تحتدم المنافسة في "اسرائيل" تمهيدًا للانتخابات التي ستحصل الثلاثاء في التاسع من نيسان الجاري، ولقد أشارت الاستطلاعات في وقت سابق الى تراجع كبير في شعبية نتنياهو خاصة في ظل الاتهامات له بقضايا فساد، وارتفاع أسهم الجنرالات في اسرائيل خاصة بيني غانتس، مرشح حزب أزرق أبيض.
وأمام هذا التراجع في شعبيته، صعّد نتنياهو من إجراءاته العدوانية ضد قطاع غزة، واندفع الى أقصى اليمين مخاطبًا جمهورًا من المتعصبين واليمين الفاشي في اسرائيل، معلنًا صراحةً أن "من يعتقد أنه سيكون هناك دولة فلسطينية تغلّف إسرائيل من الاتّجاهين فإننا نبلغه أنّ هذا الأمر لن يحدث"، وأضاف أن هناك ثلاثة مبادئ (في صفقة القرن التي يتفق مع الاميركيين على تطبيقها)، هي "عدم اقتلاع أيّ مستوطن ولا أيّ مستوطنة، وإبقاء السيطرة في يد الإسرائيليين على كلّ المنطقة غرب الأردن أي أن البقاء هناك دائم، وعدم تقسيم القدس".
وفي مقابلة متلفزة أعلن نتنياهو أنه سيطبّق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية اذا فاز بولاية جديدة في الانتخابات المبكرة المقرّرة في 9 نيسان/ أبريل الحالي.
بالطبع، يحق لنتنياهو أن يتباهى ويتفاخر بأنه ينوي الاعتداء على الحقوق الفلسطينية المشروعة، فلقد أضيف الى الدعم الداخلي الذي يحظى به من اليمين الاسرائيلي، دعم من نوع آخر: دعم دولي تقاطع فيه دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كان الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، دعمًا واضحًا من الرئيس الأميركي الى نتنياهو، لاعطائه دفعًا جديدًا ليتفوق على خصومه من الجنرالات، خاصة "بيني غانتس".
وبالإضافة الى ترامب، كان واضحًا أن الرئيس بوتين أيضًا يدعم نتنياهو مرشح اليمين ضد اليسار الاسرائيلي وكأنه ضمنًا يمهّد لصفقة القرن، وذلك عبر أمور عدّة أهمها:
- زوال الخط الأحمر الروسي أمام تحليق الطائرات الاسرائيلية في السماء والاعتداء على السيادة السورية، وذلك بالسماح للاسرائيليين بقصف حلب، لما قيل انه استهداف لمقرات إيرانية هناك.
- تقديم بوتين هدية لنتنياهو، وذلك عبر تسليمه رفات الجندي الاسرائيلي الذي قُتل خلال الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982. واللافت كان التكريم الذي أقامه الروس لجثة ذلك الجندي، وتباهي بوتين بأنه يرسله الى اسرائيل ليحصل على "التكريم" الذي يستحقه في بلاده... وهنا يصح التساؤل: أي تكريم يستحق لجندي من الغزاة قُتل خلال العدوان على كرامة وسيادة دول أخرى خارج نطاق القانون الدولي وكل المواثيق والأعراف الدولية؟
- هذا في العلن، أما في السر فلا نعرف إذا كان بوتين قد أوعز للمواطنين اليهود الاسرائيليين من أصول روسية بالتصويت لنتنياهو في الانتخابات المقبلة..
بكل الأحوال، إن التصعيد الكلامي الذي يقوم به نتنياهو والدعم الدولي الذي حظي به قد يعيده الى رئاسة الحكومة في اسرائيل بعد الانتخابات، ولكن ذلك بالتأكيد لن يكون في مصلحة اسرائيل، فكلما ازداد الفجور الاسرائيلي، وكلما ازداد الظلم، كلما وضع أهل المنطقة نصب أعينهم أنه لا مفر أمامهم من المقاومة المسلحة، فأي أمل يُرجي من قانون دولي أو مفاوضات سلمية، طالما تكافئ الدول القاتل وتسحق القتيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق