2021/12/20

غوتيرش في بيروت...بين الواقع والأوهام اللبنانية

يزور الأمين العام للأمم المتحدة بيروت، ويعقد اجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين، وأفراد من المجتمع المدني وبعض الشخصيات الدينية وغير الدينية، ويقوم بزيارة المرفأ وغيرها.

 

 وكما في كل مناسبة حيث يطرح موضوع الامم المتحدة، يتوهم بعض اللبنانيين أن هذه الزيارة ستكون عاملاً تغييرياً كبيراً في التوازن الداخلي، حيث يشير بعض المحللين الى أن الأمين العام يأتي ليفرض تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها الـ1701 والـ1559، ويطالب بضرورة حصر السلاح في يد القوى الشرعية اللبنانية، وضرورة منع أي نشاط عسكري جنوبي الليطاني الا للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وأنه لم يعد مقبولاً السكوت عما يفعله ح ز ب الله في الجنوب.

 

بينما يتوهم البعض الآخر، أن الأزمة الاقتصادية والانهيار المؤسساتي سيجعل من الأمين العام للأمم المتحدة قابلاً للطرح الذي يشير الى اعتبار "لبنان دولة فاشلة"، وبالتالي من "واجبه" أن يعرض وصاية دولية على لبنان على هذا الأساس.

 

إن اوهام اللبنانيين هؤلاء، لا يمكن صرفها في أي مجال ولا مع أي مسؤول أممي سواء غوتيرش أو سواه. إن تطبيق القرارات الأممية، منوط بقدرة الدول نفسها على تطبيقها، وإن عجزت عن ذلك يتحول الأمر الى مجلس الأمن، الذي تغلب عليه التوازنات ومصالح الدول الخمس الكبرى.

 

أولاً، بالنسبة لنزع سلاح الميليشيات الذي يتحدث هؤلاء عن تطبيقه، إن عدم قيام لبنان بتنفيذ هذا البند، لا يعني أن الدول الكبرى في مجلس الأمن مستعدة لزج جنودها في ساحات القتال لتنفيذ بند من بنود القرارات وخاصة نزع سلاح قوة داخلية بقوة الحزب وحيث فشلت اسرائيل في ذلك. هذا إذا سلمنا أن هناك توافقاً شاملاً بين أعضاء مجلس الأمن، وقبولاً من جميع الأعضاء الذين يملكون حق الفيتو بضرورة "التدخل" أو "الضغط" لتطبيق هذا البند.

 

ثانياً، إن دعوة بعض اللبنانيين الى وصاية دولية على لبنان، تشير الى أن بعض اللبنانيين مستعدين للتعامل مع احتلال لبلدهم في حال أدّى ذلك الاحتلال الى كسب شخصي لهم على حساب الآخرين في الوطن، هذا في التقييم القيمي الاخلاقي.

 

أما في التقييم القانوني الدولي، فإن فرض وصاية على لبنان بوصفه دولة فاشلة لا وجود له في القانون، ولم يحصل في تاريخ الأزمات والانهيارات الاقتصادية التي عاشتها العديد من الدول. أما قضية الصومال، التي انهارت فيها كل مقومات الدولة والقدرة على "السيطرة الفعّالة" على البلاد، فإن الاجراءات الأممية فيها حصلت بموجب قرارات من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وهو ما نجزم بعدم القدرة على حصوله في الحالة اللبنانية.

 

في كل الحالات، إن استدعاء الخارج ضد الآخرين في الوطن، هي ميزة لبنانية مستمرة منذ زمن، وهي تشي بأن اللبناني لم يخرج من عقلية الغالب والمغلوب، بالرغم من أنه لم يستطع أن يحققها يوماً، وقد أجبر دائماً على الذهاب الى تسويات في النهاية بعد فشل التدخلات الخارجية، فحبذا لو يوفر اللبنانيون على انفسهم والشعب اللبناني الأزمات، فيختصرون المسافات ويذهبون الى تسوية مباشرة بدون تضييع وقت. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق