة الفرنسية التي وضعت خريطة طريق واضحة وقصيرة المهل نسبيًا، وقد برز ذلك من خلال أحاديث مساعد وزير الخارجية الأميركي مع ناشطين من المجتمع المدني ومع الاعلام اللبناني، ونذكر بعض الملاحظات:

أولاً ؛ أقرّ شينكر صراحة أن المبادرة الفرنسية تمّ تنسيقها مع الأميركيين، وكما يبدو أن الفرنسي تمّ توكيله من قبل الغرب لقيادة مبادرة إنقاذية تمنع البلد من الانهيار التامّ، لأن في انهياره تداعيات كبيرة وخسائر إضافية للغرب نفسه.

ثانياً؛ تيّقن الغرب بشكل عام والأميركيين بشكل خاص، أن المراهنة على تشكيل قيادات جديدة في لبنان تحلّ مكان الطبقة السياسية القديمة، دونه عقبات كبيرة ويحتاج الى وقت أطول مما يملكه الاميركيون فعلياً قبل التغيير المرتقب في البيت الأبيض وقبل انهيار لبنان كلياً.

ثالثاً؛ يتضح من خلال التسريبات التي نُقلت عن شينكر في لقاءاته مع ناشطي المجتمع المدني، أنه محبط من النتائج التي حققوها، فبالرغم من الدعم المعنوي والاعلامي والمادي الكبير الذي تلقوه، حققوا نتائج متواضعة جداً لا ترقى الى مستوى النتائج المطلوب تحقيقها.

رابعاً؛ يبدو أن شينكر - من خلال مقابلاته الصحفية -  تراجع عن معظم الشروط التي كان قد وضعها على لبنان، وبدت نبرته الاعلامية مختلفة عن المقابلة التي أجراها سابقاً مع موقع الهديل، باستثناء موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، والذي أصرّ شينكر على التهديد بأن عدم رضوخ لبنان لـ "التصور الاميركي" بإعطاء جزء من نفطه وأرضه لـ "اسرائيل" في البلوك رقم 9، لن يسمح بالتنقيب عن الغاز واستثماره في ذلك البلوك.

خامساً؛ بالنسبة للعقوبات التي تمّ التهديد بها مباشرة من قبل دايفد شينكر ومواربة من قبل بعض التسريبات التي تحدثت عن قيام الرئيس الفرنسي بتأنيب الطبقة السياسية وتهديدها بعقوبات إن لم تستجب لمطالب الاصلاح، فتجدر الاشارة الى اختلاف جوهر تلك العقوبات، فالعقوبات التي يهدد شينكر بتطبيقها هي لمعاقبة السياسيين الذين "يدعمون حزب الله ويزيدون نفوذه" بينما التصور الفرنسي يهدد بفرض عقوبات من قبل الاتحاد الاوروبي، وتجميد حسابات بعض السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون عملية نهوض لبنان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق