2020/07/01

ضمّ الضفة: كيف يطوّع الاوروبيون قوانينهم لصالح "اسرائيل"؟


تعيش منطقة الشرق الأوسط والعالم، على وقع الأنباء الواردة من فلسطين المحتلة والتي تتحدث عن قرار اسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن تنفيذًا لما سمي اصطلاحًا "صفقة القرن"، والتي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكان يفترض أن تبدأ إسرائيل عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية يوم الأربعاء في 1 تموز/يوليو، لكن الولايات المتحدة الأميركية، وبالرغم من أن سفيرها في "اسرائيل" كان أكثر المتحمسين لعملية الضمّ، لم تعطِ الموافقة النهائية على آليات تطبيق الخطة، وذلك خوفًا من أن تأتي العملية بردود فعل عكسية تؤثر سلبًا على الانتخابات الأميركية ( كان ترامب بالأساس مستعجلاً على الضمّ لإستثمار الموضوع في الانتخابات، لكن ردود الفعل الدولية والفلسطينية المعترضة والخوف من نتائج عكسية دفعته للتريث).

ويبقى اللافت هو الموقف الأوروبي من القضية، فبالرغم من قيام الأوروبيين بالتعبير عن رفضهم للضمّ واعتبار الموضوع مخالفًا للقانون الدولي إلا أن العديد من الدول الأوروبية، ومنهم إلمانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي، رفضت فرض عقوبات على "اسرائيل"، وقال البرلمان الإلماني (البوندستاغ) أن  "المباحثات حول عقوبات آحادية أو التهديد بعقوبات لا يحمل أي أثر بنّاء على عملية السلام". مع العلم، أن الاتحاد الاوروبي كان في وقت سابق قد أقرّ حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا  بسبب ضمّ القرم، والذي اعتُبر عملاً مخالفًا للقانون الدولي.

فرض كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وكندا ودول أخرى، عقوبات اقتصادية على روسيا عام 2014، بعد ضمّ القرم، وتمّ تشديد هذه العقوبات في فترات لاحقة بعدما حصلت انتخابات في القرم وسواها من الأعمال التي كرّست السيادة الروسية على شبه الجزيرة. تنوّعت هذه العقوبات بين نوع يقيّد الوصول إلى الأسواق والخدمات المالية الغربية بالنسبة لمؤسسات روسية حكومية في قطاعات الصرافة والطاقة والدفاع. ويفرض النوع الثاني حظرًا على الصادرات إلى روسيا والأجهزة المستخدمة للتنقيب عن النفط وإنتاجه. أما النوع الثالث فيفرض حظرًا على الصادرات الدفاعية والعسكرية إلى روسيا.

وهكذا، يكون الاتحاد الأوروبي قد طبّق ازدواجية المعايير، خاصة في ظل مبدأ واضح وضريح في القانون الدولي، وهو "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو خلال الحرب"، وقد أكد مجلس الأمن على هذا المبدأ في العديد من القرارات الدولية التي تعاملت مع الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967.

إن عدم الشرعية القانونية لضم الضفة أو سواها من الأراضي الفلسطينية، ينطلق من مبادئ أساسية وواضحة في القانون الدولي، أهمها مبدأ "عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير" وهو أحد القواعد القطعية التي لا يُسمح فيها باي استثناء، وقد أكدته القواعد القانونية، وقرارات محكمة العدل الدولية وكذلك قرارات الأمم المتحدة المختلفة بالإضافة الى "حق الشعوب في تقرير مصيرها" وهو من المبادئ الآمرة في القانون الدولي.

وهكذا، وبما أن الاتحاد الاوروبي ينطلق من نفس المبادئ الدولية لتجريم ضم روسيا للقرم، كان من المفترض بالاتحاد اتخاذ سياسات متسقة تعتمد وحدة المعايير، كأن يقوم الأوروبيون - على الأقل- بفرض نفس الإجراءات العقابية التي تمّ فرضها في القرم ومنها منع المواطنين والشركات الاوروبية من الاستثمار او السياحة أو تملك عقارات الخ... في المناطق التي يتمّ ضمّها في فلسطين.

لا شكّ إن التعامل الأوروبي اليوم مع ضمّ الضفة يتمّ بطرق ملتوية، وما الحديث عن عدم القدرة على فرض عقوبات خوفًا من الاضرار بالسلام، يؤكد أن الأوروبيين إنما يحاولون تطويع القانون الاوروبي والقانون الدولي لصالح حسابات سياسية، مرتبطة بالصراع الدولي وهي أبعد ما تكون عن احترام ذلك القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق