2024/02/17

بايدن ونتنياهو: هل هناك خلاف حقيقي؟

يتحدث عديدون عن أن الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي ليسا على وفاق، وأن الادارة الأميركية ممتعضة من الاداء الاسرائيلي في الحرب على غزة، وان العلاقة بين الطرفين متوترة.

لكن اللافت في الامر، أن المحادثة الهاتفية الاخيرة بين الرجلين والتي استمرت وقتاً طويلاً بحسب وسائل الاعلام، لم تعكس استياء بايدن ن نتنياهو، ولم ينتقد الاسرائيليين في حربهم الخارجة عن القانون الدولي الانساني وعن قواعد الحرب، بل منح الهجوم الاسرائيلي على رفح ضوءًا أخضر، بدليل محتوى البيان الذي أصدره البيت الابيض عن المحادثة.

قال بيان البيت الأبيض إن "بايدن أكد وجهة نظره بأن العملية العسكرية في رفح لا ينبغي أن تتمّ دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ". وأضاف أن بايدن أكد لنتنياهو "ضرورة وجود خطة، لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص لجأوا إلى رفح". كما أكد بايدن "ضرورة الاستفادة من التقدم في المفاوضات لإطلاق جميع الرهائن بأقرب وقت"، وشدّد على أن "هزيمة حماس وضمان الأمن الطويل الأمد لإسرائيل هدف مشترك".

هذا النص يؤكد بما لا يقبل الشكّ أن بايدن داعم كلياً للعمليات العسكرية الاسرائيلية، وأن الادعاءات الاعلامية حول خلاف وغضب بايدن من نتنياهو ما هو إلا حملة إعلانية هدفها تبرئة بايدن من الدم المسفوك في غزة، وإظهاره أمام الجمهور الاميركي والعالمي بأنه غير موافق على ما يرتكب من مجازر.

ويحتاج بايدن الى حملة العلاقات العامة تلك لأسباب متعددة، أبرزها:

1-  التملص من مسؤولية الهزيمة:

بعد مرور ما يقارب الخمسة أشهر على بدء الحرب الاسرائيلية على غزة، لم يحقق الجيش الاسرائيلي انتصاراً عسكرياً يحسب له حساب في ميزان المقايضة السياسية التي ستلي الحرب في غزة. وينقسم الاسرائيليون على أنفسهم، ويتبادلون الاتهامات بالمسؤولية، ويتحدث الجيش الاسرائيلي أن هدف القضاء على حماس قد يحتاج سنة من القتال إن لم يكن أكثر.

وعلى هذا الاساس، يقوم بايدن بتغطية الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين لكنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية الهزيمة الاستراتيجية حين تحصل.

2- استطلاعات الرأي في الداخل الأميركي

تعكس استطلاعات الرأي المتعددة في الولايات المتحدة الاميركية، تحوّلاً في اتجاهات الرأي العام تجاه اسرائيل، خاصة ضمن قواعد الحزب الديمقراطي.

منذ عام 2014، بدأ الشباب الأميركي يعكس تحوّلاً في نظرته الى الصراع العربي الاسرائيلي، حيث بدأ هذا التحول يظهر في استطلاعات الرأي في مراكز مثل "بيو" Pew وغالوب Gallup، اللذان أظهرا اختلافاً في الرأي بين الفئات الشبابية والكبار في السن في موضوع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، حيث يميل الشباب الى التعاطف أكثر مع الفلسطينيين.

وبعد حرب غزة عام 2023 وانتشار وصور المجازر الاسرائيلية، وتأثير وسائل التواصل التي كسرت هيمنة واحتكار الاعلام الاميركي التقليدي الموالي والداعم بصورة مطلقة لاسرائيل، ظهر أن  الغالبية من فئات الشباب والملونين والمسلمين والعرب المؤيدين للحزب الديمقراطي ترفض سياسة ادارة بايدن المؤيدة بشكل تام لاسرائيل.

3-  المنافسة الانتخابية

كشف استطلاع حديث للرأي في الولايات المتحدة الأميركية، أجراه مركز بيو، الى أن "41% من الاميركيين يدعمون سياسات الحزب الجمهوري، في مقابل 31% يدعمون سياسات الحزب الديموقراطي". وبالرغم من أن قضية فلسطين ليست هي المؤثر على هذه النتيجة، بل أمور داخلية تتعلق بالاقتصاد والهجرة غير الشرعية، لكن الاحتمال يكبر بعودة ترامب الى البيت الابيض وفوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ومع هذه النتائج، يتزايد الحديث في الولايات المتحدة عن حالة الرئيس جو بايدن الذهنية والعقلية، ويدور جدل داخل قيادات الحزب الديموقراطي بشأن مصير الرئيس بايدن كمرشّح للحزب مع التيقن بأن استمراره قد يسبب هزيمة للحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة مقابل دونالد ترامب.

أمام هذه التحديات والتي ترتبط بأداء الادارة الحالية وشخص بايدن وحالته، يحتاج الحزب الديمقراطي الى كسب دعم وتأييد جميع فئات الحزب الديمقراطي، وإلا كان مصير بايدن في انتخابات الرئاسة هذا العام مشابهاً لمصير هيلاري كلينتون عام 2016، التي كانت مكروهة من شرائح واسعة من الحزب الديمقراطي والتي امتنعت عن التصويت لها، ففاز ترامب.

في النتيجة، لا يوجد أي خلاف اسرائيلي اميركي حول الحرب في غزة، وما زالت الادارة الأميركية داعمة للحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين، بل تريد أن تعطي نتنياهو الوقت الكافي لتحقيق أهداف الحرب التي أعلنها، وكل ما يحكى عن خلاف ما هو إلا مجرد حديث إعلامي يحتاجه بايدن في الداخل الأميركي، ولا يعوّل عليه.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق