2021/05/17

العالم وفلسطين.. كوّة في جدار سميك

 

ليلى نقولا

 

بالرغم من الدعم العالمي السياسي والاعلامي والعسكري والدبلوماسي الذي يقدمه العالم الغربي ل"اسرائيل"، إلا أن المشهد المتبدل الذي شهدناه الاسبوع الماضي منذ قيام الاحتلال بطرد الفلسطيينين من بيوتهم في الشيخ الجرّاح واقتحام الأقصى وبعدها في الصواريخ المتساقطة على الاراضي الفلسطينية المحتلة، تشي بالتبدل في موازين القوى والتوجهات العالمية، ولو كانت ما زالت في بداياتها.

 

ومن ظواهر هذا التبدل ما يلي:

 

أولاً- في الداخل:

 

- تبدل المشهد الفلسطيني الرافض للاحتلال والذي امتد الى كافة الاراضي الفلسطينية وانخرط فيه عرب 48، وانتقل الى المدن المختلطة، والتي لم تشهد انتفاضات في السابق.

 

إن المشهد العام في تلك المناطق هو أقرب الى حرب أهلية، وتشي بأن ما فعلته "إسرائيل" من إقرار قانون القومية اليهودية وسياسات اليمين الاسرائيلي ومحاولة قضم الأراضي الفلسطينية ومعاملة الفلسطينيين من حملة الجنسيات الاسرائيلية بأنهم مواطنون درجة ثانية، لم تعد مقبولة.

 

- التردد الاسرائيلي في دخول قطاع غزة برياً، واستمرار الصواريخ في استهداف المدن الاسرائيلية بالرغم من كل التهديدات والقصف الاسرائيلي اللامتناسب على الأحياء المدنية والتسبب بمجازر راح ضحيتها عشرات الضحايا معظمهم من الاطفال، يؤكد على ضعف اسرائيلي بنيوي وسقوط هيبة الردع العسكري.

 

ثانياً- في العالم:

 

- تعمّ المظاهرات الرافضة للممارسات الاسرائيلية أنحاء العالم. وإذا كان العرب قد اعتادوا التظاهر نصرة لفلسطين، إلا أن التظاهرات التي تعم العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية يعدّ أمراً غير مسبوق من ناحية الأعداد والمشاركين، وانخراط سياسيين وقوى اجتماعية في تلك المظاهرات.

 

- على صعيد الإدارة الأميركية، وبالرغم من أن بايدن أعرب مراراً بأن "من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها"، إلا أن الواضح ومنذ مجيئه الى البيت الأبيض، لا يرتاح بايدن الى تصرفات نتنياهو حليف ترامب وصديقه، والذي حاول مراراً أن يحرج بايدن وإدارته في المنطقة، كما حصل حين شنّ الاسرائيليون هجوماً على المفاعل النووي الايراني خلال زيارة وزير الدفاع الاميركي الى اسرائيل.

 

وبكل الأحوال، لا يتبنى بايدن صفقة القرن، ويريد بشكل أساسي أن يتوقف اليمين الاسرائيلي عن زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لكي يتفرغ بايدن للداخل الأميركي ولمواجهة الصين.

 

- في الكونغرس، كان لافتاً قيام العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي بإدانة ما تقوم به اسرائيل، والتقدم بعريضة وقع عليها عشرات النواب الأميركيين، تطالب وزارة الخارجية الأميركية بمنع اسرائيل من إخلاء منازل الفلسطيين بالقوة، واتهمت العريضة اسرائيل بانتهاك القانون الدولي الانساني والقيام بجرائم حرب.

 

وكان لافتاً الخطاب الذي ألقته النائبة الأميركية من أصل فلسطيني، رشيدة طليب،  في الكونغرس والذي أخذ حيزًا واسعاً من التأييد الاعلامي في الولايات المتحدة الأميركية.

 

- شكلت حركة اليسار التقدمي في الحزب الديمقراطي وهو رافعة الحزب الذي أوصل بايدن الى الرئاسة، اساسًا للانتقادات التي تم توجيها الى ما تقوم به اسرائيل، ووجهوا انتقادات الى بايدن، معتبرين أن خطاباته في القضية تناصر المعتدي وتشجع اسرائيل على ارتكاباتها. وفي نيويورك ومعظم المدن الأميركية الأخرى، قام العديد من النواب الديمقراطيين بالمشاركة في التظاهرات المؤيدة لفلسطين ومطالبة الإدارة بمنع اسرائيل من استخدام المساعدات الأميركية العسكرية في استهداف المدنيين الفلسطينيين.

 

هي إذًا بداية، تحتاج الى الكثير من المتابعة وبذل الجهود السياسية والاعلامية في العالم لكي تثمر تحولاً جذرياً في مسار حل القضية الفلسطينية، إلا أنها بداية مشجعة، فلكل تغيير نقطة بداية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق