2019/05/22

لبنان وإيران تحت مقصلة صفقة القرن؟


يومًا بعد يوم تتكشف فصول مما يسمى "صفقة القرن" التي تقول الادارة الأميركية أنها "خطة للسلام" بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وآخر تلك الفصول كان الاعلان عن المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في البحرين يومي 25 و26 حزيران المقبل؛ للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، وقد تمت دعوة اسرائيل الى هذا المؤتمر، التي من المتوقع أن ترد بشكل إيجابي وتشارك في المؤتمر، بحسب مسؤول اسرائيلي.

واقعيًا، لا يمكن فصل التطورات في المنطقة عن توجّه الإدارة الأميركية، لفرض رؤيتها للسلام في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك من خلال قضم الأرض الفلسطينية وإعطائها لإسرائيل مقابل تحسين أوضاع الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية... وعليه، لا نستبعد أن تكون الأزمات المتنقلة هي جزء من التمهيد لطرح صفقة القرن، ونجد فيها ما يلي:

- الضغوط غير المسبوقة على إيران، والتي تستهدف تجويع الايرانيين، والضغط على النظام الايراني لتغييره أو "تغيير سلوكه" بحسب التعبير الأميركي. وكجزء من تغيير السلوك المنشود أميركيًا، على الايرانيين أن يكفّوا عن دعم المقاومة الفلسطينية أو يضغطوا على حماس والجهاد الاسلامي للقبول بصفقة القرن الأميركية.

يعتقد الأميركيون أن الضغوط على إيران قد تؤدي في النهاية بأن تقوم إيران بالتخلي عن أوراق القوة التي تملكها، وإذا كان من المستحيل على الايرانيين التخلي عن برنامجهم الصاروخي، أو التخلي عن دعم حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق، فإنه من الممكن - بحسب التصور الأميركي - أن تتخلى إيران عن بعض أوراق القوة في فضائها المكتسب، أي في الملف الفلسطيني.

- القمتان التي دعت إليهما السعودية، لحشد الدعم وتوحيد الموقف العربي ضد "التهديدات الايرانية" والسعي لعمل كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب ما أعلن مصدر سعودي. ويخشى فعليًا من ان يكون انعقاد هذه القمة هو مقدمة لقبول عربي بما تشترطه صفقة القرن من تنازلات وقضم الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

إن انعقاد القمة العربية في مكة المكرمة في الثلاثين من أيار، وعلى مسافة أيام من إعلان صفقة القرن، قد يكون مطلوبًا من الأميركيين، ليستطيع السعوديين تمرير رسائل وتهديدات وفرض نفوذهم على الدول المشاركة للقبول بتلك الصفقة بدون اعتراض.

- الضغوط الاقتصادية التي تعانيها الحكومة اللبنانية، والاشاعات المبرمجة والممنهجة التي تحاول النيل من ثقة اللبنانيين والخارج بالاقتصاد اللبناني. ويُخشى أن يكون إفلاس البلد وإفقاره، والضغوط الاقتصادية التي تُمارس عليه، مقدمة لمقايضة تقوم على فكرة "توطين" اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وعدم عودتهم الى وطنهم الأم، مقابل مساعدات إقتصادية تحصل عليها الحكومة اللبنانية وتساهم في التخفيف من العجز المالي والاقتصادي.

وهكذا، ولغاية اليوم، يظهر ان كل ما رشح أو تسرّب عن صفقة القرن، يؤكد أنها ستأتي لتصفّي القضية الفلسطينية برمّتها وتقضي على حق العودة، والأخطر أن بعض الدول العربية باتت تجاهر علنًا بالتطبيع مع اسرائيل، وباتت تسير بدون خجل في مسار القضاء على الحقوق الفلسطينية... لكن، بكل تأكيد، لن يرضخ اللبنانيون للضغوط، ولن يسمح رئيس الجمهورية ومعه المقاومة بتمرير أجزاء من صفقة القرن على حساب لبنان، ويبقى الأمل بأن يتوحد الفلسطينيون ويحيدون خلافاتهم لمواجهة أخطر مرحلة في تاريخ فلسطين الحديث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق