2023/04/03

حدود "غض النظر" الأميركي تجاه تسويات المنطقة

ذكرت بعض المصادر الصحفية أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيتوجه إلى دمشق، وذلك لتوجيه دعوة سعودية الى الرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في 19 أيار/ مايو المقبل.

وهكذا، يكون ملف المصالحات العربية العربية قد تسارع، خاصة بعد إعلان قطر موقفها حيال المصالحة مع سوريا، حين أعلن مسؤول قطري أن بلاده لا ترى مصلحة في المصالحة مع النظام السوري بدون أن يقدم على تنازلات تسهم في الحل السياسي في سوريا، لكنه أكد أن قطر لن تخرج عن الاجماع العربي في هذا الإطار.

وبعودة سوريا الى جامعة الدول العربية، يكون قد سقط جزء أساسي من عزلة سوريا وحصارها، لكن سيكون أمام التعافي السوري الاقتصادي وإعادة الإعمار مسار طويل مرتبط بموافقة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي على تخفيف العقوبات على سوريا بموجب قانون قيصر الذي سيمنع أي إمكانية لاستثمارات هامة في سوريا ما لم تلغى أو تخفف تلك العقوبات أو يتم التغاضي عن تطبيقها ضد الذي سيدعمون سوريا اقتصادياً وتنموياً وإعمارياً.

وبالتوازي مع المصالحة السورية مع العرب وبدء تخفيف وطأة العقوبات عليها، بات الجميع يدرك أن أي تقدم ونهوض للبنان يرتبط بملفين: الاصلاحات الداخلية التي ترتبط بشكل وثيق مع تسوية سياسية اقليمية - داخلية، وعودة المهجرين السوريين من لبنان الى سوريا لتخفيف العبء والضغط الاقتصادي على البنية التحتية اللبنانية.... وهذا مرتبط بموقف المملكة العربية السعودية ورضاها عن التسوية التي ستأتي برئيس للجمهورية وتحدد مصير الحكومة وشكلها ورئيسها.

وعليه، ما الذي سيكون عليه الموقف الأميركي من هذه التطورات؟

-        بالمبدأ، لا يبدو أن هناك فيتو أميركي حاسم ضد عودة سوريا الى الجامعة العربية، وهو واضح من خلال تسارع مسار المصالحة مع سوريا وقيام الدول العربية وعلى رأسهم  السعودية ومصر بفتح الملف على مصراعيه، وهو أمر كان سبق للدول العربية التوجه اليه قبل سنوات، لكن الفيتو الأميركي الأكيد حينها فرمل الاندفاعة العربية فتمّ تأجيلها.

-        إن تسارع المصالحة السعودية الإيرانية والتوجه الى زيارات قمة مرتقبة بين البلدين، يشير الى أن الأميركيين ليسوا بصدد إيقاف مسار تلك المصالحات، بل إن لهم مصلحة في المصالحة التي تؤدي الاستقرار في المنطقة وهو أمر كان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قد دعا العرب إليه سابقاً. حينها، وبعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، توجه أوباما الى الدول العربية لبدء مسار اقليمي تصالحي، ودعا الحلفاء العرب للبدء بـ"حديث عملي" مع إيران للحدّ من الانقسامات المذهبيّة ومواجهة التهديدات الإرهابيّة المشتركة.

بالنتيجة، يبدو أن الأميركيين ليسوا بصدد وقف اندفاعة المصالحات العربية العربية، والمصالحة العربية الايرانية، بالرغم من دخول الصين الى الساحة الشرق أوسطية كراعٍ للسلام.

وعلى ما يبدو، سيغضّ الأميركيين النظرعن التطورات السياسية في الشرق الأوسط ولو أنها ليست بإدارتهم تماماً، لأن في ذلك تحقيق لمصلحة أكيدة للولايات المتحدة، أي تأمين الاستقرار مع حفظ مصالحهم الحيوية في الشرق الأوسط للتوجه الى شرق آسيا لاحتواء الصين وهي الخطة الأساسية التي أطلقها أوباما خلال ولايته الثانية.

لكن، يبقى الخط الأميركي الفاصل في حدود التسامح مع التغلغل الصيني في الشرق الأوسط، وهو المسّ بالنظام الأمني الذي أرساه الأميركيون في الخليج، أي قيام الصين بعقد اتفاقيات أمنية ونشر قواعد عسكرية منافسة للأميركيين في الخليج، وهو أمر من الصعب على الأميركيين تقبله أو غضّ النظر عنه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق