2021/02/15

الحريري وحلم عودة الترويكا


 

يستمر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالمماطلة والتسويف ووضع الشروط التعجيزية لتشكيل الحكومة، وهو أمر كان معروف ومتوقع له منذ تكليف الحريري، وهو ما حذّر منه الرئيس عون خلال فترة الاستشارات النيابية التي أوصلت الحريري الى أن يكون رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة، حين وضع النواب أمام مسؤولياتهم ونبههم الى الحريري قد لا يريد ولا يستطيع تشكيل حكومة.

 

وهنا، يمكن القول ان هناك تحالفاً سياسياً عتيقاً ما زال يمنّي النفس بالعودة الى الترويكا واستعادة حقبة التسعينات من القرن الماضي، فقاموا بالإطاحة بحسان دياب ودفعوا حكومته دفعاً الى الاستقالة بدون التأكد من القدرة على إيجاد بديل في فترة مقبولة، كما استبسلوا للذهاب الى تكليف الحريري بدون مشاورات سابقة لتسهيل عملية التأليف كان خطأ إضافياً يضاف الى الاخطاء المتراكمة التي ارتكبت منذ 17 تشرين الاول 2019 ولغاية اليوم.

 

واليوم، يدخل لبنان مرة جديدة مرحلة من الاستعصاء الحكومي، وذلك لعدّة أسباب أهمها:

 

- إعتقاد سعد الحريري ومعه بعض القوى السياسية اللبنانية أنهم يستطيعون الضغط  للعودة الى حقبة التسعينات واستعادة مشهد رفيق الحريري مع الياس الهراوي. إن استغلال الأزمة الاقتصادية لابتزاز رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون لن ينجح، فلن يقدم رئيس الجمهورية على التنازل لا عن التدقيق الجنائي ولا عن الاشتراط على تضمين خطة إصلاحية في برنامج عمل الحكومة ولا بتكرار مشهد يعرفه اللبنانيون جيداً حين خرج السنيورة من عند المحقق متهماً بتبديد المال العام، ليصبح وزيراً (عيّنه الحريري الأب) مؤتمناً على المال العام، في خطوة تشبه ائتمان الديب على الغنم.

 

- إن قول البعض أن رئيس الجمهورية هو الحَكم وبالتالي يكون جميع الوزراء له،  وان الوزراء الاختصاصيين الذي يريد الحريري أن يعيّنهم لا ميول سياسية لهم، هو قول طوباوي يحاول ذرّ الرماد في العيون، فتجربة اميل لحود ما زالت ماثلة للعيان، وخاصة تجربته مع شارل رزق وطارق متري، ولن يؤخذ الرئيس عون بهذا الكلام المعسول الذي لا يُصرف في اي مكان، والجميع يعرف أن لا مستقلين فعليين في لبنان.

 

- إن الادعاء أن رئيس الجمهورية يتشاور فقط مع رئيس الحكومة ولا يحق له المشاركة في التأليف وإبداء الرأي في التشكيلة أو رفضها، تدحضه كل التفسيرات القانونية والدستورية من قبل المختصين والفقهاء الدستوريين.

 

احتفظ رئيس جمهورية ما بعد الطائف بصلاحيات قليلة (وهذه منها) وبالتالي لن يسجّل الرئيس عون على نفسه التفريط بصلاحيات رئيس الجمهورية وإعادة عقارب الساعة الى الوراء حين كان الحريري الأب والسوريين يقررون حكومة لبنان والهراوي يكتفي بالتوقيع.

 

بكل الأحوال، إن الشروط  التعجيزية التي يضعها الحريري لتشكيل الحكومة ولو كان البعض في الداخل (الترويكا القديمة) تشجعه عليها، فإن المعضلة الرئيسية تكمن في الافراج السعودي عن الحكومة وإعطاء الضوء الأخضر لسعد الحريري لتشكيل حكومة لبنانية، وهو أمر لن يحصل في المدى المنظور.

 

إن القلق السعودي مما سيحمله بايدن في جعبته للمنطقة وعودة التفاهم مع ايران، وما سيرتبه ذلك من خلط للأوراق، سيدفع المعنيين في السعودية الى الاحتفاظ بجميع الأوراق وعدم تسهيل حلّ أي من أزمات المنطقة التي تستطيع التأثير فيها وذلك لوضعها على طاولة المفاوضات حين يحين الأوان.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق