2022/05/09

انتخابات لبنان: ماذا بعد تشظي المستقبل والثورة؟

 

بدأت المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية اللبنانية في الخارج، معلنة طي مرحلة الخشية على مصير الانتخابات والتي كان كثيرون يخشون افتعال إشكالات وفوضى أمنية لتأجيلها أو لإلغائها.

 

وفي ظل الحماوة الانتخابية، يبدو مشهد التنافس الانتخابي والحماوة الخطابية والاتهامات المتبادلة مشهداً طبيعياً عاشه اللبنانيون في فترات الانتخابات السابقة، لكن الانتخابات الحالية تتميز – استثنائياً- بما يلي:

 

1معارك داحس والغبراء بين لوائح المسماة "تغييرية"

 

يطغى على المشهد الانتخابي التنافس والتخوين بين لوائح المجتمع المدني أو من يسمون أنفسهم "تغييريين"، والذين تبلغ نسبة لوائحهم نحو 60% من مجموع اللوائح في لبنان.

 

يعد هؤلاء اللبنانيين بالتوحد بعد الانتخابات والسير بمشروع واحد في المجلس النيابي في حال وصولهم الى السلطة، لكن الخطابات الانتخابية والتخوين الذي يمارسونه ضد بعضهم اليوم يجعل من الصعب تحقيق الوحدة في المستقبل، بل يبدو الامر أشبه بالوعود الانتخابية الأخرى، والتي تشبه "بيع الاوهام" للبنانيين.

 

2محاولة شطب الحريري من المعادلة السياسية

 

بسبب موقفه من مقاطعة الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً، يتعرض سعد الحريري لحملة واسعة النطاق من قبل قوى 14 آذار وخاصة القوات اللبنانية، وصلت الى حد التخوين والاتهام بخدمة ح ز ب الله. وقد دخلت الرياض على خط التخوين والهجوم حين قامت الصحف السعودية بإطلاق صفة "الجيفة السياسية" على سعد الحريري، واتهامه "بالتشيع السياسي"، وأنه بات يشبه الايرانيين.

 

يخوض محبو سعد الحريري وجمهوره الوفي اليوم، معارك على جبهات عدّة، أهمها:

 

-      ضد الاعلام الخليجي الذي بالغ في التطاول على كرامة الحريري.

 

-      ضد القوات اللبنانية التي يتهمونها بالخيانة وبالغدر، ويذكرون مراحل الغدر القواتي فيعودون بالذكرى الى 7 أيار، حين واجه الحريري وتهربت القوات وأشرف ريفي من المعركة، بحسب قولهم. ثم يدرجون سلسلة من المواقف لجعجع، محملينه مسؤولية اعتقال الحريري في الرياض عام 2017.

 

-      ضدّ السنيورة وأشرف ريفي وآخرين من المرشحين السنّة ممن يتهمونهم  بأنهم خانوا تيار المستقبل ورئيسه.

 

وفي هذا الإطار، يُنتظر من هذه الانتخابات أن تحدد موقع الحريري في السلطة مستقبلاً. فإن استطاع التأثير على الناخبين السنّة عاطفياً ودفعهم الى مقاطعة الانتخابات بشكل كبير، يبقى أمل – ولو ضعيف- بأن يكون قادراً على العودة الى الساحة السياسية متسلحاً بتفويض شعبي غير معلن (تكمن المشكلة الأساسية في موقف ولي العهد السعودي من عودته)

 

واقعياً، تبقى العوائق أمام الحريري لفرض المقاطعة: المال الانتخابي الذي يُصرف بوفرة في ظل أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها الجميع، بالاضافة الى كثرة المرشحين السنّة وتعدد اللوائح الانتخابية التي يمكن أن تستقطب من هنا وهناك بحيث تجعل المشاركة السنية عالية النسبة.

بالنتيجة، يتجه لبنان الى انتخابات مصيرية بلا شكّ، فالغالبية التي ستفرزها صناديق الاقتراع  ستنتخب رئيس الجمهورية اللبنانية القادم وسيكون لها الكلمة الفصل في تشكيل الحكومات، وأمامها مهمات كبرى، منها ترسيم الحدود البحرية، التدقيق الجنائي وإقرار خطة التعافي المالي، وتوزيع الخسائر، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، ، عودة النازحين السوريين، هذا عدا عن استحقاقات التسوية في المنطقة.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق