2019/05/15

من يحاول دفع الخليج الى حرب؟


تتزاحم التطورات في منطقة الخليج بشكل دراماتيكي، فبعدما وصلت العقوبات الأميركية على إيران الى مستوى غير مسبوق، جاء الردّ الايراني الحاسم بإعطاء أطراف الإتفاق النووي مهلة ستين يومً لتنفيذ التزاماتهم أو الخروج من الاتفاق...

ثم أخذت التهديدات بين الطرفين منحى عسكري، فأرسل الأميركيون حاملة الطائرات ابراهام لنكولن الى المنطقة وهدد بولتون بالرد عسكريًا على إيران في حال اعتدت على المصالح الاميركية أو على الحلفاء، وكان الردّ الايراني واضحًا بأن وجود القوات الأميركية في المنطقة يشكّل فرصة بدل أن يكون تهديدًا.

وعلى وقع ضجيج التهديدات، حصلت حادثة تخريب السفن في ميناء الفجيرة الاماراتي، بشكل يوحي وكأن هناك من يحاول أن يدفع الأمور الى التصعيد، فمن هم أصحاب المصلحة في ذلك؟

لا شكّ أن البيانات الهادئة التي صدرت عن كل من السعودية والإمارات وعدم توجيه الاتهام لأي طرف، تشي بأن الأطراف الخليجية تدرك جيدًا بأن أي تصعيد في المنطقة لن يكون لصالحها.

بالطبع، لا تريد الاطراف الخليجية أن يخفف ترامب من ضغوطه على إيران، كما يجدون أن العقوبات تحقق لهم أهدافًا مهمة، كتقويض النظام الايراني، وتأليب الشعب الايراني ضد حكومته، كما منع إيران من تصدير نفطها وإفقارها، ما يقلّص من قدرتها على دعم المقاومات في العالم العربي. لكن، بطبيعة الحال، تدرك هذه الدول أن الحرب لن تكون نزهة وستؤدي الى كوارث على المنطقة وشعوبها، وسيكون لها ارتدادتها الكارثية على الاسواق العالمية.

أما إيران، فهي - وبالرغم من مواجهة التهديد الأميركي بتهديد مقابل- إلا أن الايرانيين أيضًا يدركون خطورة الانجرار الى حرب، بالاضافة الى خطورة إغلاق مضيق هرمز على سمعة إيران الدولية  وأمن المنطقة والاقتصاد الايراني أيضًا، إذ أن أكثر من 70 بالمئة من الصادرات الايرانية تمر عبره.

لذا نجد أن الايرانيين غير معنيين بالتصعيد، وهم يحاولون منذ مجيء ترامب الى الإدارة الأميركية أن يستخموا سياسة "الصبر الاستراتيجي" بالرغم من كل الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد الايراني.

بالنسبة للأميركيين، تنقسم المواقف في الادارة الأميركية بالنسبة للتصعيد مع إيران، فنجد أن الرئيس ترامب وبالرغم من تعنته ضد الايرانيين، إلا أنه ليس من هواة شنّ الحروب العسكرية طالما تحقق الحروب الاقتصادية الأهداف الاميركية بدون كلفة، لذا عرض على الايرانيين الاتصال به للمفاوضات . أما مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، جون بولتون، فيمكن التكهن برغبته الدائمة بالتصعيد، وعدم رغبته بأي انفراج مع الايرانيين، لدرجة أنه يمكن التكهن بقيامه بإفشال أي اتفاق أميركي ايراني - قد يحصل-  بغض النظر عن المكاسب الاميركية فيه.

أما الطرف الأكثر استفادة من أي تصعيد، ولا نستبعد قيامه ببعض الاستفزازات لشحن الأجواء للحرب، هو اسرائيل. واللافت ما كانت قد ذكرته صحيفة معاريف قبل أيام من حادثة الفجيرة ، من أن جهاز الموساد الاسرائيلي حذّر الأميركيين من هجوم ستشنّه إيران على الاميركيين أو أحد حلفائهم في الخليج. وتحدثت الصحيفة أن إسرائيل نقلت تلك المعلومات إلى الأميركيين قبل أسبوعين خلال لقاء عقد فى واشنطن بين رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلى مئير بن شبات وجون بولتون.

بالطبع، من مصلحة الاسرائيليين دفع منطقة الخليج الى حرب تنخرط فيها دول مجلس التعاون الخليجي   ضد إيران... وبالرغم من إدراك الاسرائيليين عدم قدرة الخليجيين على الانتصار في هذه الحرب، ولكن على الاقل يأمل الاسرائيليون أن يزيد التقارب الخليجي الاسرائيلي، ويتم إحراج ايران وإغراقها في حرب تلهيها عن دعم حركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله، فتحقق مصلحة مزدوجة.

وبغض النظر عن الامال الاسرائيلية تلك،  لا نجد أن المنطقة ستذهب الى حرب، وستمارس الدول المعنية أقصى درجات ضبط النفس لإدراك الجميع أن شرارة قد تشعل حربًا اقليمية سرعان ما ستلهب العالم كله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق