2020/10/12

عودة الحريري "الجديد"؟

 

تبدأ اليوم المشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري لتعويم نفسه مجددًا كرئيس حكومة بعد سنة تقريباً على استقالته على أثر ثورة 17 تشرين الأول 2019، والتي أدّت الى تقويض "التسوية الرئاسية" وخروجه من رئاسة الحكومة.

 

ولعل ما يقوم به الحريري اليوم، هو قيامه بمشاورات التأليف قبل التكليف، وهو الذي عاب على رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، خلال مرات سابقة قيامه باستمزاج الآراء والتشاور لتسهيل ولادة الحكومة ومساعدة الرئيس المكلف على انجاح حكومته. حينها اعتبر الحريري قيام رئيس الجمهورية بتأخير الدعوة الى الاستشارات، ضربة للطائف وللدستور، بينما ما يقوم به اليوم هو المسار ذاته: التشاور على التأليف قبل التكليف.

 

ولا شكّ أن محاولة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة تطرح على بساط البحث، أمور عديدة أهمها:

 

- الأمر الأول: الرضى الخليجي ( بالتحديد السعودي) على عودة الحريري، وهو - أي الحريري- يعاني من علاقة متوترة مع السعوديين منذ عام 2017، حين تمّ استدعاؤه الى السعودية وإجباره على الاستقالة.

 

لا يبدو أن الفيتو السعودي على الحريري قد زال، وبكل الأحوال، لا يبدو أن السعوديين بوارد تسهيل ولادة أي حكومة في لبنان، خاصة بعدما أعلنوا أنه لا حلّ في لبنان بدون "نزع سلاح حزب الله". وتبقى الاسئلة المنطقية التي لم يفصحوا عن أجوبتها: من سينزع هذا السلاح؟ من هي الجهات التي تعتقد السعودية أنها مؤهلة وقادرة على نزع هذا السلاح؟ الأكيد أن لا أحد في الخارج مستعد للقيام بمغامرة حربية لنزع هذا السلاح والغرق في الوحول اللبنانية، فمن هي الجهة الداخلية التي ستقوم بذلك؟

 

إن ما يريده السعوديون بالتحديد هو وصفة لحرب أهلية لبنانية. ولا يمكن الاعتقاد أن سعد الحريري - وبغض النظر عن حاجته لرضى المملكة عليه - سيكون بوارد الدخول في حرب أهلية مذهبية لبنانية لن تفيد أحداً، ولن يخرج منها لبنان والمنطقة بسهولة.

 

وعليه، هل يمكن القول أن الحريري اليوم يأتي بغير رضى سعودي؟ فهل يمكن أن يكون قد استثمر صداقته مع مايك بومبيو والفرنسيين، لغض نظر سعودي عن عودته الى السلطة في لبنان؟. الجواب على هذا السؤال، يعطي الأجابة على قدرة الحريري على تخطي الحرد السعودي والعودة الى السلطة.

 

- الأمر الثاني: داخلي

 

بعد استقالة الحريري بطريقة المفاجئة، وبعدما وصلت الأمور مع شركائه في التسوية الرئاسية الى طريق مسدود، استقال الحريري واعتكف في قصره تاركاً البلاد في مهب الريح، ومتسبباً في تعطيل مجلس الدفاع الأعلى الأمر الذي ساهم بنشر فوضى قطع الطرق وإدخال البلاد في أزمات إقتصادية فاقمت الوضع الاقتصادي المزري الذي كان لبنان يعيشه بالأساس.

 

ما الذي سيعرضه الحريري على الشركاء من الأحزب السياسية هذه المرة؟ هل سيتركهم أمام خيار اعتمده سابقاً: أنا أو أحرق أي مرشح حكومي غيري؟ هل سيتكّل على الضغوط الفرنسية والوقت الداهم أمام اللبنانيين وهم يرون تبخّر الدعم وتبخّر ودائعهم لتسويق نفسه منقذًا للوضع الاقتصادي؟

 

في الخلاصة، من جرّب المجرب كان عقله مخرّب... ومن حق الشعب اللبناني أن يفقد عقله، خاصة بعدما مرّ بتجارب كثيرة، منها خروج السنيورة من المحقق الى الوزارة، ومنها إعادة تدوير نفس الطبقة السياسية مراراً ومراراً، وتسويق نفس الشخص مرة جديدة بصيغة "المنقذ" بعد أن ثاروا عليه وأخرجوه بصيغة "الفاشل". الأكيد، أن لا أحد ينتهي سياسياً، وأن تدوير الطبقة السياسية، يدوم ويدوم.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق