تجري الانتخابات البرلمانية اليوم في "اسرائيل"،
وهي الثالثة في أقل من عام، ويتوقع العديد من الخبراء الاتجاه الى جولة انتخابات رابعة
فيما لو بقيت التحالفات نفسها وفيما لو صحّت التوقعات الانتخابية واستطلاعات الرأي
التي تعطي تعادلاً بين كل من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وحزب "أزرق ابيض"
بزعامة بيني غانتس.
واللافت في هذه الانتخابات، وبعد أن غاب الموضوع الفلسطيني
لفترة طويلة عن الانتخابات، وبعد أن حوّله نتنياهو لمجرد قلق أمني من غزة، عودة الصراع
الفلسطيني الاسرائيلي الى الواجهة، خاصة من باب "صفقة القرن" الذي فتحه الرئيس
الأميركي دونالد ترامب على مصراعيه تمهيدًا للقضاء على القضية الفلسطينية برمّتها.
وبالرغم من ذلك، لا توجد تباينات جوهرية بين المرشحين
الاسرائيليين في نظرتهم الى موضوع الصراع مع الفلسطينيين وتأسيس دولة فلسطينية، فالجميع
يرفض تأسيس "دولة" فلسطينية كما تنص عليها القرارات الدولية ذات الصلة، والكل
متفق على رفض تقسيم القدس، وعلى اعتبارها عاصمة
دولة "اسرائيل"، ويتفق الجميع أيضًا على تأييد تطبيق مندرجات "صفقة
القرن" التي تبناها تحالف "أزرق أبيض" فور طرحها.
يعتقد البعض في "اسرائيل" ان إطالة أمد الصراع
واتخاذه الطابع المتطرف ورفض كل الحلول المقبولة فلسطينيًا، خدم نتنياهو في السابق
وحوّل نظرة المجتمع الى الصراع الى نظرة أكثر تطرفًا وتشددًا من قبل، وهذا ما دفع جميع
المرشحين لتبني خطاب أكثر يمينية يشدد على السيطرة الاسرائيلية الكاملة على كل أراضي
فلسطين المحتلة من النهر الى البحر، ولو تباينت المقترحات حول النظرة الى الحلّ، بين
من يقترح دولة فلسطينية منزوعة السلاح، أو استقلال ذاتي، أو تهجير كامل للفلسطينيين...
فعليًا، يعيش المجتمع الاسرائيلي صراعات دينية وعلمانية
وداخلية حول "هوية الدولة ومستقبلها"، تؤثر بالتالي على نظرتهم الى كيفية
التعامل مع الفلسطينيين، ولكن هذا لا يعني أن بقاء نتنياهو أو رحيله سيّان بالنسبة
للعرب والفلسطينيين، وذلك للأسباب التالية:
-
تعهد نتنياهو بضمّ غور الأردن وأجزاء أخرى من الضفة الغربية من بين "4 مهام كبرى
فورية" يعتزم القيام بها فور نجاحه في الانتخابات، كما تعهد بتوسيع الوحدات الاستيطانية
الى مناطق لم تكن مدرجة سابقًا.
-
لقد أمّن نتنياهو خلال فترة وجوده الطويلة في الحكم، شبكة علاقات خارجية هامة تدعم
"اسرائيل" وتغض النظر عن خروقاتها للقانون الدولي وغطرستها وعدوانها المتكرر
على الفلسطينيين وعلى سوريا ولبنان والعراق. فلقد حاول كل من الرئيس الاميركي دونالد
ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين التدخل، في السابق وخلال هذه الانتخابات، لإعطاء
نتنياهو هدايا مجانية للفوز في الانتخابات ولتقوية موقفه داخليًا على حساب كرامة الشعوب
العربية.
بعد إعلان صفقة القرن واعتبار توقيتها "خدمة"
لنتنياهو للنجاح في الانتخابات القادمة ، قام نتنياهو بزيارة موسكو لاطلاعه على الصفقة
وحصل على هدية روسية من الرئيس فلاديمير بوتين وهي العفو عن المواطنة الإسرائيلية نعاما
يساسخار التي اعتقلت بتهمة حيازة المخدرات وصدر حكم بحقها بالسجن لمدة سبعة سنوات وستة
أشهر.
علمًا أنه في الانتخابات السابقة، قدم بوتين هدية أخرى لنتنياهو، تجلت في تسليمه رفات
الجندي الاسرائيلي الذي قُتل خلال الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982. واعتبر بوتين
بأنه يرسله الى اسرائيل ليحصل على “التكريم” الذي يستحقه في بلاده.
إذًا، من مصلحة العرب في فلسطين
أن يخسر نتنياهو الانتخابات، وذلك لدق مسمار إضافي في نعش "صفقة القرن"،
لكن كما تشير الاستطلاعات، فإن نتنياهو وبالرغم من اتهامه بالفساد، لا زال يحظى بنسبة
تأييد هامة في المجتمع الاسرائيلي الذي يجنح يومًا بعد يوم نحو تطرف أكثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق