يتحضر رئيس
الحكومة الأسبق سعد الحريري للعودة رئيساً مكلفاً يوم الخميس المقبل، مع ما يعني ذلك
من أن سنة كاملة من عمراللبنانيين قد ضاعت بين منذ ثورة 17 تشرين، ولغاية اليوم، بما
فيها من أزمات وانهيار اقتصادي وقطع طرق وشلّ
البلد، بدون هدف أو غاية.
يتحضر الحريري
للعودة على حصان أبيض، ويطلب من القوى السياسية التي تريد تسميته، أن توافق على ما
لم توافق عليه منذ سنة، أي منحه تفويضاً كاملاً لإختيار الوزراء في حكومته، وإعطائه
ما يشبه "شيك على بياض" لتنفيذ ما يطلبه الخارج منه، سواء من قبل صندوق النقد
الدولي أو وسواه.
وهنا يتبادر
الى ذهن اللبنانيين، لماذا ضاعت سنة من عمر الوطن؟ لماذا حصل الانقلاب، على شكل ثورة
شعبية لم تستطع أن تحقق أي من أهدافها المعلنة، بمكافحة الفساد واعتماد الشفافية، ومحاسبة
ناهبي المال العام...
كما يبدو
من خريطة التحالفات الراهنة، ومن الكتل التي أعلنت تأييدها لسعد الحريري والتي ستسميه،
وستعطيه صكّ براءة جديد، وتفويضاً جديداً لقيادة سفينة كان يقودها منذ سنة قبل حصل
الثورة - الانقلاب، أن التغيير الوحيد بين حكومة تشرين الأول 2019، وحكومة تشرين الاول
2020، سيكون خروج التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من التشكيلة الحكومية.
إذاً، يبدو
أن الانقلاب - الثورة كان هدفها الوحيد، ضرب التسوية الرئاسية. لقد قامت الأحزاب السياسية
المشاركة في الحكومة بالانقلاب، للتخلص، ليس من حزب الله في الحكومة، كما يوحي البعض،
وكما أعلنت المملكة العربية السعودية مراراً، وكما يشير موقف القوات اللبنانية من تسمية
أي رئيس حكومة، بل للتخلص من التيار الوطني الحر، ودفعه الى المعارضة دفعاً.
بكل الأحوال،
ليس أمراً سيئًا أن يتحوّل التيار الوطني الى المعارضة، لا بل أن تموضعه في المعارضة
اليوم، قد يحقق له أهدافاً عدّة أهمها:
- القيام بمراجعة نقدية شاملة، لكل الأداء السياسي والحزبي الذي مارسه
التيار على مدى الأعوام الماضية، للخروج بخلاصات جذرية ودروس حول الخيارات السياسية التي مارسها. على أن يكون
هناك نقلة نوعية شاملة، تعكس الدروس المستخلصة من تجربة الحكم، ومن تجربة الوزراء الذين
اختارهم التيار لتمثيله في الحكومات المتعاقبة، وكثر منهم لم يكونوا على قدر المسؤولية
والشفافية المطلوبة من التيار الوطني الحر بالذات.
- القيام بمراجعة شاملة للإدارة السياسية وخطاب التيار وتصريحات مسؤوليه
وقياديه، ومدى تأثير هذه الممارسة على ثقة الرأي العام وتأييده، ودراسة أسباب الخسارات
المتحققة شعبياً منذ تسونامي 2005 ولغاية اليوم،
أو على الأقل منذ تولي العماد عون رئاسة الجمهورية اللبنانية ولغاية اليوم.
- لا شيء يمنع أيضاً، من مناقشة داخلية هادئة ورصينة وجريئة وبعيدة
كل البعد عن الغرائز والعواطف ومحاولة إلقاء اللوم والمسؤوليات على الآخرين، يناقش
فيها التيار تحالفاته السياسية السابقة، سواء كانت مع أحزاب أو قوى سياسية أو أفراد،
ودراسة مدى تأثير هذه الخيارات على النتائج التي وصل إليها التيار اليوم، في ظل تخلّي
العديد من الحلفاء أو ابتعادهم عنه.
وفي هذا
الإطار، تقتضي الظروف المصيرية التي يمر فيها لبنان أن تواجه قيادة التيار بشجاعة ومسؤولية،
الأسئلة المتصاعدة داخل التيار حول جدوى التفاهم مع حزب الله، والمدى الذي وصل له هذا
التفاهم، وماذا حقق للبنان، وللتيار والحزب؟.
ان التهرب من علاج هذه الأسئلة والأصوات المتصاعدة، ومواجهتها بالتطنيش أو التخوين أو تركها ضمن مساحة التواصل الاجتماعي أو الدردشات الداخلية بدون الوصول الى مناقشتها على مستويات أعلى، وطرحها للنقاش في الحيّز الحزبي للوصول الى خلاصات واستنتاجات نهائية تعطى للمحازبين، ستجعل من هذا التفاهم قابلاً للعطب بسهولة بعد أن أنهكته الممارسة السياسية، وازدادت الأصوات المتصاعدة داخل التيار والتي تلقي بمسؤولية كبيرة على حزب الله في انهاء عهد الرئيس عون بدون نتائج تغييرية تذكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق