2019/04/04

انحسار الموجات الشعبوية؟

حدثان يسيطران على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ولفتا نظر العالم لأهميتيهما:
1- الانتخابات المحلية في تركيا والخسارة التي مُني بها حزب العدالة والتنمية، أي حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في المدن الكبرى في الانتخابات المحلية التي أجريت نهاية الأسبوع المنصرم في أقوى ضربة يتعرض لها الحزب على مدار 16 عامًا، أي منذ وصوله الى السلطة في تشرين الثاني من عام 2002 .. وبالرغم من حصول تحالف حزب العدالة والتنمية على ما يزيد عن 51 في المئة من أصوات الناخبين، إلا أن هزيمته في المدن الكبرى لا شكّ أن لها دلالاتها الداخلية التي سيدرسها أردوغان بدقة.
2- الجدل حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والفشل المستمر الذي ما زالت تواجهه خطة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للانسحاب من الاتحاد.
وتواجه تيريزا ماي خطر حجب الثقة عنها أو دفعها الى الاستقالة بنفسها، وتتحدث التقارير عن خطر استقالة العديد من الوزراء من المؤيدين للاتحاد الأوروبي، إذا اتجهت ماي إلى الخروج من الاتحاد بدون اتفاق، في حين يرجح أن يستقيل الوزراء المؤيدون للخروج إذا دعمت اتحادًا جمركيًا مع الاتحاد الأوروبي أو سعت إلى تأجيل الخروج الى وقت طويل.
ولقد وقّع أكثر من ستة ملايين شخص، على العريضة الإلكترونية التي تطالب بإلغاء "بريكست" وإبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي. وتدعو العريضة إلى إلغاء المادة 50 من معاهدة لشبونة، والتي تنص على آليات الخروج من الاتحاد، ودفع بريطانيا الى البقاء في الاتحاد الأوروبي.
ويبدو من القضيتين المتفاعلتين، أن الخسائر الاقتصادية وانهيار العملات والانكماش والبطالة، قد تكون من العوامل التي تستطيع التخفيف من أثر الخطابات الشعبوية الى حد بعيد، فيطغى الهمّ الاقتصادي على تعاظم الاحساس بالخطر من "الآخر".  
ففي حالة أردوغان، يبدو أن الخطابات الحماسية والتحريضية واستثارة الغرائز الطائفية، وإلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الأزمات الاقتصادية لم تعد تجدي نفعًا مع سكان المدن التركية الذين يعانون من الانكماش الاقتصادي وانهيار سعر الليرة التركية.
أما في بريطانيا، فإن الخيارات المتاحة أمام البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي بدون أكلاف مالية واقتصادية كبيرة تبدو معدومة، لذا فإن المراقبين يتحدثون اليوم عن أن إعادة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الاوروبي قد تحقق مفاجآت، وقد تدفع الشعب الى قلب النتيجة والتصويت لعدم الخروج.
إذًا، يبدو أن استمرار الأزمات الاقتصادية أو الدخول فيها يعمل بطريقة عكسية لما تستطيع أن تفعله حملة انتخابية تعتمد على أمننة القضايا الاجتماعية، واستثارة الغرائز العنصرية ضد "الآخر" والتهويل بخطر وجودي لدفع الناخبين الى تأييد قضية ما أو حزب ما... وسيعمد الناخبون الى التخلي عن مرشحهم أو زعيمهم في حال لم يقدم لهم الخطاب الشعبوي أي تغيير للأفضل في وضعهم الاقتصادي أو الاجتماعي.
وبناءً على هذه النتيجة، يمكن القول أن التأييد الشعبي الذي حققه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2016، قد يحققه في العام 2020، بشرط تحسن الوضع الاقتصادي وانحسار نسب البطالة، وخلق فرص عمل في الداخل الأميركي. أما في حال حصل انكماش اقتصادي وعدم استطاعة ترامب تحقيق الازدهار الاقتصادي الذي كان قد وعد به، فمن المحتمل أن لا تنفع كل الخطابات الغرائزية في عودته الى البيت الابيض.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق