2019/04/10

"صفقة القرن": دور المسيحية "المتصهينة"



يومًا بعد يوم، تتكشف بنود من المؤامرة التي يخططها ترامب وإدارته لمستقبل المنطقة وقضية الصراع العربي، أو ما يسمى اصطلاحًا "صفقة القرن".

وبالرغم أن انكشاف بعض بنود تلك الصفقة عبر الاعلام، والتي تحدثت عن تبادل أراضٍ، حيث يكون للفلسطينيين قطاع غزة فقط (مشروع غزة أولاً) مع بعض الأراضي من صحراء سيناء والأردن، على أن تقوم السعودية بتعويض تلك الأراضي للدولتين، بالاضافة الى توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم...

 ولقد كشفت تصريحات نتنياهو الأخيرة قبل الانتخابات الاسرائيلية عن جزء هام من تلك "الصفقة"، والتي اعتبر فيها أنه لن يقبل بتفكيك المستوطنات بل سيزيدها، وأن القدس بأكملها ستكون عاصمة "اسرائيل"، وأنه سيضم الضفة الغربية الى السيادة الاسرائيلية وسيطلب من الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بتلك السيادة.

ومع تجربة نقل السفارة الأميركية الى القدس والاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل، يمكن التكهن بأن ترامب سيقوم بالاعتراف بضم الضفة الغربية الى "اسرائيل"، طالما قام بما قام به في السابق ولم يحصل أي تصعيد بالمقابل، بل ما زال العرب يهرولون للتطبيع مع اسرائيل ويهرعون لاسترضائه.

لكن، لماذا يقوم ترامب بكل هذه الخدمات لنتنياهو وماذا يريد "التاجر ترامب" بالمقابل؟

فعليًا بدأ ترامب منذ انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية، بالتحضير للانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2020، ويحتاج ترامب لإعادة انتخابه الى دعم اللوبي اليهودي في أميركا بالاضافة الى أصوات الكتلة الانجيلية.

بالنسبة للوبي اليهودي، يدرك ترامب حجم التأثير الذي يمتلكه هذا اللوبي على صعيد الجامعات والاعلام والتأثير على الكونغرس، بالاضافة الى مجموعات التفكير المختلفة والتي تستطيع تشكيل رأي عام ضاغط يعاقب من يعادي اسرائيل، و"يعوّم" من يخدمها، ويحفّز الناخبين للتصويت له.

أما بالنسبة لأتباع اليمين الاصولي الانجيلي، فهؤلاء يصوّتون عادة لمرشحي الحزب الجمهوري، اعتقادًا منهم أنهم "أكثر تدينًا"... وبالرغم من الفضائح الأخلاقية التي رافقت مسيرة ترامب السياسية، وابتعاده عن التدين، إلا أن هذه الكتلة أعطته 81% من أصواتها عام 2016. من هنا، كان الضغط الشديد الذي مارسه ترامب على تركيا في قضية القس برونسون والتي كادت تقطع العلاقات الأميركية مع دول حليفة في حلف الناتو.

وتشير التقارير الصحفية، الى أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل، كان بنتيجة جهود وضغوط من هؤلاء، وأن نتنياهو عقد إجتماعًا مع بعض النافذين في الكنيسة الانجيلية لشكرهم في إقناع ترامب باتخاذ قرار نقل السفارة.

يقرأ "اليمين المسيحي الانجيلي" في نصوص العهد القديم، ويؤمنون بما أتت به، أي بنفس الأفكار التي روّجت لها الصهيونية، أي وجوب قيام دولة اسرائيل أن المسيح سيعود مرة ثانية لمحاربة الشر على الأرض بعدما يحصل إعادة تجميع لليهود في فلسطين، وبناء الهيكل في "اورشليم".

وبعد قيام ترامب بنقل السفارة الى القدس والاعتراف بالجولان، حاول ترامب استخدام تصريحات النائبة المسلمة الهان عمر لاتهامها بمعاداة اسرائيل، ولاستغلال الحركة الحزبية " جيكزودس" التي تشجع على ابتعاد اليهود عن الحزب الديموقراطي والانتقال الى الحزب الجمهوري ودعم الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة.

إذًا، تبدو القاعدة الحزبية التي سيتكل عليها ترامب في انتخاباته المقبلة، هي الحركات المسيحية "المتصهينة"، بالاضافة الى دعم اللوبي اليهودي، وجنرالات البنتاغون الذين أغراهم ترامب بزيادة الموازنة الدفاعية الى أقصى حد... وإذا استمر ترامب في سياساته الجاذبة لليهود واليمين المسيحي الانجيلي، واستمر الحزب الديمقراطي في الغرق في مشاكله وعدم القدرة على إيجاد مرشح لمنافسة ترامب بقوة، يكون على العالم والاميركيين التعايش مع فكرة بقاء ترامب أربع سنوات إضافية أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق