2022/03/28

عودة سوريا الى لبنان!!

في زيارة مفاجئة، استقبلت الامارات العربية المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد في أول زيارة عربية تاريخية له بعد سنوات من القطيعة والحرب في سوريا.

وقد أعربت الولايات المتحدة عن إحباطها الشديد من الزيارة، وقال ند برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، "نحن محبطون بشدة، وقلقون لهذه المحاولة المفضوحة، لشرعنة وضع بشار الأسد، الذي يعد مسؤولاً وعرضة للمساءلة، عن مقتل ومعاناة عدد كبير من السوريين".

وبالرغم من التصريح الأميركي، لا يبدو أن الدعوة التي تلقاها الرئيس السوري، هي خارج إطار التصور الأميركي – الخليجي لفترة ما بعد الاتفاق النووي في المنطقة، والذي يبدو أنه يقوم على ما يلي:

1-  توقيع اتفاق نووي مع إيران يعطيها القدرة على استخدام مواردها المالية، ويرفع عنها العقوبات الأميركية، مقابل تعهد بعدم تصنيع قنبلة نووية. في المقابل، لم تستطع الولايات المتحدة وحلفائها، أخذ ضمانات من إيران في موضوع نفوذها الاقليمي ودعمها للقوى الحليفة في العديد من الدول في المنطقة، وهو ما حاول السعوديون والاسرائيليون الدفع اليه خلال المفاوضات.

2-  كانت السعودية تريد من الولايات المتحدة ربط الاتفاق النووي بالموضوع اليمني، بينما تريد إسرائيل ربطه بدعم قوى المقاومة في كل من فلسطين ولبنان، لكن الايراني تصلّب خلال المفاوضات رافضاً ربط الملفات الاقليمية بالملف النووي، بالرغم من كل الضغوط.

3-  أتت الحرب الروسية في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط والغاز في العالم وحاجة الاميركيين الى تهدئة الأسواق العالمية، لتضيف قوة الى موقف المفاوض الايراني الذي يفاوض اليوم على إزالة الحرس الثوري الايراني عن لوائح الارهاب الأميركية وعلى إزالة كافة العقوبات المفروضة على مؤسسات الحرس، معتبراً ان الحرس جزء من الجيش الوطني وبالتالي لا يمكن القبول بوضع جيش على لوائح الارهاب.

في هذا الاطار، وفي ظل اتجاه لخلط الأوراق في المنطقة بعد العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، يسود القلق لدى اسرائيل والدول الخليجية وذلك لأن رفع العقوبات عن إيران سوف يزيد قوتها الاقليمية وتوسّع نفوذها، خاصة في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

لذا، لا بد من مقاربة الملفين اللبناني والسوري بنظرة مختلفة عن النظرة التي سادت في السنوات السابقة، اي أن سياسة الضغوط القصوى والعقوبات سوف تدفع الشعبين الى الانفجار بوجه إيران وحلفائها، والى تقوية النفوذ الخليجي والاميركي فيهما. لقد أظهرت نتائج تلك السياسة أن الامر أتى بنتيجة عكسية.

على سبيل المثال، في لبنان الذي يتحضّر للانتخابات النيابية، يبدو أن حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما سوف يحافظون على نسبة عالية من المقاعد التي حصلوا عليها عام 2018، وأن انتفاضة 17 تشرين وما بعدها، وكل الجحيم الذي ذاقه اللبنانيون نتيجة الضغوط القصوى والازمات المفتعلة والانهيار الاقتصادي لم تؤدِ الى النتيجة التي كان المخططون يريدونها.

من هنا، فإن تغيير السياسة السابقة بات ضرورة ملحةَ على أبواب توقيع الاتفاق النووي، فكان تصوّر خليجي - أميركي بضرورة العودة الى لبنان وتخفيف الضغوط الاقتصادية، واستخدام النفوذ السوري التاريخي في لبنان لموازنة النفوذ الايراني الذي توسّع مع الانكفاءة الخليجية عن لبنان. وعليه، سوف يحاول الخليج العربي في المرحلة القادمة، تعويم دوره في لبنان بعودة سفرائه، وبالاستناد الى نفوذ تاريخي سوري قديم يعاد إحياؤه، وعبر إعطاء سوريا مكاسب سياسية وتمويل خطط إعادة الاعمار في حال نجحت الخطة الحالية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق