2019/06/17

هل تكون الحرب في مصلحة إيران؟

يزداد التشنج يومًا بعد يوم في الخليج خاصة في مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي يشكّل الممر الحيوي لثلث إمدادات النفط العالمية. فبعد حادثة الفجيرة، تعرضت ناقلتي نفط نرويجية ويابانية لهجمات لم يحدد مصدرها فيما كانتا تبحران قرب مضيق هرمز.
وسارع الأميركيون والبريطانيون الى اتهام إيران بالهجمات ونشر البنتاغون فيديو لبحارة - ادعى انهم إيرانيون- واتهمهم بتدبير الحادثة، بينما طالبت كل من السعودية والإمارات بحماية دولية للملاحة في مياه الخليج، لتأمين إمدادات الطاقة وتأمين استقرار الاسواق العالمية.
وفي الوقت الذي تعلو فيه الاتهامات لطهران، ألمح الايرانيون أن الولايات المتحدة قد تكون وراء الهجمات "المشبوهة" تلك. واعتبر علي لاريجاني أنّ "الأعمال المريبة ضد ناقلات النفط في خليج عمان تأتي مكملة للعقوبات لأنّ واشنطن لم تحقق أية نتيجة من خلال العقوبات.
وأمام هذا التوتر والتصعيد المفتعل، وبالرغم من أننا نرى أن امكانية نشوب حرب هي امكانية بعيدة، ولكن ماذا لو نشبت الحرب بالفعل؟
بالرغم من أن لا الأميركيين ولا الإيرانيين يريدون تلك الحرب، إلا أن بعض الرؤوس الحامية في الخليج والتي تُعرف عادة بعدم عقلانيتها، قد تتوهم أن الحرب ستكون لصالحها وأنها ستتخلص من إيران بضربة أميركية، وهذا وهم أكيد.
بالتأكيد يملك الأميركيون القوة البحرية الأقوى عالميًا، ولكن موازين القوى في تلك الحرب لا تحتسب بالقدرة على إطلاق الصواريخ أو وجود حاملات الطائرات، بل إن معركة الاستنزاف ستمتد الى أماكن عدّة في الشرق الاوسط وأنحاء الخليج العربي. وإذا اندلعت شرارة الحرب في الخليج، فإنها لن تبقى في إطارها المحدود إقليميًا، بل إن جبهات عدّة ستشتعل تزامنًا مع اندلاع المواجهات.

كما إن انتشار القواعد العسكرية الأميركية في دول مجلس التعاون الخليجي، لا يعني أن الأميركيين سيذهبون ببساطة الى حرب يتمناها الخليجيون العرب ويخشونها في نفس الوقت، فالكلفة المادية والبشرية والاقتصادية، بالاضافة الى تأثير تلك الحرب على إمدادات الطاقة العالمية، تجعل من صانع القرار الاميركي يتراجع ويتريث أمام محدودية القدرة العسكرية على انهاء الحرب بدون كلفة باهظة.
أما من الجهة الإيرانية، وبالرغم من أن الايراني يعلن دائمًا عدم رغبته بالانجرار الى الحرب، كما يدرك خطورة المرحلة ودقتها، وإن أي حسابات غير دقيقة قد تشعل المنطقة برمّتها. وبالرغم من اي صانع قرار إيراني يدرك أن الحرب ليست نزهة،  ولكن - واقعيًا- يعاني الإيرانيون من حرب إقتصادية ومادية وضغوط اجتماعية داخلية باتت تخنق المجتمع الايراني وتشكّل ضغطًا شديدًا على الحكومة التي تقف عاجزة أمام وطأة الصعوبات الاقتصادية... وعليه، فإن أي حرب عسكرية، أقلّه من ناحية نظرية، قد تجعل الردّ الايراني متكافئًا مع العدو وقادرًا على الرد أكثر من الحرب الاقتصادية، ولعلها - بمعنى من المعاني- قد تؤدي الى انفراج في النهاية يكون أفضل من حال المراوحة القاتلة.
في النتيجة، لقد مرّ تاريخ العلاقات الدولية بظروف مشابهة للظروف التي تعيشها منطقة الخليج اليوم، ولقد اندفع العديد من الدول الى حروب لم يكونوا يريدونها؛ فإما أنها فرضت عليهم فرضًا أو كانت نوعًا من الهروب الى الامام لبعضهم.. ولكن السوابق تفيد أيضًا، أنه لن يكون بإمكان أحد حسم تلك الحرب في الخليج... لذا، من الافضل على الجميع التحلي بالحكمة والصبر، وخاصة الخليجيين العرب الذي لم يستطيعوا إنهاء حرب اليمن، فإذ بهم يحاولون دفع الأمور الى حرب مع إيران؟ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق